التعليم الفني في إثيوبيا.. جهود رائدة رعى الإمبراطور بذرتها
يعود تاريخ التعليم الفني في إثيوبيا إلى عهد الإمبراطور هيلا سيلاسي (1930- 1974).
اتسم الرجل برؤية خاصة للفنون المرئية ولعب دوراً رئيسياً في إنشاء المدرسة الأفريقية للفنون في إثيوبيا، لتدريس الفنون والتصميم وتُعرف باسم "المدرسة الأفريقية الأولى للفنون".
وفقاً للوثائق التاريخية، كان التعليم الفني في إثيوبيا موجوداً منذ قرون، وفي أواخر عهد الإمبراطور منليك الثاني، حيث سافر خلال حكمه، العديد من الإثيوبيين إلى دول أوروبية مثل إيطاليا وفرنسا لدراسة الرسم والنحت.
ومن بين هذه الأسماء: زريهون دومينيك، جيتاتشو دافرسا، أجنهو إنجدا، أببي ولد جورجيس وأفورق جبر يسوس، ويرجع الفضل إلى هؤلاء في إدخال تقنيات التعليم الفني الحديث في البلاد.
ومنذ ذلك الحين بدأ الإثيوبيون في تعليم الأطفال الموهوبين على الفن وهو ما يعتبر بمثابة بداية تعليم الفن الحديث في إثيوبيا.
وأجرت "العين الإخبارية"، مقابلة مع أجنهو أدان، مدير مدرسة "ألفلج سلام" للفنون في إثيوبيا، مشيراً إلى الدور الطليعي الذي لعبته المدرسة.
وقال أدان إن الفنانين الإثيوبيين الذين تلقوا تعليمهم في أوروبا بذلوا جهوداً مختلفة بمبادرتهم الخاصة؛ مرجعاً الفضل إليهم في افتتاح المدرسة التي لعبت الدور الرئيسي في تنظيم التربية الفنية على المستوى المؤسسي.
وأوضح أن اسم "ألفلج سلام" يعود إلى المعلم الفني الذي درس في أكاديمية شيكاغو للفنون وتدرّب في مجال الفنون بإسبانيا وفرنسا وإيطاليا لمدة 6 أشهر.
وأضاف أن أعماله كانت من أشهر الأعمال الفنية الأصلية والبحثية في القرن العشرين وعرضت في أشهر مراكز الفن عالميا.
وتابع أن ألفلج سلام قدّم اقتراحه للإمبراطور هيلا سيلاسي بشأن أهمية التعليم الفني الحديث، وهو ما أدى إلى إنشاء المدرسة في يوليو/تموز، سنة 1958، باسم "مدرسة ألفلج سلام للفنون والتصميم".
وأضاف: "بعد شهرين من الافتتاح بدأت المدرسة تدرس العلوم الفنية مستعينة بأساتذة أجانب وذلك في سبتمبر/أيلول، 1959".
ولفت إلى أنه نتيجة لتعاقب الحكومات ونظرتها المتباينة للفنون الجميلة كان لا بد من إدارة المدرسة أن تواكب فكرة وأيديولوجية الحكومات لتخدم أجنداتها.
وأضاف أن الإمبراطور هيلا سلاسي كان له دور رئيسي في تأسيس وممارسة التربية الفنية الحديثة وكانت لديه علاقة قوية بالمدرسة واهتمام خاص بالفنون البصرية، مشيرا إلى أنه حضر احتفال تخريج الطلاب قبيل الثورة التي اندلعت في عام 1974 وأطاحت بحكمه بقيادة منقيستو هايلي ماريام (1974- 1991).
وأضاف أنه في عهد منقيستو بدأ الإثيوبيون يذهبون إلى البلدان الاشتراكية، ودرسوا في أكبر المدارس الروسية للرسم مثل لينينجراد وأكاديمية دريسدن للفنون الجميلة في ألمانيا؛ ومنهم مَن حصل على درجة الماجستير في علوم الآداب.
وأضاف أن حصول الإثيوبيين على التعليم في الخارج لعب دوراً رئيسياً في استبدال الأساتذة الأجانب بإثيوبيين.
وأكد أن فترة حكومة (الجبهة الثورية الديمقراطية للشعوب الإثيوبية) من 1991 إلى 2017 شهدت إهمالاً لقطاع الفن والتعليم.
وأوضح أن مؤسسته تدرس حالياً 5 برامج تحت ظل جامعة أديس أبابا وتمنح درجة الدكتوراه في الفنون البصرية المتكاملة والرسم وفنون الطباعة والتصميم الصناعي، فضلاً عن برنامجين للدراسات العليا (إنتاج الأفلام والفنون الجميلة).
وأضاف أن المدرسة تضم حالياً 200 طالب وطالبة في جميع المستويات، مشيرا إلى أن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، زار المدرسة مؤخراً، كثاني زعيم يزورها بعد الإمبراطور هيلا سلاسي.
وأشاد مدير المدرسة باهتمام رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، لافتاً إلى أنه يولي اهتماماً كبيراً للفنون الجميلة حيث أنشأ مركزاً فنياً إضافياً في حديقة أنطوطو.
واختتم تصريحاته قائلاً إن هذا المركز الحديث سيوفر فرصة كبيرة لنا للتواصل مع زوار الحديقة المفتوحة.