تسفير تونسيين لبؤر الإرهاب.. "العين الإخبارية" تكشف خيوط الإخوان
كيف عبر تونسيون الحدود إلى بؤر الإرهاب؟ ومن أمن لهم الطريق وأخفى آثار المتورطين؟ استفهامات تطوق ملف التسفير تطفو إلى السطح مجددا.
ملف بالغ التعقيد يحاصره إرث الإخوان ممن حاولوا بشتى الطرق التعتيم عليه قبل أن ترتد سهامهم عليهم بخروجهم من الحكم، تتطرق إليه فاطمة المسدي، عضوة لجنة التحقيق التي شكلها سابقا البرلمان التونسي في شبكات التسفير.
وفي مقابلة مع "العين الإخبارية"، كشفت المسدي أن قيادات إخوانية بارزة تخضع للتحقيق بقضية تسفير الشباب التونسي إلى مناطق النزاع، مشددة أن عشرات الأسماء ستسقط قريبا.
وقالت: "عشرات الأسماء ستسقط قريبا، والتحقيق متواصل مع العديد من القيادات الإخوانية المتورطة في شبكة تسفير الشباب للانضمام للجماعات الإرهابية في الكثير من الدول".
دور الإخوان
بالمقابلة، قالت المسدي إن السلطات التونسية شكلت أواخر 2016 لجنة تحقيق برلمانية في الشبكات المتورطة بتجنيد وتسفير الشباب إلى بؤر التوتر، مشيرة إلى أنه في تلك الفترة، تقدم العديد من المواطنين ببلاغات (شكاوى) في اختفاء أبنائهم، لكن لم يتم التحقيق فيها.
وأضافت أن هؤلاء لم يجدوا أذانا صاغية من السلطات الأمنية ومؤسسات الدولة، فتوجهوا إلى البرلمان وقدموا جميع الملفات، لكن الدولة كانت في تلك الفترة متورطة في إخفاء الملفات المتعلقة بقضية تسفير الأشخاص.
وبخصوص علاقة رجل الأعمال والبرلماني السابق عن حركة النهضة الإخوانية محمد فريخة بملف التسفير، أكدت المسدي أن جميع المعطيات تتهم شركة الطيران "سيفاكس ايرلاينز "وصاحبها في عملية دخول وخروج الإرهابيين عبر طائراتها، بالتواطؤ مع نواب الإخوان وقيادات أمنية ورئيس فرقة حماية أمن الطائرات بمطار تونس قرطاج سابقا، عبد الكريم العبيدي.
وأعربت المسدي عن ثقتها في القضاء وبمسار التحقيق الذي سيفضي لزلزال قضائي سيتم من خلاله فهم كل ما عاشته تونس في تلك الفترة السوداء من تاريخها، مشددة على أن خروج تونس من تلك السنوات المظلمة أولوية الآن لتطهيرها من خلال المحاسبة وكشف جميع الملفات.
وتابعت: "لذلك قمنا بتشكيل لجنة تحقيق، لمعرفة الحقيقة، لكن وجود النهضة في السلطة منعنا من التوصل للحقيقة، لأن 80 % من قياداتها متورطة في تسفير التونسيين إلى بؤر الإرهاب".
وفي آخر الدورة البرلمانية (2014-2019)، توضح، "أعلنت النهضة نيتها ترؤس لجنة التحقيق، لمحاولة إخفاء جميع الملفات، لكني فضحت تلك العملية، لأن النهضة أرادت التلاعب بالملفات وتزوير أعمال اللجنة".
ومضت تقول: "منذ انتهاء الدورة البرلمانية وخروجي من البرلمان العام 2019، تعرضت لمضايقات عدة بخصوص ملف التسفير، ورفعت قيادات حركة النهضة الإخوانية العديد من القضايا ضدي".
وأوضحت أن "رئيس فرقة حماية أمن الطائرات بمطار تونس قرطاج سابقا، عبد الكريم العبيدي، قدم ضدي 3 شكاوى، وذلك لأني تحدثت عن ارتباط اسمه بهذا الملف، بالإضافة إلى راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة الذي رفع بدوره دعوى ضدي بتهمة الادعاء بالباطل في ملف التسفير".
و"الملف الذي سلمته إلى مجلس الأمن القومي لم يتم فتحه"، تقول، و"عندما توجهت للقضاء للتثبت، لم أجد أي شكوى فتحت في الغرض، وذلك لأن النهضة كانت ممسكة بزمام الأمور في تلك الفترة".
وقت الحساب
وعما تغير بعد 25 يوليو/ تموز 2021، أي عقب انطلاق المسار الإصلاحي، قالت المسدي، إن الوقت حان للنظر في هذا الملف بكل مصداقية خاصة بعد عزل المدعي العام البشير العكرمي، الذي كان يتستر على مخالفات النهضة لعدم فتح أي قضية ضدها.
وتمضي المسدي في استعراض مسار معركتها حول الملف، قائلة إنه "في ديسمبر (كانون الأول) 2021، تقدمت للمحكمة العسكرية، التي أحالت بدورها الملف على القطب القضائي لمكافحة الإرهاب (محكمة مختصة)".
ولفتت إلى أنه تم استدعاؤها في 7 فبراير/ شباط الماضي للشهادة، وقدمت جميع المعطيات المتوفرة لديها للقضاء، وبعد سبعة أشهر بدأ توقيف المشتبه بتورطهم في الملف وبدأت المحاسبة.
وعن وجود أسماء إخوانية جديدة سيتم التحقيق معها قريبا، شددت المسدي على أن عشرات الأسماء المتورطة في شبكات التسفير سيكشف عنها النقاب قريبا، معتبرة أن هذه تعد اكبر عملية خطيرة حصلت في تاريخ تونس.
وبخصوص علاقة رجل الأعمال والبرلماني السابق عن حركة النهضة الإخوانية محمد فريخة بملف التسفير، أكدت المسدي أن جميع المعطيات تتهم شركة الطيران "سيفاكس ايرلاينز "وصاحبها في عملية دخول وخروج الإرهابيين عبر طائراتها، بالتواطؤ مع نواب الإخوان وقيادات أمنية ورئيس فرقة حماية أمن الطائرات بمطار تونس قرطاج سابقا، عبد الكريم العبيدي.
وأعربت المسدي عن ثقتها في القضاء وبمسار التحقيق الذي سيفضي لزلزال قضائي سيتم من خلاله فهم كل ما عاشته تونس في تلك الفترة السوداء من تاريخها، مشددة على أن خروج تونس من تلك السنوات المظلمة أولوية الآن لتطهيرها من خلال المحاسبة وكشف جميع الملفات.
برلمان بلا إرهابيين
المسدي تطرقت أيضا إلى القانون الانتخابي الجديد، وشروطه التي تمنع الإخوان والأحزاب الفاسدة من المشاركة بالاستحقاقات، وقالت إن "لا أحد يعلم الفحوى، لكنني اتمنى أن يتضمن القانون شرط النظافة والنزاهة، كي لا يدخل البرلمان أي إرهابي مثلما حصل في السابق".
وأشارت إلى أن الانتخابات التشريعية ستتم بنظام الأفراد، لكن يجب أن يتضمن القانون شرط وجود المرأة في البرلمان بحسب مبدأ التناصف أي المساواة مع الرجال من حيث العدد.
والمسدي فازت في الانتخابات التشريعية لعام 2014 عن حزب نداء تونس (حزب الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي)، واستقالت منه بعد تحالفه مع حركة النهضة الإخوانية.
وعرفت بمساندتها لمسار 25 يوليو/ تموز 2021 بقيادة الرئيس قيس سعيد، وشاركت في صياغة دستور الجمهورية الجديدة، وتقدمت أواخر العام المذكور بشكوى ضد الإخوان حول ملف شبكات التسفير.
وقبل سنوات، شكْلت تونس لجنة برلمانية للتحقيق في الشبكات المتورطة بتجنيد وتسفير الشباب إلى بؤر التوتر في العالم، للمشاركة في القتال بصفوف تنظيمات إرهابية.
وبحسب تصريحات سابقة لعدد من القيادات الأمنية التونسية، لعبت حركة النهضة الإخوانية -حين كانت بالحكم- دورا رئيسيا في تسهيل عبور الإرهابيين من مطار قرطاج، إضافة إلى تدريب عدد من الشباب على استعمال الأسلحة في 3 مراكز تابعة لوزارة الداخلية، وتمرير حقائب من الأموال.
وبحسب أحدث البيانات، اعتقلت السلطات التونسية، في إطار القضية، الكثير من الأسماء البارزة، مثل فتحي البلدي وعبد الكريم العبيدي، وفتحي بوصيدة، والنواب التابعين للإخوان محمد فريخة، ورضا الجوادي، ومحمد العفاس، إضافة إلى البشير بلحسن (إمام)، ووزير الشؤون الدينية الأسبق نور الدين الخادمي.