بدأت ملامح إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب بالتشكل من خلال الإعلان عن التعيينات الجديدة
بدأت ملامح إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب بالتشكل من خلال الإعلان عن التعيينات الجديدة. وما يهمنا في المنطقة هو من سيشغل المناصب المتعلقة بالأمن القومي والسياسة الخارجية.
ولا يزال كثير من الإعلان عن المناصب الجديدة قيد المراجعة، كما انه يتطلب موافقة مجلس الشيوخ (السنت) ليصبح فاعلا.
ويترأس قائمة التعيينات الجديدة الجنرال مايكل فلن والذي اختير كمستشار الأمن القومي، وهو منصب لا يتطلب موافقة مجلس الشيوخ. وفلن من بين الجنرالات القلة التي أيدت المرشح ترامب بينما نبذه معظم العاملين في مجالات الأمن الوطني والدبلوماسي. وقد شغل الجنرال فلن منصب مدير وكالة استخبارات الدفاع، وخاض عدة حروب من غزو غرينادا إلى احتلال العراق.
ورغم خبرته العسكرية والتي أوصلته إلى رتبة فريق، إلا أن سلوكه ومزاجيته المتعكرة وعدم انضباطه في تقديم الحقائق أفقده منصبه.
ويعتبر فلن من صقور السياسة الخارجية والأمن القومي، وشديد العداء للإسلام والذي يعتبره خطراً وسرطاناً؛ ويقول إن الخوف من الإسلام منطقياً. وليس أدل على تطرف القادم الجديد إلى البيت الأبيض كمستشار للأمن القومي تعاونه في نشر كتاب عن كيفية هزيمة الإسلام الراديكالي مع مايكل ليدن، والذي يدين بولاء شديد لإسرائيل ويعتبر من المحافظين الجدد وأحد مروجي غزو العراق. وقد دخل فلن في خلاف مع إدارة اوباما حول إلصاق التطرف بالإسلام.
كما أن فلن ينتقد بشدة الاتفاق النووي مع إيران، ويعتبر الأخيرة عاصمة الإرهاب، ويجزم بأنها تسعى لامتلاك القنبلة الذرية، وان التوسع الإيراني في المنطقة يهدد مصالح الولايات المتحدة وأصدقاءها، وخاصة إسرائيل. ويعتقد أن الحل الوحيد يكمن في تغيير النظام في طهران.
والمنصب المهم والذي يدور حوله التكهنات هو منصب وزير الخارجية. فقد دعا ترامب خصمه اللدود المرشح الجمهوري للرئاسة السابق ميت رومني للتشاور حول اسناد حقيبة الخارجية إليه. ويشكك البعض بالعرض، بسبب موقف رومني من ترامب ابان الحملة الانتخابية حيث صرح بأنه غير مؤهل لتولي منصب الرئاسة.
ولكن فيما إذا تحقق هذا التعيين، والذي من المرجح أن يحظى بموافقة مجلس الشيوخ، فإنه سيكون بمثابة إشارة إيجابية للعالم، وقد يخفف من توجس الرأي العام العالمي تجاه الإدارة القادمة.
ولا يقل أهمية عن وزارة الخارجية منصب وزير الدفاع، وقد درجت العادة إلى اسناد المنصب لمدني حتى يتحقق سيطرة المدنيين على العسكر. وقد التقى ترامب بالجنرال جيمس ماتيس وأعجب بخبراته القتالية. وقد شغل ماتيس منصباً عسكرياً رفيعاً كقائد لقيادة المنطقة الوسطى المسؤولة عن منطقة الخليج والشرق الأوسط.
ولا شك أن المنصب عسكري ولكن ذو حساسية سياسية عالية. ويعرف عن ماتيس انه قارئ نهم وشديد الوضوح في آرائه. فقد عبر ذات مرة عن الكلفة الأمنية والسياسية التي تدفعها الولايات المتحدة جراء انحيازها لإسرائيل. وقد يحسن هذا التعيين من تقارب واشنطن مع اصدقائها من الدول العربية والتي فقدت كثيراً من الثقة مع إدارة أوباما.
ويعتبر منصب مدير وكالة الاستخبارات المركزية من اهم المناصب في إدارة السياسة الخارجية والأمن القومي. وقد عهد المنصب لعضو الكونغرس من ولاية كنساس مايك بمبيو. وكباقي مرشحي ترامب فهو من الصقور المتشددين ولا يخلو من عنصرية وعداء للإسلام. وقد انتقد بمبيو الاتفاق النووي مع إيران.
ولا يمانع من الرجوع إلى عصر بوش من تعذيب الإرهابيين للحصول على معلومات، كما انه يحبذ إبقاء معسكر جوانتانامو سيء الصيت قائماً. ولا يمانع بمبيو من التنصت في الداخل للحصول على معلومات أمنية؛ بل انه ينادي بإعدام إدوارد سنودن بسبب فضحه لممارسات التنصت على الشعب الأميركي.
ثم هناك رودي جولياني، والذي ما انفك يدعم ترامب طيلة حملته رغم الدعاية المضادة له. ويعتقد كثير من المراقبين أن جولياني، والذي شغل منصب عمدة نيويورك أثناء أحداث سبتمبر الإرهابية، سيشغل منصب مدير الاستخبارات القومية والذي يشرف على عدة وكالات للاستخبارات، كما أن هناك شائعات تردد ترشح جولياني لمنصب وزير الأمن الداخلي.
ومعروف عن الأخير تشدده في مسائل الأمن ومكافحة الإرهاب. كما انه معاد لما يسميه التطرف الإسلامي. ولا يقل في حماسه لإسرائيل من بقية زملائه المرشحين وعداوة بينة للشعب الفلسطيني حيث يرفض قيام دولة فلسطينية أياً كان حجمها لأنها تشكل خطراً على مصالح أميركا وتهديداً لإسرائيل.
ومن بين الشخصيات الأكثر إثارة للجدل هو مستشار ترامب لشؤون الشرق الأوسط وليد فارس. وفارس هو خريج الحرب الأهلية اللبنانية وقد كان منظر القوات اللبنانية بقيادة سمير جعجع. وعندما فل من لبنان بسبب سيطرة سوريا على مقاليد الأمور، وجد في الولايات المتحدة ملاذاً آمناً. وقد أعاد إنتاج نفسه كخبير لشؤون الشرق الأوسط بعد أن أتم دراسته من جامعة أميركية.
وبدأ يظهر على شاشات التلفزة معلقاً على أحداث الشرق الأوسط والإرهاب. وقد شغل منصب مستشار ترامب لشؤون الشرق الأوسط أثناء الحملة الانتخابية، وعلى ما يبدو فإنه سيحتل منصباً في هذا المجال.
*نقلا عن البيان
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة