22 فبراير بالسعودية.. المستقبل بعيون التاريخ
أمر ملكي سعودي باعتماد 22 فبراير من كل عام إجازة رسمية احتفاء بذكرى تأسيس الدولة قبل نحو 3 قرون في خطوة تضيء المستقبل بعيون التاريخ.
ويوافق هذا اليوم ذكرى تأسيس الدولة السعودية الأولى قبل نحو 3 قرون، مع تولي الإمام محمد بن سعود حكم الدرعية (تبعد عن مركز الرياض العاصمة 20 كيلومترًا ) منتصف عام 1139هـ (1727م).
أمر أعاد بموجبه العاهل السعودي الملك سلمـــــان بـــن عبدالعزيــــــز آل سعـــــــود إبراز العمق التاريخي والحضاري للمملكة، لتتعرف الأجيال الحالية على الجذور التاريخية لبلادهم، ويتعرف العالم أجمع على مدى عراقة الدولة السعودية وحضارتها العظيمة.
وحظيت الدرعية عاصمة الدولة السعودية الأولى باهتمام كبير من العاهل السعودي وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، وتوج هذا الاهتمام بتسجيل حي الطريف التاريخي بالدرعية بقائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" عام 2010، حين كان الملك سلمان بن عبدالعزيز أمير للرياض.
وبعد عامين من توليه الحكم، وتحديدا في 2017، تم تأسيس هيئة تطوير بوابة الدرعية برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وأضحى مشروع تأهيل وتطوير الدرعية التاريخية أحد أهم مخرجات ومنجزات رؤية المملكة 2030.
وفضلاً عما تمثله الدرعية كعنصر مهم في تحقيق تطلعات رؤية المملكة 2030 وما تشهده من تطورات جعلت منها أيقونة ومقصداً ثقافياً وسياحياً على المستويين المحلي والدولي، تم اختيارها عاصمة عربية للثقافة لعام 2030، بعد مصادقة وزراء الثقافة العرب في اجتماعهم السنوي المنعقد بمدينة دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة بالفترة من 19 إلى 20 ديسمبر/ كانون أول الماضي.
أمر ملكي
والخميس، أصدر العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز أمرا ملكيا بأن يكون يوم 22 فبراير من كل عام يوماً لذكرى تأسيس الدولة السعودية، تحت اسم "يوم التأسيس"، ويصبح إجازة رسمية.
وأشار الأمر الملكي إلى أن اختيار هذا التاريخ يعود إلى أن "منتصف عام 1139هـ الموافق لشهر فبراير من عام 1727م هو بدء عهد الإمام محمد بن سعود وتأسيسه للدولة السعودية الأولى."
وأوضح أن هذا الأمر يأتي "اعتزازاً بالجذور الراسخة لهذه الدولة المباركة، وارتباط مواطنيها الوثيق بقادتها منذ عهد الإمام محمد بن سعود قبل ثلاثة قرون، وبداية تأسيسه في منتصف عام 1139هـ (1727م) للدولة السعودية الأولى".
وألقى الأمر الملكي نبذة تاريخية عن مراحل تطور تاريخ المملكة على مدار 3 قرون مشيرا إلى أن الدولة السعودية الأولى "استمرت إلى عام 1233هـ (1818م)، وعاصمتها الدرعية ودستورها القرآن الكريم وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم".
ولفت إلى أنه خلال تلك المرحلة، أرست الدولة السعودية الأولى "الوحدة والأمن في الجزيرة العربية، بعد قرون من التشتت والفرقة وعدم الاستقرار، وصمودها أمام محاولات القضاء عليها".
وتابع :"إذ لم يمضِ سوى سبع سنوات على انتهائها حتى تمكن الإمام تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود عام 1240هـ (1824م) من استعادتها وتأسيس الدولة السعودية الثانية التي استمرت إلى عام 1309هـ (1891م)".
وأردف:" وبعد انتهائها بعشر سنوات، قيض الله الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود عام 1319هـ (1902م) ليؤسس الدولة السعودية الثالثة ويوحدها باسم المملكة العربية السعودية، وسار أبناؤه الملوك من بعده على نهجه في تعزيز بناء هذه الدولة ووحدتها."
الدولة السعودية الأولى (1727- 1818م)
بدأ تأسيس الدولة السعودية الأولى مع تولي الإمام محمد بن سعود حكم الدرعية منتصف عام 1139هـ (22 فبراير 1727م)، وكان عمره آنذاك 30 عاما (ولد في الدرعية عام 1697 م).
إبان تلك الفترة، كانت شبه الجزيرة العربية تشهد فوضى سياسية وبلدانها وأقاليمها في فرقة وتشتت ودائمة الاقتتال والحروب فيما بينها.
ورغم صغر سنه إلا أنه كان لدى الإمام محمد بن سعود حس إداري ونظرة مستقبلية لإنشاء حضارة تزدهر عبر القرون، فرفع شعار الوحدة، وبدأ بمدينته "الدرعية" ووحَّد شطريها، وجعلها تحت حكم واحد، بعد أن كان الحكم متفرقًا بين مركزين لها.
وجرى في هذا العهد بناء حي جديد في سمحان وهو حي الطرفية والانتقال إليه بعد أن كان حي غصيبة هو مركز الحكم لفترة طويلة.
ومع بداية عهده، بدأ مرحلة جديدة في شبه الجزيرة العربية، حيث وضع لبنة البناء والوحدة التي وحدت معظم أجزائها، وأصبحت الدرعية عاصمة لدولة مترامية الأطراف.
