نار التنين الصيني تحرق التضخم.. ماذا فعل بالأسعار والفائدة؟
نفث التنين الصيني نيرانه فأطفأ نار التضخم، لتشهد بكين انخفاضًا في الأسعار، خلافاً للقوى الاقتصادية الأخرى التي ما زالت تنكوى بلهيبه.
خلافاً للقوى الاقتصادية الأخرى، التي تستجير من نار التضخم.. انخفضت الأسعار العام الماضي، في الصين، ما يفتح المجال أمام إمكانية خفض معدّلات الفائدة لدعم النشاط الذي تقوّضه أزمة العقارات.
تباطؤ وتيرة ارتفاع التضخم
خلال العام 2021، ارتفع التضخم بمعدل 0.9% في الصين، فيما بلغ ارتفاعه السنوي في ديسمبر/كانون الأول الماضي، نحو 1.5%، مقابل 2.3% في الشهر السابق له، وذلك حسب المكتب الوطني للإحصاء الصيني.
وهي وتيرة أبطأ بكثير مقارنة بالمعدل الذي سجل في عام 2020، بينما بلغ 2.4%، نتيجة التوقف شبه التام للنشاط في الصين مطلع العام 2020 بعد انتشار "كوفيد-19"، وذلك حسب وكالة فرانس برس.
في المقابل، يشكل وتيرة ارتفاع التضخم السريع في منطقة اليورو، والولايات المتحدة مصدر قلق.
الأعلى في 40 عاما بأمريكا
وقفزت أسعار السلع الاستهلاكية في الولايات المتحدة، بنحو 7% في عام 2021 في أكبر ارتفاع منذ يونيو/حزيران 1982 على ما أظهرت أرقام رسمية الأربعاء.
وقال رئيس البنك المركزي الأمريكي جيروم باول، يوم الثلاثاء، إن استعادة استقرار الأسعار "على رأس قائمة الأولويات" مبررًا مسبقًا زيادات معدلات الفائدة في الولايات المتحدة هذا العام.
أسباب التراجع
وفيما يخيم شبح التضخم على الأسواق العالمية، يمكن تفسير هذا الاتجاه الصيني جزئيًا بانخفاض أسعار المواد الغذائية.
ويعتبر الانخفاض ملحوظًا بالنسبة للحم الخنزير، والذي بلغ -36% خلال عام واحد، وهو الأكثر استهلاكًا في البلاد.
وتضاعف سعر لحم الخنزير في السنوات الأخيرة، بسبب وباء حمى الخنازير الأفريقية، الذي قضى على المزارع.. لكن الأسعار شهدت استقرارا في العام 2021 مع انحسار المرض.
كانت السلطات قد حثت على عمليات شراء احترازية مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، من خلال دعوة السكان إلى تكوين احتياطيات غذائية في سياق عودة تفشي الوباء بشكل محدود، مع إجراءات حجر وعزل.
استقرار الأسعار
وعلى صعيد أسعار الإنتاج، تراجعت وتيرة ارتفاع التضخم أيضًا الشهر الماضي بزيادة قدرها 10.3% فقط على أساس سنوي في مقابل 12.9% في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وشهد مؤشر كلفة البضائع عند خروجها من المصانع أكبر زيادة له منذ أكثر من 25 عاما في سبتمبر/أيلول الماضي، عندما بلغ 13.5%.
في المتوسط، ارتفعت أسعار الإنتاج بنسبة 8.1% في العام 2021 بعد تراجع بنسبة 1.8% في 2020.
توقعات بخفض الفائدة
وقالت المحللة "شينا يو"، من مجموعة "كابيتال إيكونوميكس" إنها "تتوقع أن تستمر أسعار الإنتاج في التباطؤ في الأشهر المقبلة".
وحذرت من أن "انتشار الوباء مجددا قد يؤدي إلى مزيد من الاضطراب في شبكات التموين".
ووضع نحو 20 مليون شخص في الحجر الصحي في الأسابيع الأخيرة في 3 من مدن البلاد بعد ظهور حالات "كوفيد-19"، لاسيما من المتحورة "أوميكرون".
ويرى المحلل "لو تينغ"، من بنك الاستثمار" نومورا"، في أن انخفاض الأسعار: "يزيد من احتمال خفض طفيف في معدلات الفائدة للبنك المركزي" لدعم الاقتصاد المتعثر".
كذلك حذر الاقتصادي "زيواي زانغ" من "Pinpoint Asset Management "، الذي يتوقع أيضًا خفض لسعر الفائدة من أن تفشي الوباء مجددا في الصين "يشكل مخاطر إضافية على الاقتصاد".
إجراءات تحفيز النشاط
تعافت الصين إلى حد كبير من الصدمة الأولية للوباء، لكن البؤر العشوائية لكوفيد-19، في البلاد استمرت في إبطاء النشاط.
كذلك، تأثر الانتعاش نتيجة ارتفاع أسعار المواد الأولية وأزمة العقارات مع نكسات المطور العقاري العملاق" إيفرجراند"، الذي بات على وشك الإفلاس.
وترزح المجموعة الرائدة في القطاع تحت عبء ديون تبلغ حوالى 260 مليار يورو، وتسعى منذ أشهر لتسديد فوائدها، وتسليم الشقق.
ويمثل قطاع البناء، والعقارات، أكثر من ربع إجمالي الناتج الداخلي للصين، ويعمل كمحرك للعديد من القطاعات الأخرى مثل الصلب، والأثاث.
كذلك يؤثر سلبا على الشركات في ثاني أكبر اقتصاد في العالم، كما يؤثر على الاستهلاك، كلا من ارتفاع تكلفة العمل، والمواد الأولية، والطاقة، على خلفية تعثر الإمدادات العالمية وسط أجواء متوترة.
ولدعم النشاط، خفضت بكين في ديسمبر/كانون الأول الماضي، معدل الاحتياطي الإلزامي للمصارف، أي حصة الودائع التي يتعين عليها الاحتفاظ بها في خزائنها.
كذلك خفض البنك المركزي الصيني، للمرة الأولى منذ عامين، المعدل المرجعي للقروض.