أول تعليق صيني على اتفاق بكين وبروكسل
أكدت الصين، أن اتفاق الاستثمار مع الاتحاد الأوروبي يقدم تعهدات ملزمة قانونا بالوصول للسوق، وأنه سيوفر بيئة عمل أفضل للجانبين.
وقال الرئيس الصيني شي جين بينغ، الأربعاء، إن اتفاقية الاستثمار المرتقبة مع الاتحاد الأوروبي ستوفر أسواقا أكبر وبيئة عمل أفضل للاستثمارات الصينية والأوروبية.
وأعلن الاتحاد الأوروبي، أكبر تكتل تجاري في العالم، والصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، عن الاتفاق الاستثماري بينهما اليوم الأربعاء بعد قرابة 7 سنوات من المفاوضات، ومن المرجح أن يستغرق عاما آخر على الأقل ليدخل حيز التنفيذ.
تعزز العولمة
وأضاف شي، حسب وكالة أنباء الصين الجديدة الرسمية "شينخوا"، أن الاتفاقية تظهر عزم الصين وثقتها في الانفتاح، مشيرا إلى أنها سوف تحفز الاقتصاد العالمي أثناء تعافيه من جائحة كورونا، فضلا عن تعزيز العولمة الاقتصادية والتجارة الحرة.
ووصف شي، أوروبا والصين بأنهما "أكبر قوتين وسوقين وحضارتين في العالم".
وأصبحت الصين في الفصل الثالث من العام أكبر شريك تجاري للاتحاد الأوروبي متخطية في ذلك الولايات المتحدة بعد أن أعاقت جائحة كوفيد-19 عجلة الاقتصاد الأميركي فيما استعاد الاقتصاد الصيني زخمه.
تعهدات ملزمة
وبدورها، قالت مسؤولة حكومية صينية، إن الشركات الصينية ستتلقى تعهدات ملزمة بالوصول إلى سوق الاتحاد الأوروبي بموجب اتفاق استثماري جديد، في حين ستفتح الصين قطاعها المالي، وقطاعي الصناعات التحويلية والخدمات للتكتل الذي يضم 27 دولة.
وحسب رويترز، قالت لي يونغ جي نائبة مدير إدارة المعاهدات والقانون بوزارة التجارة الصينية في إفادة إعلامية في بكين إن الصين والاتحاد الأوروبي سوف "يدفعان في اتجاه توقيع مبكر" للاتفاق.
وأضافت أنه رغم أن سوق الاستثمار الأوروبية مفتوحة نسبيا، فإن الاتحاد سيقدم للشركات الصينية بموجب الاتفاق تعهدات ملزمة قانونا بالوصول إلى السوق.
وقالت لي إنه جرى التوصل لتوافق حول مسائل مثل الطاقة والشركات المملوكة للدولة والشفافية بشأن الدعم ونقل التكنولوجيا ووضع المعايير والإنفاذ الإداري والتنظيم المالي، مضيفة أن الاتفاق يتضمن أيضا بنودا تتعلق بمسائل البيئة والعمالة.
وسئلت لي عما إذا كانت الصين ستصدق على اتفاقيات قائمة بشأن العمالة وسط بواعث قلق في أوروبا بشأن العمالة القسرية، فاكتفت بالقول بأن الصين تمنع العمالة القسرية.
وكررت، في الاتفاق، التزامها كعضو في منظمة العمل الدولية.
وبحسب الموقع الالكتروني لمنظمة العمل الدولية فإن بكين لم تصدق حتى الآن على 4 من 8 اتفاقيات أساسية للمنظمة من بينها اتفاقية بشأن العمالة القسرية.
استباق لعهد بايدن
ويأتي الاتفاق الأوروبي الصيني قبل 3 أسابيع من تنصيب بايدن رئيسا للولايات المتحدة، وقد أعرب فريق عمله عن قلقه إزاء تقرّب الاتحاد الأوروبي من بكين وحض بروكسل على التشاور مع واشنطن.
