باحثة مصرية: الحركة النسوية العالمية فشلت في محاربة استغلال المرأة
باحثة في النقد الثقافي تدين الحركة النسوية ونضالها لتحرر المرأة.
ترى مؤلفة كتاب "نُون، النسوية" أن الحركة النسوية وعلى عكس ما تدعيه فشلت في محاربة الاستغلال، وتتساءل عما إذا كانت الحركة قد تم استغلالها لتوطيد النظام الرأسمالي أم لا.
وتقول الدكتورة هبة شريف أستاذ الأدب الألماني والباحثة في النقد الثقافي في كتابها الصادر عن دار العربي للنشر والتوزيع في 265 صفحة من القطع المتوسط إن الحركة النسوية انتهت لتبني عكس ما تدعيه من أفكار تحررية، وأكدت علاقات القهر التي سعت لمحاربتها طوال نصف قرن.
وتقوم المؤلفة بتحليل الصور التي تم تكريسها للمرأة ونضالها عبر نماذج من المنتجات الثقافية الجماهيرية من أفلام ومسلسلات وأغان وروايات عربية وعالمية، فضلا عن استعراض وتحليل كتب مهمة في مجال الحركة النسوية تعلق على محتواها وتعمل على تبسيطها أمام القارئ المعني بهذا الموضوع. كما تراجع بعض الروايات العربية ومنها "جمنازيم" لمي خالد و"واحة الغروب" لبهاء طاهر، و"بليغ" لطلال فيصل و"يوم غائم في البر الغربي" لمحمد المنسي قنديل.
وتجتهد المؤلفة في مناقشة فرضيات خطاب التحرر النسوي الذي تنامى منذ ستينيات القرن الماضي، مع ظهور حركات اجتماعية فاعلة منها الحركة الطلابية وأفكار مارتن لوثر المناهضة للعنصرية، وهي الحركات التي توجت حضورها العالمي عقب حركة الشباب في عام 1968.
وتبرز المؤلفة التي عملت لعدة سنوات مديرة للمكتب الإقليمي للمؤسسة الثقافية السويسرية بالقاهرة مدى الاستغلال الذي تعرضت له الحركات النسوية من المجتمعات الرأسمالية -على حد زعمها- ما حولها إلى نقيض لفكرة التحرر ذاتها واعتبارا من السبعينيات تراجعت مكاسب فترة الستينيات التي اعتمدت على الميل للفكر اليساري.
ووفقا للكتاب، فقد اختلفت بوصلة الحركة النسوية التي كانت تهتم بالمرأة العاملة، وباتت تعني بنساء الطبقة الوسطى، وركزت أكثر على تحرر الجسد والسعي نحو احتلال المرأة للمناصب العليا. ويشير الكتاب إلى ما ساد في الكتابات النسوية مؤخرا من تنامي الشعور بتراجع مكاسب الحركة وكيف تضاعف هذا الشعور مع ظهور العولمة التي أكدت زيادة تهميش النساء الأكثر فقرا واللاتي اقتصرت رغباتهن على محاولة توفير الاحتياجات الأساسية.
وتقول المؤلفة: "علينا أن نفكر قليلا إذا كانت حركات التحرر النسوي قد حررت المرأة بالفعل أم أنها أدخلتها في قهر آخر جديد حين أضافت إلى أعبائها المنزلية عبئا جديدا يتعلق بمكانتها في العمل، إلى جانب تبني معايير للجمال تعتمد على الاستهلاك، حيث فرضت أسطورة الجمال على النساء، وأصبحن يجاهدن لتحقيق هذه الأسطورة بلا طائل، لأنه لا يوجد نموذج مثالي للجمال في الواقع المعيش. وبمعنى آخر فإن (خرافة الجمال) ظهرت لتصبح وسيلة مهمة لتقليل الثقة بالنفس وشغل وقت المرأة حتى لا تستخدمه في تطوير نفسها والسعي وراء طموحها، ما يعني أن قيم المجتمع الاستهلاكي استغلت قيم التحرر النسوي لإخضاع المرأة لنوع آخر من القهر هو قهر سباق الجمال والموضة".
وتؤكد المؤلفة أن الموجة الثانية من الحركة النسوية لا تلقي بالا لهذا التغيير وأثره على النساء الموجودات في أسفل السلم الاجتماعي، حيث خضعت الحركة للنظام الرأسمالي بشكل أكبر، وأصبحت تهتم بتوظيف النساء لخدمة الاقتصاد أكثر.
وتدين الكاتبة بوضوح الحركة النسوية لأنها كما تقول: "فسرت العلاقة بين الرجل والمرأة من منطلق علاقات القوة، وأصبحت مشاعر الحب في نظر النسويات أداة ووسيلة لاستعباد المرأة وتم إهمال أهمية هذه المشاعر وأثرها الكبير على الإنسان، سواء كان رجلا أم امرأة، ولهذا بدا وكأن النسويات قررن انتزاع أدوات القهر من الرجل لتحويل هذه الأدوات إلى يد المرأة ليمارسن هن القهر".
وتأسف شريف لأن الحركة النسوية حتى في المجتمعات الحديثة لا تساند جميع اختيارات المرأة، بل إن النساء في تلك المجتمعات، وخلافا لما هو شائع "لا يملكن دائما الحق في الاختيار بين العمل ورعاية العائلة، وهذا الحق هو جوهر التحرر".
وتنتهي المؤلفة إلى القول بأن تنامي اقتصاد المعرفة سيغير بالتأكيد من شكل علاقات العمل، لذلك فإنه من غير المستبعد أن تتغير المطالبات النسوية في المستقبل.
aXA6IDMuMTQ1Ljc2LjE1OSA= جزيرة ام اند امز