محلل أمريكي: قطر تواجه عزلتها بـ "استراتيجية دفتر الشيكات"
الباحث الأمريكي كميل بيكاستينج اعتبر أن قطر بدأت موجة إنفاق عسكري في محاولة للخروج من عزلتها من أجل البحث عن دور إقليمي.
اعتبر الباحث الأمريكي كميل بيكاستينج، أن قطر بدأت موجة إنفاق عسكري في محاولة للخروج من عزلتها من أجل البحث عن دور إقليمي، وتوثيق علاقتها بالغرب من خلال انتهاج "استراتيجية دفتر الشيكات" في ظل استمرار مقاطعة الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب.
وفي مقابلة مع مجلة "وورلد بوليتيكس ريفيو"، قال بيكاستينج، وهو المدير الأكاديمي والأستاذ المشارك في مركز دراسات الشرق الأوسط في كلية الدراسات الدولية المتقدمة بجامعة جون هوبكنز، إنه "في الأشهر الأخيرة، بدأت الدولة الخليجية الصغيرة موجة إنفاق عسكري، تشتري طائرات من الولايات المتحدة وفرنسا، ومؤخراً المملكة المتحدة".
وأضاف: "في الوقت نفسه، أصبحت دولة قطر معزولة بشكل متزايد من قبل جيرانها وأعضاء مجلس التعاون الخليجي السعودية والإمارات التي بدأت مقاطعة اقتصادية على قطر في يونيو/حزيران الماضي".
وأوضح أنه "منذ أكثر من عقد من الزمان، حاولت قطر تعزيز مكانتها كقوة رئيسية في السياسة الإقليمية وحتى العالمية. وهذه الجهود وهي في المقام الأول دبلوماسية ومالية، تتضمن عنصراً عسكرياً أيضاً. ومن الناحية الدبلوماسية، جاء النجاح الأول عندما توسطت الدوحة في اتفاق بين مختلف الفصائل اللبنانية عام 2008. والإنجاز الآخر هو اتفاق عام 2011 بين الحكومة السودانية وجماعة متمردة في دارفور".
وتابع: "من الناحية المالية، قدمت الدوحة دعماً ثابتاً لأطراف مختلفة من مجموعة الإخوان، تشمل حكومة (الرئيس المصري المعزول محمد مرسي) السابقة في مصر، ومليشيات معارضة سورية، كانت مسلحة وربما تدربها قطر. ويمثل الحشد العسكري امتداداً لهذه الجهود من أجل إظهار القوة. والخطوة الأخيرة، التدخل العسكري المباشر في الصراعات الإقليمية، في عام 2011، عندما نفذت طائرات ميراج 2000 فرنسية الصنع المملوكة للقوات الجوية القطرية مهمات لفرض منطقة حظر الطيران في ليبيا".
وتشير التقارير، بحسب بيكاستينج، إلى أن قطر أرسلت أيضاً قوات خاصة ومدربين للانضمام إلى المسلحين الذين يقاتلون الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي. وفي عام 2015، أرسلت الدوحة 1000 جندي إلى اليمن للانضمام إلى التحالف الذي تقوده السعودية ضد الرئيس السابق علي عبد الله صالح والمتمردين الحوثيين".
ورأى أن "زيادة الإنفاق العسكري في السنوات القليلة الماضية تعزى أساساً إلى اعتبارات دبلوماسية أكثر منها عسكرية. فعن طريق إصدار طلبات شراء للشركات العسكرية الرئيسية في الولايات المتحدة وفرنسا؛ بوينج وإيرباص ورايثيون ولوكهيد مارتن، تاليس، كانت تشتري قطر العلاقات الطيبة مع تلك الشركات، والنفوذ الذي تملكه أذرع ضغطها على حكوماتهم. ومن خلال التنويع الاستراتيجي لمورديها، تشتري الدوحة النفوذ في عدة عواصم وتحوط مخاطر العزلة الدبلوماسية".
