باحث أمريكي: قطر تسعى عبر وكلائها لاستمالة صناع القرار بواشنطن
قطر تواصل استمالة صناع القرار في واشنطن والتأثير على سياسة البيت الأبيض عبر جيش من الوكلاء وجماعات الضغط وإنفاق ملايين الدولارات
حذر باحث أمريكي من أن قطر تواصل استمالة صناع القرار في واشنطن والتأثير على سياسة البيت الأبيض عبر جيش من الوكلاء وجماعات الضغط، وإنفاق ملايين الدولارات، في ظل استمرار مقاطعة رباعي مكافحة الإرهاب.
وقال ديفيد ريبوي الباحث الأمريكي بمجموعة الدراسات الأمنية في واشنطن، في مقال نشرته مجلة "نيوزويك"، إن قطر شنت خلال السنوات الماضية، حربا عقلية مكثفة ومكلفة من أجل كسب قلوب وعقول المحافظين والجمهوريين.
وأشار إلى أنه على الرغم من كون قطر مُصدرًا رئيسيًا للنسخة المتطرفة من الإيديولوجية الإسلامية، والراعي الرسمي لتنظيم "الإخوان" الإرهابي، لكن إغراء ثروتها الهائلة من النفط والغاز الطبيعي مكنها من كسب أصدقاء في أماكن غير محتملة.
وأضاف أن مهمة العلاقات العامة في قطر كانت ملحة لسنوات؛ لا سيما بعد أن بدأ تحالف من الدول العربية، بقيادة السعودية والإمارات في صيف عام 2017، مقاطعة الدوحة وأصدر قائمة مطالب لعائلة آل ثاني الحاكمة.
وأوضح أن المطالب ركزت على وقف تمويل ودعمها جماعة "الإخوان"، التي تصنفها الدول الأخرى جماعة إرهابية، وكذلك النظام الإيراني، والتوقف عن استخدام شبكة "الجزيرة" لإثارة الفتن والتحريض على الثورات في المنطقة، وهو ما كانت تفعله بنجاح كبير منذ ما يسمى "الربيع العربي" أواخر عام 2010.
ولفت إلى أن قطر، تسعى لكسب الصراع مع جيرانها في واشنطن، بشكل رئيسي من خلال استخدام جيش من جماعات الضغط ووسائل الإعلام ومراكز الفكر.
وذكر الكاتب وهو مستشار أمن القومي واتصالات سياسية، أن "معهد قطر الأمريكي" (QAI) ومقره هيوستن، بولاية تكساس، والذي يصف نفسه على أنه "معهد أبحاث مستقل غير ربحي"، سجل أوراقه مؤخرا كوكيل أجنبي بموجب قانون تسجيل الوكلاء الأجانب "فارا" (FARA) للضغط نيابة عن قطر، وكشفت أنه تلقى 5.2 مليون دولار من سفارتها في واشنطن في عام 2019.
ويشترط قانون "فارا" المنظمات والأفراد الأمريكيين الذين يتلقون أموالًا من الخارج بهدف التأثير على الحكومة أو وسائل الإعلام أو الجمهور الكشف عن مصادر إنفاقهم.
ووفقاً للملفات المقدمة إلى وزارة العدل، فإن "معهد قطر الأمريكي" يسجل "موكله الأجنبي" على أنه "دولة قطر، وذلك من خلال سفارة قطر، والمجلس الوطني للسياحة القطري، واللجنة العليا للتسليم والإرث".
وقال إنه بعد تتبع أماكن إنفاق تلك الأموال، توضح الإيصالات كيف توزع قطر أموالها، وتغطي قواعدها بمجموعة واسعة من المؤثرين سواء الداعمين والمعارضين للرئيس دونالد ترامب.
ووفقًا لتقرير سابق، نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال"، استهدفت جماعات ضغط سابقة تعمل لصالح قطر مثل شركة "ستونينجتون ستراتجيز" التي يديرها جوي اللحام ونيك موزين، 250 من "المؤثرين الرئيسيين لترامب"، وكانوا يمدونهم بالأموال والرحلات إلى الدوحة وغيرها من أجل التأثير على سياسة البيت الأبيض بشأن الخليج.
وخلال الفترة من أكتوبر/تشرين الأول 2017، وحتى أكتوبر/تشرين الأول 2019، دفعت قطر 180 ألف دولار لشركة كومون سينس ميديا هولدينج (Common Sense Media Holdings LLC)، التي تنتج برنامجا إذاعيا للمعلق المؤيد لترامب جون فريدريكس، الذي شغل منصب رئيس حملة ترامب الرئاسية في ولاية فرجينيا عام 2016 وهو حاليًا عضو في المجلس الاستشاري لحملة إعادة انتخاب ترامب/ بنس 2020.
في المقابل، وفقا للسجلات، فإن فريدريكس سيتيح إمكانية "وصول الضيوف الرئيسيين"؛ من خلال "الظهور بشكل منتظم في البرنامج لكبار المسؤولين وقادة الأعمال والخبراء القطريين" ويبث "عروضا حية كل شهرين في معهد قطر الأمريكي لتعزيز تقدم قطر"، بما في ذلك استضافتها كأس العالم 2022؛ و "مناقشات منتظمة مع المسؤولين القطريين المقيمين في الولايات المتحدة وخارجها بشأن الخلفية والتعليم".
وسرعان ما كان المستمعون الجمهوريون المؤيدون لترامب في فيرجينيا يحصلون على تيار مستمر من التعليقات المؤيدة لقطر عبر برنامج فريدريكس.
وكتب موقع "ديلي بيست": "بحلول شهر مارس/آذار، كان فريدريكس يبث من الدوحة، حيث أجرى مقابلات مع العديد من كبار المسؤولين الحكوميين حول المقاطعة التي تقودها السعودية ضد قطر".
ووفقا للكاتب، لم تدفع قطر أصواتا مؤيدة لترامب فحسب لمحاولة التأثير على السياسة الأمريكية نيابة عنها، لكنها سعت للوصول إلى معلقين بارزين على موقع "نيفر ترامب" (NeverTrump) يظهرون بشكل متكرر في الأخبار التي تنتقد البيت الأبيض.
وحتى مع تمتع دونالد ترامب بدعم ساحق من الناخبين الجمهوريين، ثمة أقلية صغيرة من معارضيه ذو قيمة بالنسبة لبائعي نفوذ قطر، بحسب المصدر نفسه.
وارتأى الكاتب أنه عندما يؤخذ السياسيون أو المؤثرين في رحلات باذخة مدفوعة التكاليف بالكامل، فإن ذلك مثال واضح على الرشوة. فلا يجب أن يكون المقابل –مثلا في رحلة إلى منتدى الدوحة- فوريًا، ولا يجب أن يكون واضحًا بسهولة.
ومع ذلك، هناك بحسب الكاتب، وعود بنوع من الربح، على غرار المال أو الشهرة أو التقدم الوظيفي أو حتى الأفضلية المزعومة، فالدول الغنية مثل قطر لديها القدرة على تقديم هذه الأنواع من المكاسب لعدد كبير من الناس، وهم يفعلون ذلك.
واختتم بالقول، هناك فرق بين بيع منتج، والتحكم بالأضرار لنظام أجنبي يمول حركة "حماس" و"الإخوان"، ويوفر ملاذا آمنا للإرهابيين من طالبان إلى القاعدة.
aXA6IDMuMTI4LjIwMC4xNjUg جزيرة ام اند امز