تم إنشاء تحالف مجموعة بلدان منطقة الساحل الأفريقي الخمس من قبل بوركينا فاسو وتشاد ومالي وموريتانيا والنيجر،
في وقت كان الإرهاب منتشراً في هذه البلدان فقط. ولكن ما نراه اليوم بشأن هذا التحالف، هو تمدد النشاط الإرهابي إلى مناطق أخرى، في حين انسحبت مالي من هذا التحالف في 15 مايو/ أيار الماضي، وهو ما يبرز الحاجة إلى إعادة النظر في طريقة عمل هذا التحالف وإدخال إجراءات وإصلاحات تزيد من فعاليته وتتجاوز التحديات التي واجهها.
عندما تم إنشاء هذا التحالف الخماسي، كانت خريطة الإرهاب في المنطقة مختلفة تماماً عن السيناريو الموجود حالياً، لذا فإن تشكيلة مجموعة الخمس تتطلب تعديلاً عاجلاً في مهمتها وصلاحياتها وزيادة عدد البلدان المكوّنة لها.
تم إنشاء هذا التحالف لمحاربة الإرهاب في 5 دول، وبعد تأسيسه انتشر الإرهاب في ثلاث دول مجاورة أخرى في الساحل. يجب أن نضيف إلى كل ما ذكرنا أنه في السابق لم يكن هناك سوى تنظيم القاعدة في المنطقة، ولكن اليوم يوجد داعش أيضاً، لذلك من الطبيعي أن تثار الشكوك حول فعالية هذا التحالف ومدى الحاجة إلى الاستمرار في تمويله.
منذ بداية الحرب الأوكرانية وانتقال مالي وبوركينا فاسو إلى المظلة الروسية، نشأت حالة أخرى من عدم اليقين بشأن ما إذا كان البلدان يتصرفان بشكل صحيح، لأن مشكلة الإرهاب لا يمكن حلّها من طرف الروس، بل يجب التعامل معها من قبل الدول التي تعاني منها وحلفائها المباشرين.
تواجه مجموعة الدول الخمس مشكلات تمويلية ستتفاقم بسبب ميل مالي وبوركينا فاسو نحو روسيا، الأمر الذي يضيف المزيد من الشكوك حول فعالية المجموعة، مما سيؤثر بلا شك على دعم مختلف الدول لاستمراريتها. مع الأخذ في الاعتبار أن مجموعة الخمس هي تحالف يحتاج إلى تمويل خارجي للبقاء وفي نفس الوقت الممولين ليسوا على استعداد لحل مشكلة تصب في النهاية في مصلحة روسيا، ما يفتح الباب للشكوك حول استمرارية تمويلهم للمنظمة.
في أعقاب قرار مالي الانسحاب من مجموعة الخمس، طلب الاتحاد الأوروبي من مينوسما (منظمة الأمم المتحدة في مالي) التوقف عن إمداد كتيبتين من القوة المشتركة المالية بالمواد الاستهلاكية. من ناحية أخرى، تم نقل قاعدة مجموعة تحالف الدول الخمس في نهاية يونيو/ حزيران الماضي إلى العاصمة التشادية نجامينا، وهو ما يعكس الانزعاج تجاه مالي.
اجتمعت مجموعة الخمس في أكتوبر/ تشرين الأول 2021. وبعد عدة تأجيلات، تمكّنت لجنة الدفاع والأمن التابعة للمجموعة من الاجتماع في عاصمة النيجر (نيامي) يومي 21 و22 سبتمبر/ أيلول الماضي، وفي الاجتماع المذكور وافق بقية أعضاء المجموعة على الاستمرار رغم انسحاب مالي.
انخفض المستوى العملياتي لمجموعة الخمس بشكل واضح بين مايو/ أيار وسبتمبر/ أيلول الماضيين، حيث بالكاد نفّذت سبع عمليات جمع معلومات استخبارية وحافظت على وجودها في المنطقة المعروفة باسم الحدود الثلاثية لمالي وبوركينا فاسو والنيجر.
وفي تقرير نشاط مجموعة الخمس من مايو/ أيار إلى أكتوبر/ تشرين الأول الماضيين، عالجب الخدمات الطبية للمنظمة 469 مدنياً، وعلى الرغم من كونه عمل إنساني نبيل ومشرّف جداً للتحالف، إلا أنه يُبعد المنظمة عن المهمة الحقيقية التي تأسست من أجلها وهي محاربة الإرهابيين.
خلال الفترة التي تلت انسحاب مالي من مجموعة الخمس، نظّم التحالف دورات قصيرة أو اجتماعات أو ورشات عمل تطرقت إلى الدفاع عن سياسة النوع الاجتماعي، ودون التقليل من قيمتها، لكن ليس لها علاقة بالهدف الحقيقي للمنظمة. في الوقت نفسه، تم تدريب أعضاء مجموعة الخمس في موضوعات أخرى، ومن المفترض أن هؤلاء الأعضاء قد تلقوا التدريب بالفعل عند انضمامهم إلى المنظمة.
إذا كانت مجموعة الخمس تقوم بالمهمة التي يفترض أن تقوم بها جيوش بلدان الساحل الأفريقي، فإن ذلك يعطي الانطباع بأن المنظمة تقوم بعمل مكرر. وإذا نفّذت جيوش كل دولة واجباتها بشكل جيد، فإننا سنتفادى تكرار نفس الجهود لمكافحة الإرهاب المنتشر حالياً في العديد من البلدان.
ومن المقرر عقد قمة لرؤساء الدول نهاية عام 2022 في العاصمة الموريتانية نواكشوط، حيث ستناقش قضايا مثل التنسيق الثنائي بين الدول المكونة لها. وإذا لم يتم اتخاذ قرارات حاسمة لاستمرارية مجموعة الخمس، من الوارد جداً أن نرى خلال العام المقبل انخفاضاً حاداً في مهام ووظائف هذا التحالف.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة