سوريا ما بعد داعش.. فصول المعركة المقبلة
هزيمة داعش في آخر أكبر معاقله في سوريا تعتبر أيضا منعطفا حاسما في حرب الدولة الأكبر نطاقا
هزيمة تنظيم داعش الإرهابي في آخر أكبر معاقله في سوريا تعتبر أيضا منعطفا حاسما في حرب الدولة الأكبر نطاقا، حيث بدأت القوات المدعومة من روسيا والولايات المتحدة الأمريكية الآن في التفكير مليا في وضع الطرفين.
ما يمكن أن يأتي بعد ذلك ربما يشمل اتفاقيات وقت إطلاق نار محلية، وضغط من أجل محادثات سلام أوسع نطاقا، أو مزيد من الصراعات، أو كل ما سبق، لكن أيا كان ما سيحدث سيملي الأسد الشروط، حسب قول بلومبرج.
محاولة إنهاء الحرب
يقول عمر لامراني، كبير المحللين العسكريين في مركز ستراتفور الأمريكي للدراسات الاستراتيجية والأمنية: "زوال تنظيم داعش كقوة تقليدية هذا العام سيمنح الموالين الزخم والفرصة لمحاولة إنهاء الحرب العام المقبل".
فيما يرى جوشوا لانديس، مدير مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة أوكلاهوما: "نحن في المرحلة النهائية.. بمعنى أنها لن تكون بالتأكيد ثورة معارضة"، موضحا: "توجد نهاية مهلهلة هنا".
في سبتمبر/أيلول كسرت قوات الأسد بدعم من الغارات الجوية الروسية والمليشيات المدعومة من إيران حصارا فرضه داعش 3 سنوات على مدينة دير الزور، الواقعة على الضفة الغربية من نهر الفرات، وقاعدة جوية قربية.
ونشر الأسد مجموعة كاملة من الأصول العسكرية، يعني رغبته في إعادة فرض سلطة حكومته على أكبر قدر ممكن من سوريا، لا سيما مواردها الاقتصادية الضخمة والمناطق الحدودية الحساسة.
وبعدها بأيام قليلة بدأت خطوة مضادة، حيث تخلت المليشات الكردية المسلحة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية عن معركتها الخاصة ضد داعش في عاصمته المزعومة الرقة، من أجل التوجه بسرعة فائقة نحو دير الزور، التي تبعد حوالي 120 كيلومترا عن الجنوب الشرقي، واستولوا على العديد من منشآت البترول والغاز، بما فيها أكبر حقول البلاد؛ حقل غاز "كونيكو" وحقل البترول "العمر".
انهيار خلافة داعش هي أحدث التطورات في تغيير ديناميكيات حرب وحشية خلفت نصف مليون قتيل في سوريا، والملايين العالقين في مخيمات اللاجئين، فضلا عن تحول معظم البلاد إلى حطام.
وربما يقرر كبار المسؤولين في موسكو قريبا أنه قد حان الوقت لحث شركائهم المحليين على حلول وسط صعبة مطلوبة لإنهاء ما تبقى من الحرب السورية.
الأكراد.. مفترق طرق
والأكراد -الذين يشكلون أقل من 10% من الشعب السوري، والذين استطاعوا بناء قوة قتالية معقولة بمساعدة غربية- تجنبوا مواجهة قوات الأسد بصورة كبيرة، واقتطعوا منطقة شبه ذاتية الحكم غير متجاوزر في الشمال والشمال الشرقي بدعم الولايات المتحدة الأمريكية، وقادوا المعركة ضد داعش.
ويتوقع لامراني من مركز ستراتفور أن إدارة الأسد ستتوصل إلى تفاهم حول حد أدنى من الحكم الذاتي في المناطق الكردية، ويضيف: "سيمنحهم النظام السوري حق وجود اللغة الكردية في المدارس والمجالس المحلية. لكن فيما يتعلق بالأمن والسياسة الخارجية فلن يتم منحهما إلى الأكراد أبدا؛ لأن هذا يعني تقويض حكم النظام المركزي".
من جانبه، يعتقد روبرت فورد، زميل أول في معهد الشرق الأوسط في واشنطن، والسفير الأمريكي السابق لدى سوريا في الفترة من 2011 إلى 2014، أن هذا المستوى من العرض المقدم من المحتمل ألا يستمر، ويوضح أن حكومة الأسد ربما تقبل نوعا من الاتفاق مع الأكراد، لكنها لن تستمر في القيام بذلك، لأنها ستخاطر بمطالبة محافظات أخرى بأمور مشابهة.
ويقول أيهم كامل، رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة أوراسيا: "سيواجه النظام الأكراد في نهاية المطاف.. إنها مسألة وقت".
على صعيد آخر، تعارض تركيا جميع الخطوات نحو حكم ذاتي كردي في شمال سوريا، خشية أن يشجع هذا مجتمعها الانفصالي، وخلال الشهور الأخيرة جعلت تركيا سياستها في سوريا موازية بصورة متزايدة لتلك الخاصة بروسيا.
مزيد من المعارك
وفي مناطق أخرى في سوريا يستمر احتمال اندلاع العنف في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، محافظة إدلب في الشمال الغربي، ونصف درعا في الجنوب الشرقي، ومحافظة الغوطة الشرقية بالقرب من دمشق، لكن من غير المحتمل أن يستمر هذا العنف كثيرا، حسب لامراني الذي أضاف "إذا استولوا على إدلب، وإذا تمكنوا من الوصول إلى الغوطة، سينتصرون.. هذا هو الأمر".
وإذا كانت المعارضة السورية تريد الحصول على تأثير جوهري على مستقبل بلادهم، ربما تحتاج سريعا إلى الاجتماع على قبول شروط النظام الموجعة من أجل إجراء محادثات، وفقا لكامل الذي أضاف أن إعادة فرض النظام السياسي السوري سيكون مهمة صعبة جدا، وستكون متعلقة بمشاركة السلطة.