وتوالت الإنجازات في عهد هذه الدولة ومنها: نشر الاستقرار والاستقلال السياسي وعدم الخضوع لأي نفوذ في المنطقة أو خارجها، ومساندة البلدات المجاورة لتعزيز الاستقرار مثل : مساعدة أمير الرياض في تثبيت حكمه، واستباب الأمن.
وخلال عهد الإمام محمد بن سعود الذي توفي عام 1765م ومن بعده من الأئمة، أصبحت مدينة الدرعية عاصمة لدولة مترامية الأطراف، ومصدر جذب اقتصادي واجتماعي وفكري وثقافي، ولقد هاجر إليها كثير من العلماء من أجل تلقي التعليم والتأليف الذي كان سائدًا حينها مما أدى إلى ظهور مدرسة جديدة في الخط والنسخ.
الدولة السعودية الثانية (1824-1891م)
استمرت الدولة السعودية الأولى 91 عاما، ولم تمضِ سوى سبع سنوات على انتهائها حتى تمكن الإمام تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود عام 1240هـ (1824م) من استعادتها وتأسيس الدولة السعودية الثانية.
فبعد سقوط الدولة السعودية الأولى، استطاع الإمام تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود أن يسترد الرياض عام 1240هـ/ 1824م بعد سبع سنوات من العمل والكفاح، والتفت الناس حوله والأسرة المالكة من جديد.
وتمكن الإمام تركي من توحيد معظم أجزاء شبه الجزيرة العربية في مدة قصيرة مستمرًا على المنهج الرصين الذي قامت عليه الدولة السعودية الأولى وهو حفظ الأمن والتعليم والعدل والقضاء على الفرقة والتناحر، وظلت الدولة تحكم المنطقة حتى عام 1309هــ 1891م.
الدولة السعودية الثالثة (1902 - حتى اليوم)
بعد فراغ سياسي وفوضى في وسط شبه الجزيرة العربية استمر قرابة عشر سنوات، تمكن الملك عبدالعزيز آل سعود – رحمه الله - في الخامس من شهر شوال عام 1319هـ- الخامس عشر من يناير 1902م من إعادة تأسيس الدولة السعودية بعد أن استرد مدينة الرياض ليبدأ صفحة جديدة من صفحات التاريخ السعودي، ويضع لبنة من لبنات الوحدة والاستقرار والنماء.
المملكة العربية السعودية 1932
في السابع عشر من شهر جمادى الأولى عام 1351هـ الموافق 23 سبتمبر 1932م، أعلن الملك عبدالعزيز - رحمه الله - توحيد البلاد تحت مسمى المملكة العربية السعودية، وتوحيد رؤيتها تحت راية الإسلام وشهادة "لا إله إلا الله محمد رسول الله".
واستمر أبناؤه الملوك من بعده على نهجه في تعزيز لبنات البناء والاستقرار والتنمية حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، حيث تتبوأ المملكة مكانة إقليمية ودولية، وتحظى بثقة عالمية متينة، وتشهد إنجازات في مختلف المجالات.
إنجازات تتواصل في إطار نهضة شاملة يقودها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وينفذها ولي عهده الأمير محمد بن سلمان الذي بث روح الشباب في أوصال الدولة بأفكاره ومبادراته وسياساته، وقاد المملكة اليوم إلى ما بات يعرف بـ"السعودية الجديدة"، التي تعد "رؤية 2030" خارطة طريق لنهضتها.
رؤية 2030
رؤية مستقبلية يقع الاهتمام بالتاريخ والتراث والتأريخ للحضارة العظيمة للمملكة في صلب اهتماماتها.
ويعد مشروع بوابة الدرعية أحد أهم مخرجات ومنجزات رؤية المملكة 2030، وأحد المشروعات الوطنية المنبثقة من الأهداف والتطلعات الطموحة لرؤية 2030، حيث نمت وتطورت في إطار السعي الحثيث لتحقيق برامجها، لتُصبح "بوابة الدرعية" أكبر مشروع تراثي وثقافي في العالم، دشنه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود في نوفمبر/ تشرين ثاني 2019، ويتابع مُنجزاته المتنامية ولي العهد رئيس مجلس إدارة هيئة تطوير بوابة الدرعية، لتكون الدرعية التاريخية واحدة من أهم الوجهات السياحية والثقافية وأماكن الجذب في المنطقة والعالم.
ويحقق مشروع بوابة الدرعية العديد من تطلعات وأهداف رؤية المملكة 2030 الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، منها تعزيز وحماية التاريخ والتراث السعودي الحضاري، وتطوير المواهب المحلية في مجال البحوث الأكاديمية والتاريخية والتراثية، وتعزيز قيمة الاعتزاز بالتاريخ والتراث الوطني، وزيادة الناتج المحلي الإجمالي وتطوير المحتوى المحلي.
أهداف تتقاطع مع أهداف الإعلان عن يوم التأسيس الذي أضحى مناسبة وطنية عزيزة توضح مدى رسوخ وثبات مؤسسة الحكم ونظام الدولة في السعودية لمدة زادت عن ثلاثة قرون، واستمرار دورها في خدمة القبلتين وضيوف الرحمان، والذي كان أولوية قصوى لأئمة الدولة السعودية وتوارثها ملوك المملكة وصولًا إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود.