غموض يحيط بمصير استشارات تكليف رئيس الحكومة في لبنان
قبل ساعات من موعد الاستشارات النيابية، ما تزال كل الخيارات على الطاولة، سواء بالتأجيل أو التوافق على الخطيب أو إعادة تكليف الحريري.
يلف الغموض مصير الاستشارات النيابية المقررة يوم غدا الإثنين ونتائجها مع الأصوات التي ارتفعت معترضة على المرشح المتفق عليه رجل الأعمال سمير الخطيب.
وقبل ساعات من الموعد المقرر تبدو كل الاحتمالات قائمة، سواء بتأجيل الاستشارات أو السير بالاتفاق على الخطيب أو حتى إعادة تكليف رئيس وزراء حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري، الذي كان يرفض حتى اللحظة الأخيرة إعادة التأليف متمسكا بشرط حكومة تكنوقراط للقبول ترؤسها.
وإضافة إلى رفض الشارع اللبناني والمتظاهرين لاسم الخطيب بدأت علامات الاستفهام تطرح حول مصير التوافق بشأن تكليفه مع انتقاد رؤساء الحكومة السابقين، تمام سلام وفؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي موقف رئاسة الجمهورية في التعاطي مع الملف، وإصرارها على التوصل لاتفاق قبل إجراء الاستشارات، وهو ما عدوه خرقا للدستور.
ويلتزم رئيس الجمهورية في لبنان بالدعوة إلى استشارات ملزمة للكتل النيابية لتكليف شخصية سنية بتشكيل الحكومة.
وانتقدت العائلات البيروتية بدورها اختيار رئيس الجمهورية ووزير خارجية حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل للمهندس سمير الخطيب قبل الاستشارات النيابية الملزمة "تخطياً لدستور الطائف وعودة بالممارسة إلى دستور ما قبل الحرب الأهلية، وتجاوزاً للميثاقية وصلاحيات رئيس مجلس الوزراء".
وطلبت العائلات وفي بيان باسمها من الخطيب الاعتذار عن الترشح لرئاسة الحكومة حرصاً على هذا المقام، وبناء على هذا البيان عاد النائب نهاد المشنوق وأعلن أنه احتراماً لإرادة أهالي بيروت لن يشارك في الاستشارات النيابية يوم الإثنين.
وانطلاقا من كل هذه المستجدات وتحديدا الأصوات الرافضة للخطيب من جهات في الطائفة السنية، يبدو الإرباك واضحا في صفوف الكتل النيابية، ولا سيما الكبرى منها المعنية أساسا بالاتفاق وأبرزها "التيار الوطني الحر" الذي يرأسه وزير الخارجية باسيل و"تيار المستقبل" الذي يرأسه رئيس الحريري، حيث بات الطرفان في الساعات الأخيرة يتبادلان الاتهامات.
وبينما يقول "المستقبل" إن المشكلة تكمن في إصرار باسيل على عودة وجوه مستفزة إلى الحكومة على خلاف الاتفاق، يتخوف "التيار الوطني الحر" من عدم التزام الحريري بموقفه الداعم للخطيب.
ولم يصدر إعلان رسمي من زعيم تيار المستقبل (18 صوتا) بدعم تسمية الخطيب لكن إشارات صدرت عنه فسرت باعتبارها موافقة ضمنية على الاختيار، فيما لا يزال الفرقاء السياسيين حتى اللحظة الأخيرة، بمن فيهم حزب الله (13 صوتا) وحركة أمل (17 صوتا) يرغبون تكليف الحريري بتشكيل الحكومة الجديدة مع رفضهم في الوقت عينه قبول شروطه.
الشكوك بشأن تسمية الخطيب صدرت أيضا من "التيار الوطني الحر" (27 صوتا)، حيث أشار عدد من نواب الحزب إلى أنه لا يوجد توافق حتى الآن على اسم رئيس الوزراء المكلف، وهو ما يتناقض مع تأكيدات سابقة تشير إلى تأمين ما يقارب الأصوات الـ80 التي تضمن وصوله إلى رئاسة الحكومة.
في المقابل أكد نواب في كتلة "التنمية والتحرير" التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري أنهم ماضون في تسمية الخطيب بينما سيعلن اليوم الحزب التقدمي الاشتراكي (الذي يتزعمه وليد جنبلاد ويملك 9 أصوات) موقفه النهائي بعد اجتماع كتلة اللقاء الديمقراطي.
وفيما شدد مستشار الحريري نديم الملا في حديث تلفزيوني على أن "الحريري لا يزال متمسكا بسمير الخطيب"، داعيا إلى "انتظار كيف تتم الاستشارات النيابية الإثنين"، يقر القيادي والنائب السابق في "تيار المستقبل" مصطفى علوش بأن الغموض هو الذي يلف مصير الاستشارات النيابية.
ويقول علوش لـ"العين الاخبارية" إنه "لا يمكننا التأكيد إذا كانت الاستشارات النيابية ستحصل غدا أو سيكون للبنان رئيسا للحكومة"، ويضيف "صحيح أن الحريري أعطى كلمة بدعم الخطيب لكنه حتى الآن لم تجتمع كتلة المستقبل النيابية ولم يدع للاجتماع في الساعات المقبلة".
ويلقي علوش مسؤولية هذا الإرباك وإمكانية تراجع الاتفاق على الخطيب على وزير الخارجية باسيل، قائلا إنه "لا يزال يتصرف وكأن شيء لم يحصل ويصر على إعادة الوجوه الاستفزازية إلى الحكومة، متمسكا أيضا بالوزارات عينها كالطاقة والخارجية والبيئة ويريد تعيين موظفين لديه في الحكومة على أنهم تكنوقراط، وهذا يخالف الاتفاق، بينما الحريري لن يشارك عبر سياسيين وسيسمي فقط شخصية غير حزبية لوزارة الداخلية".
ويتوقف علوش أمام الأصوات السنية الرافضة للاتفاق على الخطيب إضافة إلى رفض الشارع له، ويقول: "لا بد وأن يؤخذ هذا الأمر بعين الاعتبار لكن في الوقت عينه موقف الحريري ليس سهلا فهو إن تراجع سيقولون لم يلتزم بكلمته وإذا استمر في دعم الخطيب سيكون تخطى هذه المواقف، إضافة إلى أن البقاء بحكومة تصريف أعمال سيكون تدميريا".
وعلى الأرض بدأت التحركات الشعبية الرافضة للاتفاق على الخطيب وسط دعوات للتظاهر بعد الظهر أمام مجلس النواب وفي الساحات في المناطق.
وتجمع منذ الصباح عدد من السيارات عند مدخل وسط بيروت على جسر الرينغ، للانطلاق في موكب يجوب شوارع بيروت بداية من الحمراء إلى الكورنيش البحري- عين المريسة فالأشرفية وصولا إلى ساحة الشهداء، في إطار ما سمي بـ"أحد الاستشارات"، للتأكيد أنها يجب أن تكون للشعب، متمسكين بمطلبهم بتشكيل حكومة تكنوقراط.
ودعا المشاركون في التجمع النواب إلى الرضوخ لإرادة الناس واحترام تضحياتهم وتسمية شخصية مستقلة تحظى بثقتهم ورضاهم والأهم تحمل خطة تجنبهم دفع ثمن الأزمة.
aXA6IDMuMTMxLjEzLjE5NiA= جزيرة ام اند امز