بالصور.. "العين الإخبارية" ترصد الإضراب في السودان
الصحة والكهرباء الأكثر استجابة في اليوم الأول
"العين الإخبارية" تجولت في القطاعات الطبية والمصارف والكهرباء ووجدت أنها كانت الأكثر استجابة للإضراب العام.
استجابت قطاعات سودانية واسعة للإضراب العام، الثلاثاء، في يومه الأول، وسط تعهدات بالاستمرار ليوم غدٍ الأربعاء، استجابة لدعوة قوى إعلان الحرية والتغيير التي تقود الاحتجاجات في البلاد.
ووفق جولة لـ"العين الإخبارية"، فإن القطاع الطبي والمصارف والكهرباء كانت الأكثر استجابة للإضراب العام، حيث توقفت الخدمات تماما في مجمل هذه المرافق الحيوية.
وكانت العاصمة الخرطوم، الثلاثاء، أكثر هدوءاً مما كانت عليه في السابق، حيث انخفضت حركة المارة بصورة ملحوظة وسط إغلاق معظم المحال التجارية بالأسواق الرئيسية، بما في ذلك مجمع الذهب الذي شهد استجابة جزئية للإضراب، فيما سيطر العاملون بالمؤسسات على الطرقات من خلال وقفات احتجاجية داعمة للإضراب ومنادية بالانتقال إلى سلطة مدنية عاجلة.
مع هدوء الحركة، حيث بدا الوضع كأنه عصيان مدني عند الفجر، كانت الطرق الرئيسية في العاصمة الخرطوم تتزين بلافتات عملاقة تحمل عبارات "العصيان السياسي"، بالتزامن مع انتشار شباب محتجين يوزعون قصاصات إعلانية على المارة تحض على الانخراط في الإضراب والخطوات التصعيدية القادمة.
ارتباك الملاحة الجوية
وارتبكت حركة الملاحة الجوية في مطار الخرطوم الدولي في الساعات الأولى لفجر الثلاثاء، عقب إعلان موظفي الطيران المدني الدخول في الإضراب العام، لكن سرعان ما انتظمت حركة الطائرات بصورة طبيعية، حسب شهود عيان تحدثوا لـ"العين الإخبارية".
وأكدت مصادر بالمطار أن جميع الرحلات الخارجية المبرمجة تم تسييرها، ولم يتم تسجيل أي حالة تخلف، لكنها أشارت إلى إلغاء بعض الرحلات الداخلية نتيجة إضراب شركات طيران وطنية.
واستبق اتحاد كباتن الطيران المدني الإعلان عن الإضراب بموكب احتجاجي حاشد إلى ساحة الاعتصام أمام قيادة الجيش السوداني بالخرطوم، مؤكدين دعمهم للإضراب وكل خطوات التصعيد السلمي لحين الوصول إلى سلطة مدنية.
وبحسب مصادر فإن موظفي الطيران المدني نفذوا الإضراب، لكن الشركات العاملة في مطار الخرطوم جلبت أشخاصا آخرين قاموا بتغطية العمل الإداري والفني الخاص بتسيير رحلات الطيران الخارجية.
المصارف.. إضراب لأجل واقع أفضل
وبحسب جولة مراسل "العين الإخبارية" فإن معظم المصارف السودانية بما فيها بنك السودان المركزي نفذت الإضراب وأغلقت أبوابها تماما في وجه العملاء الذين تقبلوا موقفها.
وكتبت المصارف المضربة على بواباتها الموصدة أمام العملاء: "عزيزي العميل أنا مضرب، هدفي ليس تعطيلك وإنما توفير مستقبل أفضل لخدمتك".
وشهد القطاع المصرفي السوداني تدهورا مريعا خلال الأشهر الماضية، وعانى أزمة سيولة نقدية غير مسبوقة لا تزال تراوح مكانها، حيث يفشل العميل في الحصول على أمواله المودعة باستمرار.
وكشف قاسم عوض، وهو مصرفي بأحد البنوك التجارية السودانية، لـ"العين الاخبارية"، عن تلقيهم توجيهات من محافظ بنك السودان المركزي بعدم الإضراب ومواصلة العمل، لكنهم خالفوا هذه التعليمات من أجل مصلحة الوطن رغم تهديدهم بالفصل من الوظيفة.
وقال: "نمضي في الإضراب لإيماننا القاطع بأنه وسيلة ناجعة لتحقيق مطالب الثورة التي ضحى من أجلها 100 شاب بأرواحهم، فلا بد من الضغط للانتقال إلى واقع أفضل خصوصا أن قطاعنا المصرفي الأكثر تضرراً من فشل سياسات النظام المخلوع".
مناوشات في إضراب الكهرباء
واستجاب موظفو قطاع الكهرباء بصورة واسعة لدعوات الاعتصام، حيث أغلق معظمهم نقاط بيع الكهرباء بالعاصمة الخرطوم أمام الجمهور، ولم يشمل الإضراب الفنيين نسبة لمناشدة تجمع المهنيين السودانيين ضرورة استمرار خدمة الكهرباء في تلبية الإنارة والاكتفاء بالجوانب المتصلة بالإيرادات المالية.
وقال تجمع المهنيين بقطاع الكهرباء في بيان له، إن قوات عسكرية اقتحمت عددا من مراكز توزيع الكهرباء وحاولت إرغام الموظفين على العمل.
وأشار إلى أن هذه القوات العسكرية قامت بنزع الملصقات المعلنة عن الإضراب، وإجبار قسم الحسابات بالرئاسة على صرف رواتب العاملين، وتسيير موكب يدعو لعدم الانصياع للإضراب في جميع الشركات.
وقال التجمع إن القوات العسكرية اعتقلت مهندسي وفنيي وموظفي مكتب توزيع الرياض واقتادتهم إلى جهة غير معلومة الآن، قبل أن تفرج عنهم لاحقا عقب تهديد موظفي الكهرباء بإطفاء كامل للتيار.
القطاع الصحي.. شلل تام
وحقق القطاع الطبي في السودان أكثر نسبة استجابة للإضراب العام، حيث توقفت جميع المستشفيات الحكومية عن العمل باستثناء أقسام الطوارئ والحالات الحرجة، كما أغلقت الصيدليات العامة والتجارية تجاوباً مع الإضراب السياسي الداعي إلى حكومة مدنية.
وقالت طبية بمستشفى بحري التعليمي شمال العاصمة الخرطوم، لـ"العين الإخبارية": "أوقفنا العمليات الجراحية والتعامل مع جميع الحالات المرضية الباردة، ونستقبل فقط الحالات الطارئة والحرجة"، مؤكدة أنهم يجدون أنفسهم مضطرين إلى تنفيذ الإضراب العام بعد أن حاولت جهات اختطاف الثورة لضمان إفلات القتلة من العقاب، قائلة: "مستمرون في الإضراب حتى يوم غدٍ الأربعاء من أجل الوصول إلى السودان الذي نريده والاقتصاص للشهداء".
ويأتي التصعيد الشعبي في السودان بعد تعثر المحادثات بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى الحرية والتغيير نتيجة تمسك كل طرف بالأغلبية والرئاسة لمجلس السيادة المقترح لحكم الفترة الانتقالية المتفق عليها بثلاث سنوات.
وشهدت، ليلة الإثنين، تصعيدًا إعلاميًا كثيفًا بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى الحرية والتغيير، وسط تبادل الاتهامات بين الطرفين حول عدم الجدية في تشكيل السلطة المدنية.
واتهم نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي الفريق أول محمد حمدان دقلو قوى الحرية والتغيير بالإقصاء، قائلا: "هؤلاء الناس لا يريدون مشاركتنا، يقولون هؤلاء حاجة تشريفية لاستقبال السفراء".
وأضاف، خلال لقاء مع أفراد شرطة ودبلوماسيين، أن المجلس مستعد لتسليم السلطة بسرعة، لكن الحرية والتغيير ليست جادة فيما يتعلق بتقاسمها.
من جانبه، قال المتحدث باسم تحالف إعلان الحرية والتغيير، وجدي صالح، إن المجلس العسكري الانتقالي طالب بأن تكون له أحقية في تعيين ثلثي أعضاء المجلس السيادي.
وأكد صالح، خلال مؤتمر صحفي ليل الإثنين، المضي قدما في الإضراب العام لتحقيق مطالب الثورة بالانتقال لحكم مدني كامل.
وفي جولة سابقة، اتفق الطرفان على سلطة انتقالية مدتها 3 سنوات وهياكل حكم بـ3 مستويات (تنفيذي، تشريعي، سيادي).
وأقر الاتفاق تشكيل مجلس وزراء كامل من قوى إعلان الحرية والتغيير التي تقود الاحتجاجات، ومنحها ثلثي أعضاء المجلس التشريعي المقترح من 300 عضو.
ومنذ السادس من أبريل/نيسان الماضي، يعتصم الآلاف من المحتجين أمام مقر القيادة العامة للجيش السوداني بالخرطوم.
وفي 11 أبريل/نيسان الجاري، أعلن الجيش عزل الرئيس عمر البشير واعتقاله، فيما واصل سودانيون اعتصاماً مفتوحاً أمام مقر القيادة العامة للجيش وسط الخرطوم، مطالبين بتنحي كل تنظيم "الحركة الإسلامية" السياسية وتسليم السلطة إلى قيادة مدنية.
aXA6IDMuMTcuMTUwLjE2MyA= جزيرة ام اند امز