وجه جديد لفاروق حسني في قصر عائشة فهمي
احتفاء بمعرض الفنان التشكيلي ووزير الثقافة المصري الأسبق فاروق حسني الذي يقدم فيه تجربة فنية جديدة وسط حضور جماهيري كبير.
داخل بهو قصر عائشة فهمي الأثري بالقاهرة، وقف الفنان التشكيلي ووزير الثقافة المصري الأسبق فاروق حسني يستقبل وفوداً من جمهور معرضه الجديد، مساء الثلاثاء، الذي اتسم بطابع "احتفالي".
يضم المعرض نحو 60 عملاً من إبداعات الفنان فاروق حسني، التي قام بالعمل عليها خلال آخر عامين، وتسودها التجربة التجريدية التي يُطلق فيها العنان لمخيلته اللونية المشاغبة، وخطوطه الهندسية والعفوية، والخربشات التي يبحر بها إلى ما هو أعمق من السطح، ويضيف إلى عالمه التجريدي في هذا المعرض عنصر "الكولاج" الذي كان يستخدمه في تجربته خلال الثمانينيات القرن الماضي، ما منح الأعمال طابعاً غنياً وجديداً يضاف لتجربة الفنان الطويلة في الفن التشكيلي.
وفي تصريح خاص لـ"العين الإخبارية" قال الفنان فاروق حسني إن المعرض يجمع خلاصة تجربته الفنية؛ لا سيما التجريدية واستخدام الكولاج، التي قام بمزجها هذه المرة، وأثنى على إقامة المعرض في قصر عائشة فهمي، الذي ما زال يحتفظ بوجهه التاريخي والأثري الجميل، على حد تعبيره.
تتسع المساحات اللونية للوحات المعرض لأعماق اللون الأزرق بدرجاته، وبهجة الأصفر، واشتباك الأسود والأحمر المباغتين، في لغة لونية دالة يصنع بها حسني مفردات عالمه التجريدي الخاص، الذي يتسم بالغموض الظاهري، ويحرض الناظر إليه إلى تقفي المعنى وراء هذا الظاهر، والتماس الحي مع رحلة فاروق حسني الغارقة في الخيال، وتصفها الدكتورة أمل نصر، التي أعدت دراسة عن معرض حسني وردت في كتالوج المعرض "إنها متعة جماليات الفعل الفني في ذاته الذي تتلقاه العين المستجيبة في رحلة شائقة من الحس إلى الذهن إلى العاطفة ذهاباً وإياباً، ولا يمنع الأمر من أن تلعب لعبة تفسير أحجيات اللون والخط والهيئات الناتجة عن نسجهما، أن تغرق في مساحات لون عميق يصلح لأن تملأه ذاكرتك بما تريد. أن تكتشف ـ بلغة الأدب ـ ثريا النص في كل لوحة من أعماله، إنها متعة فريدة يدركها من يؤمن ويرى قيمة الشكل وعطاءاته الخاصة".
وتضيف الدكتورة أمل نصر: "يفسح التجريد مساحات أكبر للتأويل فهو لا يحيل المتلقي لشكل جاهز يعرفه مسبقاً تنتهي رحلة تلقيه بمجرد التعرف عليه؛ حيث يتصفح المتلقي ذاكرته بحثاً عن مستندات مصورة لعناصر في الواقع تتشابه مع ما يراه، بل يقود التجريد المتلقي ليبحث عن مدخل للفهم يزيل به الغموض الظاهري للشكل، فمن الطبيعي أن نبحث عن أشكالنا الخاصة أو نسقطها على هيئات وخيالات اللون المجردة. إلا أن الفن التجريدي يحتاج إلى رؤية لا تنتهك خصوصية لغة الشكل واستقلاليتها ووجودها الخاص، وكلما كانت اللوحة مجردة كانت محيرة تتطلب من المتلقي عمليات من التلقي الواعي ومحاولة استقبال دلالتها الشكلية واستحضار يقظة ذهنية خاصة لفك غموضها ويقظة عاطفية أهم لاستقبال رسائلها، أو لا يسعه إلا أن يستسلم بسعادة لسحر اللون والشكل في حد ذاتهما، وهذا في ظنى أجمل أشكال تلقي الفن التجريدي وأكثرها إمتاعاً؛ خاصة في التعرض لتجربة مثل التي يقدمها فاروق حسني في فنه".
وفي كلمته قال الدكتور خالد سرور رئيس قطاع الفنون التشكيلية عن أعمال المعرض: "إننا أمام حالة فنية تفيض بطاقات شعورية نُسجت لونيًا وهندسياً وتعبيرياً بموهبة وخبرة أثراها التجريب المستمر والبحث عن التفرد، لوحات بعضها تَحُفه السكينة وأخرى متمردة ومشاغبة حتى على النمط التقليدي للمدرسة التجريدية، جميعها حالات لا حدود أو حواجز لتعاطي الخيال والوجدان معها، ومعها تتنوع إيقاعات ومساحات الإدراك لدى المتلقي فالمعاني مُطلقة لا نهاية لها، نظراً لرحابة وسحر السطح التجريدي".
وحضر حفل افتتاح المعرض، الذي يستمر حتى 24 مارس/آذار الجاري، عدد كبير من الشخصيات العامة والفنانين والكتاب؛ من بينهم أمين عام جامعة الدول العربية الأسبق عمرو موسى، وعالِم الآثار المصري زاهي حواس، والدكتور شاكر عبدالحميد وزير الثقافة المصري الأسبق، والفنان حسين فهمي، والفنانة إلهام شاهين، والفنان جورج بهجوري، علاوة على قطاع كبير من الجمهور وطلبة الفنون الجميلة.
عرضت أعمال فاروق حسني، مواليد 1938، في العديد من المتاحف الدولية، أبرزها متحف المتروبوليتان في نيويورك، ومتحف كاروسيل باللوفر في باريس، ومتحف طوكيو للفنون باليابان، ومتحف هيوستن للفنون بالولايات المتحدة الأمريكية، ومتحف الشارقة بدولة الإمارات، ومتحف فورت لودرديل الولايات المتحدة الأمريكية، ومتحف فيينا القومى بالنمسا، ومتحف فيتوريانو بروما.