مصر تناهض ختان الإناث بالقوانين الصارمة والمبادرات التوعوية
"اللجنة الوطنية للقضاء على ختان الإناث" تتعهد بمواصلة التصدي بكل حزم وقوة لكل من يشارك في ارتكاب هذه الجريمة
بسلاح ثلاثي متكامل، يتضمن قوانين صارمة، ومبادرات توعوية متكررة، وأحكاما دينية حاسمة، تواجه مصر ظاهرة ختان الإناث المنتشرة، في إطار استراتيجية قومية، نالت استحسان منظمة الأمم المتحدة.
ورغم تراجع معدل ختان الإناث في مصر، وفق إحصاءات رسمية، يرى خبراء تحدثوا لـ"العين الإخبارية" أن الجهود المضنية التي تبذلها الدولة ما زالت تنتظر المزيد، كونها تقاوم عادات وثقافات موروثة منذ القدم.
ومع اليوم العالمي لمناهضة ختان الإناث، الذي يوافق 6 فبراير/ شباط من كل عام، ذكر تقرير المجلس القومي للسكان في مصر، تراجع نسب انتشار ختان الإناث وسط الأجيال الجديدة، من 74% وسط الفئة العمرية من 15 إلى 17 سنة عام 2008 إلى 61% عام 2014.
ومنذ سنوات تبذل السلطات المصرية جهوداً مضنية لمواجهة الظاهرة، حيث أعدت استراتيجية قومية لمناهضة ختان الإناث 2016- 2020، أسفرت عام 2016 عن تغليط العقوبة بموجب القانون رقم 78 بـ"السجن مدة لا تقل عن 5 سنوات، ولا تتجاوز 7 سنوات لكل من قام بعملية ختان لأنثى، وتكون العقوبة بالسجن المشدد إذا نشأ عن هذا الفعل عاهة مستديمة، أو إذا أفضى الفعل إلى الموت".
وشُكلت في مايو/أيار من العام الماضي "اللجنة الوطنية للقضاء على ختان الإناث"، برئاسة مشتركة للمجلس القومي للمرأة والمجلس القومي للطفولة والأمومة، وعضوية ممثلين من كل الوزارات المعنية والجهات القضائية المختصة والأزهر والكنائس الثلاث ومنظمات المجتمع المدني المعنية.
وبينما تعهدت "اللجنة الوطنية للقضاء على ختان الإناث"، بمواصلة التصدي بكل حزم وقوة لكل من يشارك في ارتكاب هذه الجريمة، أكدت في بيان لها صدر، الخميس، العمل على إزالة "ثغرات قانونية تسهم في إفلات الجناة من العقاب".
وعددت اللجنة جهودها للقضاء على الظاهرة، ومنها تنظيم أكثر من 700 نشاط والوصول إلى ما يقرب من 20 مليون سيدة وفتاة ورجل وطفل في القرى والنجوع على مستوى المحافظات، على مدار 9 أشهر، في إطار الحملات التوعوية، واستقبال الشكاوى، ورفع كفاءة البناء المؤسسي.
ودينياً، بذلت المؤسسات الدينية المصرية جهوداً واسعة لمواجهة الظاهرة، وحرصت "دار الإفتاء" على إصدار الفتاوى التي تؤكد أن ختان الإناث هو من قبيل العادات، وليس من قبيل الشعائر، ونشر الأزهر الشريف كثيرا من الإصدارات بشأن تحريم تلك العادة، وأن ختان الإناث ليس له أي سند شرعي.
وفي هذا السياق، تلقت الجهود المصرية إشادة من مسؤول برنامج الأمم المتحدة للسكان بمصر، ألكسندر بوديروزا، الذي نشر شهادته في تقرير صدر في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، ونوه فيها بـ"الالتزام الوطني غير المسبوق لمكافحة ختان الإناث في مصر، وبالجهود التي تمت من قبل اللجنة الوطنية للقضاء على ختان الإناث".
وفي مستهل عام 2017، الذي أعلنه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي عاماً للمرأة المصرية، أقر الرئيس الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة المصرية 2030، التي تتسق مع رؤية مصر 2030، حيث يتمثل أحد أهداف محور الحماية في الاستراتيجية، القضاء على ظاهرة ختان الإناث.
وفي عام 2019، تم إطلاق المبادرة الوطنية لتمكين البنات "دوي"، تحت رعاية المجلس القومي للطفولة والأمومة، وبالتنسيق مع يونيسف مصر، وبالشراكة مع المجلس القومي للمرأة، وبالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان، وعدد من الهيئات والجهات الوطنية الشريكة.
وتهدف المبادرة بشكل أساسي إلى تقليل العنف القائم على النوع الاجتماعي، وإنهاء الممارسات الضارة التي تلحق بالفتيات، والتي على رأسها ختان الإناث، وزواج الأطفال.
ووفق الدكتورة مايا مرسي، فإن الدولة المصرية تضع مناهضة العنف ضد المرأة على أولويات عملها.
وقالت الدكتورة مايسة شوقي، نائبة وزير الصحة سابقا، وأستاذة الصحة العامة وطب المجتمع بكلية الطب جامعة القاهرة، إن جهود مناهضة ختان الإناث قوية، لكنها تحتاج المزيد، ولن تؤتي ثمارها إلا بمزيد من التنسيق، مطالبة بمراجعة وتحديث استراتيجية مناهضة ختان الإناث، ووضع مؤشرات رقمية للمتابعة والتقويم وتوفير التمويل اللازم لها.
ويمنع الدستور المصري العنف ضد المرأة، وتنص "المادة 11" على حماية المرأة المصرية من العنف والقضاء على كل أشكال التمييز.
وأكدت شوقي أن عمليات الختان ما زالت منتشرة في القرى والنجوع، باعتبارها عادة متوارثة، ودعت لتعاون فعال مع الجمعيات الأهلية ومؤسسات المجتمع المدني للعمل على الحد من الختان، وإيجاد آليات تنفيذ ومتابعة لبنود الاستراتيجية القومية.
ونوهت الخبيرة بأن تحسن المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية يؤدي إلى انخفاض نسب ختان الإناث، مؤكدة انخفاض احتمالية خضوع الفتيات لختان الإناث عند حصول أمهاتهن على تعليم عالٍ.
من جهتها، أكدت منى منير، عضو مجلس النواب المصري، أن استمرار عمليات ختان الإناث مؤشر على ضرورة تفعيل المبادرات الحكومية، وحملات التوعية، خصوصا في المناطق الريفية والصعيد.
وطالبت النائبة بالتعامل بحسم مع أي طبيب يثبت إجراؤه مثل هذه العمليات، وأيضاً توقيع عقوبات على ولي أمر أي طفلة يثبت خضوعها لهذه العملية.
aXA6IDMuMjEuNDYuNjgg جزيرة ام اند امز