بعد سنوات الأزمة المالية.. كورونا يفتح سجل الركود الكئيب في اليونان
أثينا ستبدأ في تخفيف قيود الإغلاق هذا الشهر، مع افتتاح معظم المتاجر أبوابها بحلول 11 منه والمطاعم والفنادق بعد الأول من الشهر المقبل
يخيّم شبح الركود مجددا على اليونان بعد 10 سنوات على أسوأ أزمة اقتصادية تمر عليها في تاريخها الحديث، في ظل الإغلاق العالمي الذي فرضه فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19).
وتبقى حكومة أثينا معلقة بأمل في تخفيف قيود الإغلاق هذا الشهر، وفتح المتاجر مطلع الأسبوع المقبل، كما أنه من المتوقع بدء استقبال الوفود السياحية قبل يوليو/تموز المقبل.
ورغم إعلانها عن أقل من 150 وفاة بكوفيد-19، وهي حصيلة أدنى بكثير من تلك التي تم تسجيلها في دول أوروبية عدة، فإن اليونان لن تكون بمنأى عن الهبوط الاقتصادي الناجم عن تفشي الفيروس، بحسب تحذيرات صدرت عن رئيس الوزراء كيرياكوس ميتسوتاكيس هذا الأسبوع.
وقال للبرلمان الخميس إن "تداعيات هجوم فيروس كورونا هذا ستكون هائلة بلا شك"، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية.
وأضاف "نعرف بكل تأكيد أن الركود سيكون عميقا... لا نعرف كم ستستمر الأزمة الصحية، لا نعرف بعد إذا ما سيكون لدينا سياحة".
وتعد السياحة بين أهم مصادر عائدات اليونان، إلى جانب الشحن البحري.
وأفاد رئيس الوزراء بأن اليونان وحدها قد تخسر ما بين ثمانية إلى عشرة مليارات يورو (8,8 إلى 11 مليار دولار) كعائدات هذا العام.
أين الأموال؟
وقال ميتسوتاكيس إن اليونان تبنّت بالفعل إجراءات بقيمة 17.5 مليار يورو، أي 10% من الناتج القومي، لدعم الشركات والموظفين.
وأضاف أن الحزمة ستصل إلى 24 مليار يورو متضمنة أموالا من الاتحاد الأوروبي.
لكن المعارضة شككت فيما إذا كانت الأموال وصلت بالفعل إلى المستحقين لها.
وتساءل رئيس الوزراء اليساري السابق أليكسيس تسيبراس الخميس "أين هذه الأموال؟ إنها ملائمة للتصريحات، لكن الأعمال التجارية والموظفين لم يحصلوا على يورو واحد"، متوقعا أن تسريح العمال سوف "يخرج عن نطاق السيطرة" قريبا.
وأملت اليونان هذا العام بطفرة نمو بنسبة 2.4%، وبعد الخروج من خطة الإنقاذ النهائية لأزمة الديون في 2018، كانت معدلات الاقتراض عند أدنى مستوياتها التاريخية. وفي أكتوبر/تشرين الأول باعت أثينا سندات الخزينة بسعر سلبي، وكانت لديها احتياطيات نقدية تزيد عن 36 مليار يورو في متناول اليد.
لكن مع خضوع معظم أوجه اقتصادها لإجراءات الحجر الصحي منذ مارس/آذار والتوقعات بأن تؤدي عمليات الإغلاق العالمية إلى تأثير مدمر على السياحة، يتوقع أن تغرق اليونان في ركود بنسبة 10% هذا العام، وفقا لصندوق النقد الدولي.
ضرر لا يمكن إصلاحه
لكن أستاذ الاقتصاد في جامعة أثينا باناغيوتيس بيتراكيس رأى أن الضربة الاقتصادية ستكون أقل حدة.
وصرح لوكالة فرانس برس بأن "السيناريو المرجح هو انكماش بنسبة 6% بشرط عدم زيادة حدة الوباء".
ويعتقد بيتراكيس كذلك أن التأثير الاقتصادي لهذه الأزمة سيكون أقل من حيث المدة الزمنية. ويقدر صندوق النقد الدولي نفسه تعافي الاقتصاد اليوناني بنسبة 5.5% في 2021.
وتقول وزارة المالية اليونانية إن الهبوط يمكن أن يقتصر على 4.7% من خلال إجراءات الدعم، يليه انتعاش بنسبة 5.1%. وقالت الجمعة إن معدل البطالة سيقترب من 20%.
وستبدأ الحكومة في تخفيف قيود الإغلاق هذا الشهر، مع افتتاح معظم المتاجر أبوابها بحلول 11 منه والمطاعم والفنادق بعد الأول من الشهر المقبل.
لكن يتوقع قلة فقط أن يزور السياح البلاد قبل يوليو/تموز.
ويخشى العديد من مالكي الأعمال التجارية اليونانية من أن الضرر لن يكون قابلا للإصلاح، لا سيما مع متطلبات التباعد الاجتماعي التي تفرض مسافة مترين التي يتوقع أن تقلل عدد الزبائن.
ويقول كوستاس يويوس مالك حانة في ميناء رافينا بالقرب من أثينا "في الصيف الماضي كان لدي 10 طاولات في الخارج و 1 في الداخل. الآن سيكون لدي فقط ثلاث طاولات بالخارج ومن المفترض أن أتدبر الأمر".
وأضاف صاحب مطعم مجاور "لن يعيد الكثيرون فتح أعمالهم أساسا، ولن يتمكنوا من تدبر أمورهم مع هذا العدد القليل من الطاولات".
ذكريات 2010
في 2 مايو/أيار 2010 وقّعت الحكومة الاشتراكية التي كان يقودها جورج باباندريو أول خطة من 3 عمليات إنقاذ نهائية مع المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي التي يبلغ مجموعها 350 مليار يورو.
وقبل أسبوع من ذلك التاريخ، فاجأ باباندريو الأمة بإعلانه طلب المساعدة الدولية. ولا يزال خطابه المتلفز من جزيرة كاستيلوريزو الصغيرة محفورا بشكل لا يمحى من الذاكرة الجمعية للبلاد.
وفي السنوات التي تلت، تم تصفية ربع الناتج الوطني اليوناني في موجة تلو الأخرى من إجراءات شملت خفض الأجور والمعاشات وزيادة الضرائب التي طالبت بها "ترويكا" الدائنين.
وقفزت نسبة البطالة إلى 27% قبل أن تهبط إلى 16% في مارس/آذار، حيث تبقى الأعلى رغم ذلك ضمن منطقة اليورو.