بيان "قمة بغداد" الختامي.. برنامج متكامل لدعم العراق
ودّع العراق، مساء السبت، ضيوفه من رؤساء وملوك وقادة وشخصيات رفيعة عقب انتهاء فعاليات مؤتمر قمة بغداد للحوار والتعاون الإقليمي.
ورغم توديع الكاظمي لضيوف بلاده المشاركين في المؤتمر، فإن استمرار انعقاد تلك الحوارات في المستقبل القريب وتوسيع أطر المشاركة بين العراق ودول الجوار سيتكرر، بحسب كلمة لوزير الخارجية العراقي فؤاد حسين خلال مؤتمر صحفي عقب انتهاء القمة.
ورغم أن انعقاد المؤتمر لم يدم أكثر من ساعات معدودة، فإن المخرجات التي جاءت بها القمة، تجاوزت الزمن وبلغت من الدعم والمساندة للعراق في ظرف تعيش البلاد جملة من التحديات الصعبة على مستويات عدة يتقدمها الأمن والاقتصاد.
وخلال جلستين، إحداهما مفتوحة أمام وسائل الإعلام وأخرى مغلقة جمعت الأصدقاء والخصوم، على طاولة قمة بغداد الإقليمية، جاء البيان الختامي مدوياً بإجماع مطلق على ضرورة توفير الجهود الدولية في تثبيت العملية السياسية في العراق وضمان سيادته واستمرار مشروعه الديمقراطي.
وكان رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، استهل جلسة بغداد، بخطاب ركز من خلاله على تحييد العراق عن الصراعات الجارية وحلحلة القضايا المعقدة التي تعصف بأمن واستقرار المنطقة إقليمياً ودولياً.
وتحدث خلال كلمة الافتتاح على جملة من التحديات الراهنة التي يعيشها العراق بينها التحضيرات الجارية لإجراء الانتخابات التشريعية فضلاً عن تحديات مواجهة الإرهاب وجوانب تتعلق بالاقتصاد والاستثمار.
وجاء البيان الختامي لمؤتمر بغداد لقادة دول الجوار، قريباً من هموم العراق وتحدياته الأمنية والاقتصادية والسياسية، حيث تضمنت بعض فقراته تجديد الدعم لجهود الحكومة العراقية في تعزيز مؤسسات الدولة وفقا للآليات الدستورية وإجراء الانتخابات النيابية الممثلة للشعب العراقي.
وأقر المشاركون بأن المنطقة تواجه تحديات مشتركة تقتضي تعامل دول الإقليم معها على أساس التعاون المشترك والمصالح المتبادلة ووفقا لمبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول واحترام السيادة الوطنية.
أمل في نفق العراق المظلم
ووصف مراقبون مقررات البيان الختامي بـ"جرعة عالية من الأمل والتفاؤل" التي تساعد على تحسن أوضاع البلاد وتهيئتها لعهد جديد على مستوى البناء السياسي والحكومي والخدماتي.
ويقول المحلل السياس نجم القصاب، إن "ما حدث اليوم يعد انطلاقة جديدة للدولة العراقية أمام الأمم الثلاث العربية والعثمانية والفارسية ولحظة انكشاف ومكاشفة لتلك التداعيات والسلوكيات طيلة العقود السابقة"، وفق تعبيره.
وتابع القصاب خلال حديث لـ"العين الإخبارية"، أن "البعض حاول التقليل من شأن هذا المؤتمر لغايات تتقاطع مع مصالح البعض.. لكنه يعد محطة مهمة في تاريخ العراق السياسي والحكومي سواء للعراق او لدول المنطقة".
وبشأن البيان الختامي، يقول القصاب، إن "مخرجات قمة بغداد الحوارية جاءت ببرنامج متكامل من الدعم والإسناد للعراق لشعب وحكومة العراق على كافة الصعد السياسية والاقتصادية وحتى التنموية".
فيما يذهب الخبير الاستراتيجي سيف الدليمي إلى أبعد من ذلك حيث يؤكد أن البيان "يدفع بالعراق إلى لعب دور إقليمي دولي تحت غطاء رسمي وشرعي".
ويضيف الدليمي، لـ"العين الإخبارية"، أن "مستويات الدعم والتعزيز جاءت على مستويات السياسية والسيادة والتكامل مع المجتمع الدولي، وهي النقطة الفارقة كونها حملت أوجه مختلفة ومتعددة لاعتراض أي ثغرة قد تكتنف مسيرة البناء في المؤسسة العراقية".
ويلفت الدليمي، إلى أن "بنود المؤتمر ملزم للجميع كونها جاءت تحت دعم أوروبي غربي ينظم العلاقة بين الدول المتصارعة في المنطقة، خصوصا ما يتعلق بالانتهاكات التركية والإيرانية بحق العراق وقراره السياسي وسيادة أراضيه".
الكرة في الملعب العراقي
رغم أن أغلب المتابعين لمجريات القمة الإقليمية ومخرجات بيانها الختامي يتفقون على أهمية تلك النتائج في تعزيز المكانة الدولية للعراق، إلا أن ذلك مرهون بقدرة بغداد على صناعة قرار وطني خالص.
إذ إن الرغبة التي أبدتها الوفود المشاركة، كما يقول المحلل السياسي، محمد الريان، خصوصاً الدول العربية والخليجية التي تعنى بدرجة كبيرة باستقرار العراق، تتطلب من بغداد توفير بيئة استراتيجية آمنة ومطمئنة لضمان تدفق ذلك الدعم والإسناد.
ويؤشر الريان إلى أن "هنالك تيارات وجهات تعمل داخل العراق كخطوط ممانعة بوضع العثرات أمام عودة عراقية للمياه الخليجية والعربية بشكل عام"، مضيفا: "وهنا يقع الرهان على حكومة الكاظمي والقوى السياسية في وقف تلك الرغبات والأجندات التي تحاول الإبقاء على بغداد تحت عرف سياسي ذي صبغة طائفية".
كما حذر نجم القصاب، من مغبة ذلك الأمر ومحاولة ضرب السياسة بالطائفية والتمذهب، مستدركا: "لو استسلمنا للتاريخ سننفصل عن الحاضر ونضيع المستقبل".
ويشدد القصاب على "ضرورة الابتعاد عن كل ما يفاقم من أفكار العنف السياسي وينهي فرص إقامة دولة الحكم الرشيد بالعراق".