وأشار إلى أن "الولايات المتحدة وفرنسا تمثلان موردي قطر الرئيسيين لأنظمة الاسلحة المتطورة، بيد أن الدوحة طلبت أيضاً شراء دبابات من ألمانيا ومعدات عسكرية بمليارات الدولارات من الصين. وبالنسبة لبحريتها، فقد فضلت قطر تركيا بطلب شراء 17 زورق دورية من حوض بناء السفن في آريس، في أنطاليا، ومؤخراً إيطاليا التي من المقرر أن تورد زورقي دورية آخرين، وباخرة برمائية و4 طرادات".
وبشأن حالة الدفاع العسكري لدولة قطر، وكيف يتم تجهيزها لاستيعاب هذه المجموعة المتنوعة من الأجهزة، قال الباحث الأمريكي إنه "على الورق، فإن الترسانة القطرية تبدو مثيرة للإعجاب: رافال ومقاتلات إف-15 ومروحيات أباتشي، وطائرات إيرباص لإعادة التزود بالوقود جواً، وبوينج 737 إس للإنذار المبكر والتحكم، وصواريخ باتريوت وأكثر من ذلك".
واستدرك بالقول، "غير أن مراقبي عمليات الانتشار القطرية في الميدان شككوا في الاستعداد القتالي والفعالية العملياتية لقواتهم، فالقوات المسلحة القطرية تفتقر إلى الخبرة والاستقلالية. في ليبيا، كانوا بحاجة إلى كل الدعم من الناتو للملاحة والاستهداف".
ولفت إلى أن "قطر لا تفتقر فقط إلى الموارد البشرية للاستفادة الكاملة من أسلحتها؛ فإنها ربما تفتقر أيضاً إلى رأس المال السياسي لتبريرها، والسعي الهائل وراء المكانة الإقليمية كان المبادرة الشخصية التي قدمها الأمير السابق حمد بن خليفة آل ثاني، ويستأنفه الآن ابنه تميم".
وافترض أنه "ليس هناك ضرورة جيوسياسية لقطر لتصبح قوة عسكرية، كما أنه لا يوجد توافق شعبي مسبق حول هذه القضية، والقبول يأتي من حقيقة أن المواطنين القطريين عددهم صغير جداً حوالي 310 آلاف، وموازنة الدولة ضخمة جداً والنقاش الديمقراطي منعدم".
وبشأن تداعيات هذه الصفقات مع أوروبا والولايات المتحدة في سياق النزاع بين قطر ودول مجلس التعاون الخليجي، ارتأى أنه "في نبوءة تحقق ذاتها، تبرر الدوحة الآن مشترياتها من الأسلحة بعداء البلدان التي استفزتها بتلك المشتريات، من بين عدة أمور أخرى، ولكن أكثر القضايا إلحاحاً بالنسبة للحكومة القطرية هي المقاطعة التي فرضتها عليها السعودية والإمارات ومصر والبحرين".
ومضى قائلاً: "ليس حجم القوات المسلحة القطرية، هو الذي يوفر للإمارة أكبر رادع من التدخل الإقليمي، وأعلى درجات الحرية، ولكن وجود الأجانب على الأرض، فقاعدة العديد الجوية بالقرب من الدوحة هي مقر قاعدة العمليات الأمامية للقيادة المركزية الأمريكية، وهناك عدة آلاف من جنود الجيش الأمريكي وحوالي 100 طائرة بالإضافة إلى وحدة تابعة للقوات الجوية الملكية البريطانية. كما قامت تركيا أيضاً بتشكيل مجموعة صغيرة من القوات في قطر منذ عام 2014، عندما أصدرت الدوحة طلب شراء زوارق دورية تركية، وزادت أنقرة من حجم الوحدة بعد إعلان المقاطعة".
- قاعدة العديد في قطر .. ماذا لو اندلعت حرب أمريكية إيرانية؟
- برقيات أمريكية.. قطر فضّلت إسرائيل على مصر وخذلت السلطة الفلسطينية
واختتم بالقول: "ثمة شائعات بأن الولايات المتحدة يمكن أن تنقل قواتها إلى بلد آخر في المنطقة، ولزيادة قيمتها الاستراتيجية وحماية الوجود الأمريكي، تقوم قطر بتأسيس نفسها كسوق مربحة للأسلحة الغربية، ومستودع لترسانة كبيرة فائقة التكنولوجيا، ومقر دائم للمتخصصين الأجانب"، لافتاً إلى أن الدوحة تمارس "استراتيجية دفتر الشيكات".