ملامح من الحياة في القارة القطبية الجنوبية "أنتارتيكا"
"أنتارتيكا" يسكنها بشكل دائم حوالي 135 شخصا بينما يزداد هذا العدد بما بين 1000 إلى 5000 شخص خلال العام
مدرسة ومكتب بريد وعدد من المنازل، هذا كل ما ستجده في القارة القطبية الجنوبية "أنتارتيكا"، حيث تجد هناك مستعمرة بشرية تضم حوالي 100 شخص.
والقارة القطبية الجنوبية أنتارتيكا، هي قارة تقع في أقصى جنوب الكرة الأرضية، يسكنها بشكل دائم حوالي 135 شخصا، بينما يزداد هذا العدد بما بين 1000 و5000 شخص خلال العام في محطات البحوث المتناثرة ضمن أرجاء القارة.
الكائنات الأصلية التي تسكن المنطقة هي أنواع كثيرة من الطحالب والبكتيريا والفطريات والنباتات وبعض الحيوانات الأخرى مثل السوس وديدان أسطوانية وزعنفيات الأقدام وبطيء الخطو والبطاريق، وتسمى المناطق العشبية الموجودة في القارة باسم التندرا القطبية الجنوبية.
أنتارتيكا هي أكثر القارات برودة وجفافاً ورياحاً، كما تعتبر أيضاً أكثر القارات متوسطة الارتفاع.
أنتارتيكا من صحاري الأرض وبالتحديد صحراء قطبية، ولها معدل هطول أمطار سنوي بما يقارب 200 مم فقط، ويتم وذلك على امتداد الساحل، أما في المناطق الداخلية فإن معدل هطول الأمطار يقل بشكل ملحوظ.
وأقل درجات الحرارة المسجلة في أنتارتيكا هي - 89.2 درجة مئوية، ولكن المتوسط في الربع الأخير (الفترة الأكثر برودة خلال العام) هو - 63 درجة مئوية.
لا تختلف الحياة في قارة أنتارتيكا عن غيرها من الأماكن التي تصل فيها درجات الحرارة إلى ما تحت الصفر، باستثناء أن الأسر الراغبة في الإقامة في هذه المستعمرة تُلزم أولاً بالخضوع لجراحة من نوع ما.
وللعيش في أنتارتيكا يتوجب عليك أنت وأسرتك استئصال الزائدة الدودية، قبل العودة للإقامة في موطنكم الأصلي، وهذا هو الخيار الوحيد لمن يرغبون في الإقامة لمدة طويلة في تلك المستعمرة، حتى الأطفال منهم، فهذه المنطقة تمثل إحدى البقاع القليلة في القارة القطبية الجنوبية التي تضم سكاناً يقيمون فيها سنوات طويلة، لا لأسابيع أو لعدة أشهر.
ويشكل استئصال الزائدة الدودية إجراء احترازياً ضرورياً لهذا العدد القليل من الناس، ممن يقيمون لفترة طويلة في "فياس لاس إيسترياس" التي تُعرف بالإنجليزية باسم "بلدة النجوم"، نظراً إلى أن أقرب مستشفى كبير في هذه البقعة يقع على بعد أكثر من ألف كيلومتر (نحو 625 ميلاً)، على الجانب الآخر من الموجات الجليدية الموجودة في المحيط المتجمد الجنوبي.
لدى وصولك إلى المنطقة، ستجد لافتة ترحيب وعموداً يحمل أسهما تشير إلى مدن تقع على بعد كبير من "فياس لاس إيسترياس"، مثل "بكين: 17,501 كم"ما يُذكرك بمدى البعد بينك وبين الحضارة الإنسانية.
لا يوجد في ذلك المكان سوى عدد قليل من الأطباء المقيمين، وليس من بينهم أي جراح متخصص.
وتضم تلك المستعمرة البشرية نحو 100 شخص، غالبيتهم علماء وأفراد من السلاح الجوي التشيلي أو القوات البحرية لهذا البلد، ممن يقيمون هناك بالتناوب، ولكن من يتم تكليفهم بمهام لمدة طويلة، يفضلون في غالبية الأحيان جلب أسرهم للإقامة معهم.
ويعني ذلك وجود مدرسة صغيرة ومكتب بريد ومصرف وغير ذلك من المرافق الأساسية، ولكن كيف تبدو الحياة بالنسبة للمقيمين في هذه المنطقة؟
وزار فريق من "بي بي سي فيوتشر" تلك البقعة في وقت سابق من العام الجاري، ورصدوا من مقاعدهم - كانت مخصصة لخدمات الإسعاف بداخل طائرة نقل عسكرية ضخمة من طراز "لوكهيد سي 130 هيركيوليز"-، وقالوا "كان بوسعنا رؤية ما يبدو شريطاً أرضياً مكسواً بالحصى تهبط فيه الطائرات الواصلة إلى المنطقة، ويمثل الطريق الرئيسي للدخول إليها والخروج منها".
وأضافوا: "قبل ذلك، وخلال رحلتنا الجوية التي بدأت في أقصى جنوب تشيلي، لم يكن بمقدورنا أن نرى من خلال النوافذ الصغيرة المليئة بالخدوش للطائرة، سوى رقعة فسيحة من المحيط المظلم البارد تمتد على مسافة مئات الأميال، ويمكن أن يلقي المرء فيها حتفه في غضون دقائق معدودات".
وعندما زار فريق "بي بي سي فيوتشر" المنطقة في يناير/كانون الثاني الماضي، وفور خروجهم من باب الطائرة، ضربت وجوههم حبات البرد التي يراها المرء خلال النهار في أيام الصيف بالقارة القطبية الجنوبية.
في بعض الأماكن، من الصعب ألا تصل إلى أنفك رائحة كريهة مثل روائح العادم أو المراحيض التي تُجمع فيها الفضلات في خزانات، بدلاً من أن تمر من خلالها إلى فتحة في الأرض أو إلى شبكة من شبكات الصرف الصحي، لكن الأمر يختلف كثيراً بداخل الأبنية، التي تجد الأجواء فيها وقد سادها الدفء والحفاوة والترحيب.
وتتراص على جدران الأبنية تذكارات وصور لمن زاروا المكان سابقاً سواء كأشخاص أو كمشاركين في بعثات علمية، وستجد أيضاً لوحة تذكارية، تشير إلى زيارة قام بها عالم الفيزياء الشهير الراحل ستيفن هوكينغ.
ويبلغ متوسط درجة الحرارة خلال مختلف شهور العام في "فياس لاس إيسترياس" 2.3 درجة مئوية تحت الصفر (27.8 درجة فهرنهايت)، وهو ما يجعل الطقس هناك أكثر دفئاً في واقع الأمر منه في البر الرئيسي للقارة القطبية الجنوبية نفسها.