نحن أمام ثقافة جديدة بدأت ملامحها تتشكل منذ سنوات أساسها الكراهية والحقد الأيديولوجي والخطاب التكفيري، تقف وراءها أبواق الدوحة.
سيكون على الأجيال العربية القادمة أن تدفع ثمن الإجرام القطري في حقها، فنحن أمام ثقافة جديدة بدأت ملامحها تتشكل منذ سنوات، أساسها الكراهية والحقد الأيديولوجي والخطاب التكفيري، تقف وراءها أبواق الدوحة، والجماعات الإرهابية، والجيوش الإلكترونية الممولة من قبل قطر، ثقافة تغزو العيون والأسماع، وتخترق مواقع التواصل الاجتماعي، وتتسلّل عبر منظمات وجمعيات تتخفى وراء شعارات خيرية وإنسانية.
حتى الرياضة تحولت لدى القطريين إلى أداة لنشر ثقافة الكراهية من خلال احتكار البث الفضائي، وحرمان مئات الملايين من فقراء وبسطاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من حقهم الطبيعي في التمتع بالمنافسات الدولية والإقليمية، ومن خلال اعتماد الرشاوى لنيل تنظيم البطولات الدولية، وعلى رأسها نهائيات كأس العالم 2022، التي أصبحت «درسا عالميا» في الفساد والإفساد وتخريب قيم الرياضة.
هذه الثقافة التي تقف قطر وراء تشكيل ملامحها، تحتاج إلى التصدي لها بقوة عبر موقف عربي موحد، لأنها باتت تمثل خطرا حقيقيا على الأمة، وخاصة على البلدان التي انهار فيها مفهوم الدولة أو خسر الكثير من قيمته وقدرته على مواجهة هذا الشر المستطير
إن هذه الثقافة التخريبية، التي تقف وراءها قطر، تنظر إلى الكذب كأداة مشروعة لتحقيق أهدافها، ولذلك تراها تعتمد على فبركة الأخبار وتزوير الوقائع وتشويه الحقائق واختلاق الأحداث، وتنطلق من كل ذلك في عملية تضليل بشع للرأي العام، هدفها الأساسي تزييف الوعي الجمعي لأمة بأكملها، والعمل على توجيهه لتبني مشروع راديكالي معاد لقيم الحياة، كان من نتائجه مقتل مئات الآلاف، وتشريد الملايين من الأبرياء في دول عربية كالعراق وسوريا وليبيا واليمن والصومال.
وهذه الثقافة هي التي قسّمت مجتمعات عربية عدة إلى ثوار و«أزلام»، وإسلاميين وعلمانيين، ووطنيين وإخوان لا يعترفون بالوطنية، وبثت الفتنة بين الأخ وأخيه، والابن وأبيه، وأثارت نعرات الجهوية والمناطقية والقبلية والطائفية والمذهبية، فانقسم الصف الفلسطيني، والصف العراقي، والصف السوري، والصف الليبي، ولولا ثورة الثلاثين من يونيو 2013، لسقطت مصر في ذات المستنقع.
وهذه الثقافة هي التي جعلت الإرهابي القرضاوي يفتي بقتل هذا الزعيم أو ذاك، وبالخروج على هذا النظام أو ذاك، وبتكفير هذا الحزب أو ذاك، وبالسعي إلى تسييس الحج، والتدخل في شؤون الدول الآمنة.
كما أنها تقف وراء دس الأموال الطائلة في جيوب المرتزقة ممن حولوا منابرهم وأقلامهم لخدمة مشاريع الظلام، اعتماداً على التحريض المباشر على القتل والتخريب وهتك الأعراض، كما حدث أثناء ما سمي بالربيع العربي، ولا يزالون إلى اليوم، يستهدفون كل من يقول لا للمشروع الإخواني القطري، وكل من يدافع عن قيم الحداثة والمدنية وسيادة الدولة.
ومنذ سنوات، تحولت وسائل التواصل الاجتماعي إلى وجه قبيح لتلك الثقافة، حيث لا احترام للحقيقة، ولا تقدير للأخلاق، ولا حصانة للأسرة، ولا للطفولة، ولا للرموز الوطنية، ولا للمعاني السامية، انطلاقا من اقتناع النظام القطري بأن الأخبار الكاذبة أو المغلوطة أسرع انتشاراً على الإنترنت من الأخبار ذات المصداقية، وذلك بسبب إقبال المستخدمين على تداولها، وهو ما أكده علماء من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في دراسة أثبتوا خلالها أن الأخبار الكاذبة في تويتر تنتشر أسرع بنسبة 70% من الأخبار الحقيقية.
ومن ملامح تلك الثقافة، تحويل الدول إلى غنائم، والشعوب إلى رهائن، والإسلام من دين محبة وسلام، إلى جملة من الشعارات المسيسة التي يتم استعمالها من قبل جماعات الإرهاب والتطرف ودواعش المال العام وباعة الأوطان في أسواق المزادات الرخيصة، لتحقيق أهداف لا تصب إلا في مصلحة أعداء العرب والعروبة من اللاعبين الإقليميين والدوليين الذين تتحالف معهم قطر سرا وعلنا، كتحالفهم مع تركيا وإيران وإسرائيل.
إن هذه الثقافة التي تقف قطر وراء تشكيل ملامحها، تحتاج إلى التصدي لها بقوة عبر موقف عربي موحد، لأنها باتت تمثل خطرا حقيقيا على الأمة، وخاصة على البلدان التي انهار فيها مفهوم الدولة أو خسر الكثير من قيمته وقدرته على مواجهة هذا الشر المستطير الذي يستهدف الحاضر والمستقبل، ولا يستثني حتى التاريخ الذي بات يتعرض يوميا للهتك والتشويه، خدمة لأجندات لم تعد تخفى على أحد.
نقلا عن "البيان"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة