معركة الفائدة الأخيرة في 2025.. انقسام داخل الفيدرالي الأمريكي وترقب بالأسواق
في الأسبوع الأخير من عام اتسم باضطرابات اقتصادية واسعة في الولايات المتحدة، يترقب صانعو السياسات والأسواق حسم مصير أسعار الفائدة، في قرار يعد من الأكثر حساسية هذا العام.
ومن المقرر أن تجتمع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة التابعة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي لاتخاذ قرار مصيري بشأن أسعار الفائدة، في وقت تتصاعد فيه الانقسامات داخل المجلس، وتزداد صعوبة التقدير بفعل نقص البيانات الاقتصادية الناتج عن إغلاق حكومي امتد لأسابيع.
ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة «الغارديان»، تأتي هذه الجلسة — وهي الأخيرة خلال العام الجاري — وسط تباين واضح في تقييم أعضاء اللجنة للوضع الاقتصادي. فبينما يرى بعضهم أن الظروف الراهنة تستدعي مواصلة مسار خفض الفائدة الذي بدأ في خريف العام الماضي، يتمسّك آخرون بضرورة التريث خشية انعكاسات محتملة على معدلات التضخم، ولا سيما بعد الارتفاع الملحوظ للأسعار إلى 3% في سبتمبر/أيلول الماضي، مقارنة بـ2.3% في أبريل/نيسان.
ويتمتع مجلس الاحتياطي الفيدرالي، بوصفه أعلى سلطة نقدية في الولايات المتحدة، بولاية مزدوجة تهدف إلى تحقيق الاستقرار السعري والحفاظ على قوة سوق العمل.
غير أن تنفيذ هذه المهمة يظل محفوفًا بالمخاطر؛ إذ بلغ الرفع السريع لأسعار الفائدة ذروته عام 2022 عندما وصلت معدلات التضخم إلى مستوى غير مسبوق عند 9.1%. وفي المقابل، فإن الإبقاء على الفائدة عند مستويات مرتفعة يهدد الوظائف ويقوّض النشاط الاقتصادي، وهو ما تعكسه زيادة معدل البطالة من 4% في يناير/كانون الثاني إلى 4.4% في سبتمبر/أيلول.
ومنذ سبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين الأول الماضيين، خفّض المجلس أسعار الفائدة مرتين متتاليتين بإجمالي نصف نقطة مئوية، لتستقر حاليًا في نطاق يتراوح بين 3.75% و4%. ومع ذلك، لا يزال قرار إضافة خفض ثالث محل تجاذب داخلي؛ فبينما تتوقع الأسواق خطوة جديدة بعد غد الأربعاء، يبقى تأمين الأغلبية داخل اللجنة أمرًا غير محسوم.
وتفاقمت صعوبة اتخاذ القرار بسبب نقص البيانات الرسمية، بعدما أدى إغلاق مؤسسات حكومية إلى تعطيل عمل مكتب إحصاءات العمل المسؤول عن جمع بيانات الأسعار والتوظيف. وفي حين أُلغيت بيانات أكتوبر/تشرين الأول، لن تُعلن بيانات نوفمبر/تشرين الثاني قبل نهاية الشهر الجاري، ما يحرم صانعي السياسة النقدية من صورة دقيقة لظروف الاقتصاد خلال فترة تشهد تقلبات ملحوظة.
من جانبه، حاول جيروم باول، رئيس الاحتياطي الفيدرالي، في تصريحات متكررة تبرير التوجّه الحذر، إذ شبّه الموقف بقيادة سيارة وسط ضباب كثيف، مؤكدًا أن التباطؤ في اتخاذ القرارات يُعد الخيار الأكثر أمانًا. لكنه أقرّ في الوقت ذاته بأن الانقسام داخل اللجنة نابع من اختلاف تقديرات المخاطر، وغياب أداة فعّالة تُمكّن المجلس من معالجة تحدّيَي التضخم والبطالة في آن واحد.
ولا تنفصل هذه النقاشات عن البعد السياسي؛ إذ أشارت تسريبات إعلامية أخيرًا إلى أن الرئيس دونالد ترامب يفكر جديًا في ترشيح مستشاره الاقتصادي المقرّب، كيفن هاسيت، لتولي رئاسة الاحتياطي الفيدرالي مع انتهاء ولاية باول في مايو/أيار المقبل. ويرى متابعون أن هذا التوجه يعكس رغبة البيت الأبيض في الدفع نحو سياسة نقدية أكثر مرونة، تتماشى مع رؤية الإدارة بشأن التعريفات الجمركية ودعم النمو الاقتصادي.
ومع ترقّب الأسواق والمستثمرين لقرار الأربعاء، يظل السؤال الأبرز ما إذا كان مجلس الاحتياطي الفيدرالي سيتمكن من تحقيق توازن دقيق بين مكافحة التضخم وضمان استقرار سوق العمل، في ظل مؤشرات اقتصادية غير مكتملة، وانقسامات سياسية واقتصادية بلغت ذروة غير مسبوقة قبيل بداية عام جديد لا تزال آفاقه غامضة.