تكاد الدول التي اعتادت على إثارة الفوضى في عدد من الدول الهامشية خدمة لمصالح تنظيمات وجماعات سياسية أن تكون مكشوفة للرأي العام العالمي.
محاربة الإرهاب والتطرف لدى دولة الإمارات ليست خياراً معروضاً على المجتمع الدولي، وإنما هو مبدأ أساسي في سياستها الخارجية وتنظر إليه بأنه مسؤولية الكل في العالم، على اعتبار أن تركه وتجاهله يؤدي إلى تهلكة الجميع بما فيها الداعمون للإرهاب والتطرف.
ومن هذا المنطلق نجدها تدين، وبسرعة، كل العمليات الإرهابية التي تحدث في العالم بغض النظر عن المكان أو صاحب التوجه الذي قام بالعملية، كما هو الحال في حادثتي التفجير في كل من زيمبابوي وإثيوبيا، مؤخراً، واللتين استهدفتا تجمعين جماهيريين، الأول لرئيس الوزراء الإثيوبي الدكتور أبي أحمد في العاصمة أديس أبابا، والثاني رئيس زيمبابوي إيمرسون منانغاغوا.
يظل أي جهد فردي تقوم به دولة واحدة أو عدد من الدول في مكافحة ظاهرة تؤرق المجتمع الدولي وتهدد استقراره وأمنه حلاً ناقصاً، ولا يمكن الاعتماد أو الرهان عليه فقط في إيقاف ذلك، فهو الجانب الأصعب عندما تقارنه بما يقوم به دعاة التخريب والتدمير
ومع أن هناك جهوداً دولية مبذولة في محاربة التطرف والتشدد الفكري الذي يؤدي في النهاية إلى العمليات الإرهابية، فإن التركيز في وسائل الإعلام ما زال مركزاً حتى الآن على منفذيها؛ ومن يقوم بها على الأرض، إلا أن انشغال صانعي السياسات ينبغي أن يتركز على الحكومات والأنظمة الداعمة لها بالتمويل والفكر والإعلام، لأنها الوسيلة المؤثرة في مثل هذه العمليات خاصة بعدما تحول الإرهاب والتطرف إلى صناعة تقوم بها دول ونظم سياسية.
تكاد الدول التي اعتادت على إثارة الفوضى في عدد من الدول الهامشية خدمة لمصالح تنظيمات وجماعات سياسية أن تكون مكشوفة للرأي العام العالمي حالياً، خاصة لو ركزنا المنطقة الجغرافية التي تنشط فيه اسياسات دول معينة مثل النظام الإيراني والقطري اللذين خسرا الكثير من نفوذهما في تلك المنطقة خلال الفترة الأخيرة.
ما زالت تفاصيل قصة الانفجارين سياسياً لم تروَ بعد بشكل دقيق وواضح، ولم يتم الكشف عن حقائقها حول الجهات المستفيدة منها إلا أن طريقة التنفيذ وآلياتها توضح أن هناك أيادي متورطة تتبع لدول بدأت تخسر أتباعها ونفوذها فيها، وأن الأمر يضيق عليها في هذه المنطقة بعدما ضاقت مساحات التلاعب في الدول العربية بفعل النشاط الدبلوماسي العربي الذي تقوم دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية وحلفاؤهما.
إن الذي يعنينا نحن هنا في دولة الإمارات هو تراجع المجتمع الدولي أو التأخر في تحمل مسؤوليته في مواجهة داعمي الإرهاب، وهو ما يعتبر إحدى أهم أسباب نمو الإرهاب واستمرار انتشاره جغرافياً في العالم، والمقصود هنا تحديداً تأخر الدول الكبرى في تحركاتها لمواجهة هذه الأحداث، وبالأخص الولايات المتحدة الأمريكية.
المطلوب هو ممارسة الضغط الدبلوماسي والسياسي على دول باتت شبه معروفة بنشاطها الإرهابي، لهذا فإن دولة الإمارات اعتبرت مسألة محاربة الإرهاب مسئؤولية جماعية وليست خياراً سياسياً ليس في هذين التفجيرين فقط - حيث يعتبران جديدين في هاتين الدولتين - وإنما منذ بداية الإرهاب؛ وتردد ذلك وتنادي به في كل المحافل العالمية والمناسبات الدولية.
واقعياً يظل أي جهد فردي تقوم به دولة واحدة أو عدد من الدول في مكافحة ظاهرة تؤرق المجتمع الدولي، وتهدد استقراره وأمنه حلاً ناقصاً، ولا يمكن الاعتماد أو الرهان عليه فقط في إيقاف ذلك، فهو الجانب الأصعب عندما تقارنه بما يقوم به دعاة التخريب والتدمير.
إن تكامل الجهود العملية بدلاً من التركيز على الخطابات والتصريحات والنوايا في مواجهة داعمي الإرهاب في العالم كنظام الحمدين في قطر ونظام الملالي في إيران، بلا شك سيقلل من العمليات التي تقتل الأبرياء وتثير الرعب بين الناس.
من المعروف بأن النظامين القطري والإيراني، ومن خلفهما الإخوان المسلمون يسعون بكل قوة للحصول على موطئ قدم في منطقة القرن الأفريقي، التي كانت وما زالت تمثل أحد المنافذ الرئيسية لتمدد إيران؛ ونرى ذلك جلياً في دعمها الحوثيين في اليمن، لذا فإن استهداف مقرات انتخابية في إثيوبيا وزيمبابوي مؤشر واضح على تضرر داعمي الإرهاب وتقلص نفوذهم في هذه المنطقة من العالم، ودليل في الوقت ذاته على نجاح سياسة التحالف العربي بقيادة السعودية ودعم الإمارات في "التضييق" على النظامين، وبالتالي فشل مشروعاتهم هناك.
يبدو للمراقب بأن هناك ميلاً دولياً -وهو أمر مؤسف-نحو سياسة مسايرة نظام الحمدين بدلاً من الحد من سلوكياته في دعم الإرهاب ومكاشفته وفضحه أمام المجتمع الدولي، بل بدا في نظر الكثيرين أن مثل هذا السلوك يكاد يكون مشجعاً لهذا النظام على استمراريته في دعم الإرهاب.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة