ود مدني تكتوي بنيران الحرب.. السماء للجيش والأرض لـ«الدعم السريع»
رغم التحذير الأمريكي لقوات الدعم السريع، إلا أن لهيب المعركة ما زال يحاصر مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة وسط السودان، التي تعتبر وجهة ملايين النازحين الأولى الفارين من نيران الحرب في الخرطوم.
وكانت الولايات المتحدة وجهت يوم السبت تحذيرًا إلى قوات الدعم السريع، مشيرة إلى أن المواجهات الأخيرة بينها والجيش السوداني، باتت تشكل تهديدا خطيرا على المدنيين وجهود الإغاثة، وحضت المقاتلين على تجنيب منطقة تضم مراكز مساعدات وعشرات آلاف النازحين المعارك.
إلا أن القتال الذي اندلع الجمعة الماضية، قالت عنه مصادر عسكرية لـ«العين الإخبارية»، إن قوات «الدعم السريع»، ما زالت تنتشر لليوم الثالث على التوالي، على ضفاف النيل الأزرق، وتستهدف منطقة كبري «حنتوب» الذي يربط المدنية شرقا وغربا من أجل التوغل إلى داخل المدينة.
اشتباكات عنيفة
وبحسب المصادر العسكرية، فإن الاشتباكات تدور بكثافة في محيط الفرقة الأولى مشاة، ومربع 10 حي المنصورة بمنطقة حنتوب التي تبعد 4 كيلو مترات من الفرقة العسكرية التابعة للجيش السوداني.
المصادر العسكرية، أضافت أن «قوات الدعم السريع تحاول التقدم نحو هدفها عبر 3 محاور، وهي: محور الشمال، والجنوب، والشرق عن طريق مدني القضارف»، مشيرة إلى أن «الجيش السوداني، ينتشر بكثافة في محيط كبري حنتوب، والمنطقة العسكرية، مع تحليق مكثف للطيران الحربي والمسيرات، وأن قوات الدعم السريع ترد بالمضادات الأرضية».
وبحسب المصادر العسكرية، فإن الطيران الحربي يشارك لأول مرة بأكثر من 14 طائرة مسيرة، وقوات تتجاوز الـ30 ألف مقاتل لحماية المدينة الاستراتيجية من السقوط.
وأفاد شهود عيان لـ«العين الإخبارية»، أن المدينة تشهد موجة نزوح مستمر نحو مدن السودان الشرقية مثل الفاو والقضارف وكسلا وبورتسودان، ومدن سنار والدمازين (جنوب شرق البلاد).
ولجأ زهاء نصف مليون نازح إلى ولاية الجزيرة منذ اندلاع النزاع العسكري بين الجيش وقوات الدعم منتصف أبريل/نيسان الماضي، أقام نحو 86 ألفا منهم في عاصمتها ود مدني، وفق أرقام الأمم المتحدة.
وضع مترد
ويقول المواطن، محمد مصطفى، في حديث لـ«العين الإخبارية»، إن «شارع مدني – الفاو يزدحم بآلاف المواطنين النازحين سيرًا على الأقدام»، مضيفًا أن «إغلاق الأسواق، مع انعدام المواصلات أدى إلى حالة من الخوف والذعر في صفوف المواطنين».
وأوضح مصطفى، أن المستشفيات بالمدينة أغلقت أبوابها بأمر الأطباء، فيما غادر المواطنون برفقة مرضاهم إلى ديارهم والحسرة تملأ قلوبهم.
بدورها، تقول المواطنة عزيزة مصطفى، في حديث لـ«العين الإخبارية»: «حملت أمتعتي مرة أخرى في اتجاه ولاية سنار (جنوب شرق) هربا من القتال والعنف في مدني».
مصطفى أضافت في حديثها لـ«العين الإخبارية»: «وصلت برفقة أبنائي إلى مدينة مدني في شهر مايو/أيار الماضي، هربا من العنف في الخرطوم، والآن نتجه مرة أخرى نحو المجهول».
تبرير الهجوم
ولتبرير الهجوم على مدينة ود مدني، ذكرت قوات «الدعم السريع»، في بيان اطلعت «العين الإخبارية» على نسخة منه: «في بداية هذا الشهر خاطب قائد الجيش عبدالفتاح البرهان تجمعًا من أنصاره، معلنا أن الفرقة الأولى في مدني قدمت 40 ألف مستنفرا، لمواجهة قوات الدعم السريع، كما قرر أن تكون ولاية الجزيرة نقطة الانطلاق لمهاجمة قواتنا، وكان واجباً علينا الدفاع عن أنفسنا، ووقف الهجوم علينا والذهاب إلى معاقلهم بالولاية».
وأوضح البيان أن «توجيهات قيادة الدعم السريع الصارمة، إلى جميع القوات بحسم الانفلات الأمني وتعزيز الأمن والاستقرار وحماية المواطنين وممتلكاتهم، واضعين في الاعتبار أن ولاية الجزيرة كبيرة ومهمة، وأن النظام البائد قد دمر كل البنى التحتية الاقتصادية، وأهمها مشروع الجزيرة والمؤسسات الخدمية والتعليمية».
وأضاف: «ورغم ذلك استضافت ولاية الجزيرة النازحين من الولايات المتأثرة بالحرب من الخرطوم ودارفور وكردفان والنيل الأزرق وذلك منذ عقود».
حل سياسي
في الأثناء، تعقد اللجنة التنفيذية لتنسيقية القوى المدنية الديمقراطية (تقدم) اجتماعات بالعاصمة الكينية نيروبي في الفترة من 17 – 20 ديسمبر/كانون الأول الجاري في إطار الاتفاق على الترتيبات التفصيلية لعقد المؤتمر التأسيسي للتنسيقية ومناقشة آخر تطورات الحرب ميدانيا وسياسيا وانعكاساتها الكارثية على حياة المواطنين.
وفي بيان اطلعت «العين الإخبارية» على نسخة منه، فإن «(تقدم) إذ تمضي بثبات نحو توحيد القوى المدنية الديمقراطية من أجل إيقاف الحرب وتحقيق السلام المستدام واستعادة مسار ثورة ديسمبر، تجدد دعوتها لكل من القوات المسلحة وقوات الدعم السريع، إلى تغليب صوت العقل والمصالح الوطنية العليا عبر إنهاء هذه الحرب بحل سياسي متفاوض عليه يؤسس لدولة مدنية ديمقراطية ذات جيش مهني قومي واحد».
وتقول «تقدم»، إنها تابعت «بكل أسف التطورات المأساوية خلال الأيام الماضية ممثلة في قصف نيالا بالطيران وانتقال الحرب إلى ولاية الجزيرة وعاصمتها ود مدني التي كانت ملاذا آمنا لملايين الفارين من جحيم الحرب في الخرطوم، فضلا عن (الإضية) بغرب كردفان واندلاع القتال في مدينة الفاشر».
وأشار البيان إلى أن «الإعراض عن الحل السياسي ينذر باتساع دائرة الحرب ووصولها إلى الولايات الآمنة وتفاقم المأساة الإنسانية ويقود في النهاية إلى تقسيم البلاد كما يخطط فلول النظام البائد».
ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023، يشهد السودان حربا بين الجيش والدعم السريع خلَّفت أكثر من 9 آلاف قتيل، فضلا عما يزيد على 6 ملايين نازح ولاجئ داخل البلاد وخارجها، وفق الأمم المتحدة.
aXA6IDMuMTM2LjIzNi4xNzgg جزيرة ام اند امز