الجنازة حارة والخلاف على فساتين.. صراع الأزياء والتراث لا ينتهي
المكسيك تحتج على استخدام دار "كارولينا هيريرا" زخارف بلدة تينانجو دي دوريا الفقيرة وتتهمها بالاستحواذ على الفن الحرفي للسكان الأصليين
تنفي أوساط الموضة لجوءها إلى الاستحواذ الثقافي بعد الهجوم الذي شنته المكسيك على دار كارولينا هيريرا الأمريكية للموضة، المتهمة بنسخ زخارف محلية.
وأكد مصممون خلال أسبوع باريس للموضة، الذي يختتم الأحد، أن استعارة التراث في الملابس مشروعة، لكنهم أشاروا إلى خطوط ينبغي عدم تجاوزها.
وجد ويس جوردون، المدير الفني لماركة المصممة الفنزويلية كارولينا هيريرا في نيويورك، نفسه في عين العاصفة بعد مجموعته الأخيرة لعام 2020 المستوحاة من "العطل الأمريكية اللاتينية" والزاخرة بالألوان والتطريزات.
واحتجت الحكومة المكسيكية على استخدام زخارف بلدة تينانجو دي دوريا الفقيرة جدا، الواقعة في جبال وسط البلاد، متهمة الدار بـ"الاستحواذ" على الفن الحرفي للسكان الأصليين.
هذه القضية هي الأخيرة في سلسلة من القضايا المماثلة التي أثارت جدلا، وقبل ذلك احتجت المكسيك على بعض تصاميم زارا ومانجو ومايكل كورس.
ومنذ 4 سنوات، أخذت مجموعة محلية من السكان الأصليين في المكسيك على المصممة الفرنسية إيزابيل ماران، استعارتها تصميم قميص من شعب تلاهويتولتيبيك، الذي يعود لـ600 عام.
ويسعى بعض المسؤولين في المكسيك إلى تشديد القانون حول حقوق الملكية الفكرية، الذي يحمي المهارات التقليدية؛ لمعاقبة "السرقة التي تعاني منها شعوب السكان الأصليين".
قال البلجيكي كريس فان إشكه، المدير الفني لدار "بيرلوتي": "تابعت دراستي في أكاديمية أنفير، إذ نتعلم أن نستوحي من الثقافات الأخرى، فلا ضير في ذلك".
وأضاف: "نستوحي من شيء ما، الهدف هو الاعتراف بذلك وإعادة تفسيره، لكن الخط الأحمر هو الاحترام".
الثقافة ملك للجميع
أما أليخاندرو جوميس بالومو، وهو مصمم إسباني شاب بدأ يسطع نجمه، فيعتمد موقفا قاطعا أكثر، مؤكدا أن "الاستحواذ الثقافي مفهوم علينا أن ننساه جميعا، فثمة جدل كبير في حين أننا نعيش في عالم معولم".
وأضاف المصمم، حيث أسس ماركة "بالومو سبين": "الثقافة ملك للجميع، فبدلا من إلحاق الضرر تقربنا كارولينا هيريرا من الثقافة عموما ومن ثقافة المكسيك خصوصا".
بينما شدد المصمم البريطاني كيم جونز، من دار ديور للرجال، على ضرورة "التعامل بحساسية مفرطة" في هذه المسألة.
وأوضح: "ينبغي معاملة الجميع بكثير من الاحترام، ترعرعت في دول مختلفة وثمة أشياء خاصة لكل مكان، ويكفي العمل مع الناس والإصغاء إليهم والاحتفاء بما يقومون به؛ لتسير الأمور على خير ما يرام".
خلال توليه دار لوي فويتون لفترة طويلة، أدرك كيم جونز كم أن المسألة معقدة، فهو ترعرع في كينيا وتنزانيا، وأدخل على مجموعة الرجال في دار الموضة الفرنسية الفاخرة، الشوكا وهو رداء شعب ماساي الكيني الشهير الأحمر والأزرق.
وأثار ذلك احتجاجات من الماساي، واستعان بعضهم بخدمات محامين للمطالبة بتعويض من ماركات كالفن كلاين ورالف لورن وجاجوار لاند روفر؛ لاستخدامها هذا الرمز.
إلا أن الشوكا مستمدة أصلا من قماش الترتان، الذي استقدمه التجار والمبشرون الاسكتلنديون إلى الوادي المتصدع في القرن الـ19 في شرق أفريقيا.
وقال كيم جونز إن المسألة بالنسبة له تقتصر على خيارين، "فإما التقدير وإما الاستحواذ الثقافي".
وختم قائلا: "عندما عملت على أشياء لها رمزية ثقافية سألنا الأطراف المعنية إن كانت توافق على استخدامنا، وكانت تحصل على بدل مادي في مقابل ذلك، أو عملنا معا بالتعاون في التصاميم، مساعدتنا لهم أساسية فعلا".