وفي حين انتهج الاتحاد الأوروبي مقاربة أكثر ليونة مع الصين، شن الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترامب حربا تجارية لدفع بكين إلى تقديم تنازلات.
وعلى الرغم من الخلافات الجذرية مع سلفه حول مروحة كبيرة من المسائل، يبدو بايدن متّجها لمواصلة سياسة التشدد حيال بكين، علما أنه يسعى لبناء جبهة دولية أكثر شمولية في مواجهة بكين.
ويصر الاتحاد الأوروبي على أن الاتفاق مع بكين لن يؤثر سلبا على العلاقات مع الإدارة الأمريكية الجديدة.
ويعتبر أن الاتفاق يوازي جزئيا "المرحلة الأولى" من الاتفاق التجاري الذي أبرمه ترامب مع بكين في يناير/كانون الثاني الماضي.
عودة التوازن
وقال التكتل أن الاتفاق الذي بدأ التفاوض بشأنه في العام 2014، سيمهّد الطريق أمام إعادة التوازن على صعيد تعامل بروكسل وبكين مع المستثمرين.
كذلك يصر التكتل على أن الاتفاق يفرض على بكين إعطاء ضمانات لطمأنة الاتحاد الأوروبي عبر وضع حد لقواعد تفرض نقل التكنولوجيا، ويعزز احترام الملكية الفكرية ويشدد التزامات بكين البيئية ويعالج قضية الدعم الحكومي للشركات.
ألمانيا: الاتفاق المبدئي مع الصين نجاح كبير
وصفت الحكومة الألمانية الاتفاق المبدئي بين الاتحاد الأوروبي والصين بشأن إبرام اتفاقية استثمار بين الجانبين، بأنه نجاح كبير تحقق في نهاية الرئاسة الألمانية للاتحاد الأوروبي.
وكتبت الحكومة على موقعها الإلكتروني الأربعاء:" يمكن القول بوجه عام إن القيم الأوروبية المتعلقة باتفاقيات الاستثمار مرسخة إلى أبعد حد ممكن على الإطلاق في هذه الاتفاقية للاستثمار".
في الوقت نفسه، رأت الحكومة أن هذه الاتفاقية " لا تحل كل القضايا الحساسة لكنها تمثل تقدما عظيما"، وقالت إنها تعد " الاتفاقية الأكثر طموحا التي تبرمها الصين مع دولة ثالثة" في قضايا الوصول إلى السوق وقطاعات أخرى.
وذكرت الحكومة الألمانية أن هذه الاتفاقية حددت عملية للحوار والتنفيذ " تسمح لنا بشكل دائم بالبقاء على اتصال مع الصينيين".
وقالت إن هذه العملية يمكن مقارنتها بالعمليات التي تم الاتفاق عليها حتى الآن في إطار اتفاقيات لتحرير التجارة".
ورأت برلين أنه من خلال اتفاقية الاستثمار صار من الممكن الآن على الصعيد الدولي الانضمام إلى اتفاقيات أخرى.
ويتوقّع أن يمهد الاتفاق الطريق أمام الشركات الأوروبية لدخول الأسواق الصينية لا سيما قطاعات السيارات الكهربائية والصحة والاتصالات والمالية، وفي المقابل يفتح أسواق الطاقة المتجددة الاوروبية أمام بكين.
لكن مسؤولا أوروبيا اعتبر أن الاتفاق يسمح لدول أعضاء في الاتحاد بأن تمنع أحاديا الشركات الصينية من دخول أسواقها لأسباب تتعلق بحماية الأمن القومي.
ويتوقع أن يستغرق إنجاز الاتفاق المبدئي بصيغته النهائية أشهرا، وهو يتطلب مصادقة كل الدول الأعضاء في التكتل عليه وكذلك البرلمان الأوروبي.