فيضانات مدينة آسفي.. عشرات الضحايا ودمار واسع في الأحياء التاريخية
شهدت مدينة آسفي الساحلية، واحدة من أقسى الكوارث الطبيعية التي عرفها المغرب خلال السنوات الأخيرة، بعدما اجتاحت المدينة فيضانات مفاجئة وعنيفة حوّلت أحياء كاملة إلى مساحات مغمورة بالمياه.
وجاءت هذه السيول نتيجة أمطار رعدية شديدة هطلت في فترة زمنية قصيرة للغاية، وأسفرت عن سقوط عدد كبير من الضحايا والمصابين، إلى جانب أضرار مادية جسيمة شملت مناطق واسعة من المدينة.
تفاصيل الكارثة المائية في آسفي

تعرضت مدينة آسفي لتساقطات مطرية غير مسبوقة من حيث الغزارة والتركيز الزمني، إذ تسببت العواصف الرعدية في غضون أقل من ساعة واحدة في تشكل سيول جارفة وسريعة. وخلال فترة وجيزة، غمرت المياه الأحياء المنخفضة وأجزاء واسعة من المدينة القديمة، ما أدى إلى شلل شبه كامل في الحركة.
- هطول أمطار غزيرة بشكل استثنائي خلال أقل من ساعة.
- سيول قوية اجتاحت الشوارع والمنازل والمتاجر، محدثة دمارًا واسع النطاق.
- انجراف عشرات السيارات وقطع عدد كبير من الطرق الرئيسية والفرعية.
- تسجيل أعلى حصيلة وفيات ناتجة عن ظواهر جوية مماثلة خلال العقد الأخير.
حصيلة الضحايا والخسائر البشرية
أعلنت السلطات المحلية بإقليم آسفي، يوم الاثنين 16 ديسمبر/كانون الأول 2025، ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 37 حالة وفاة مؤكدة، في حصيلة مأساوية مرشحة للارتفاع، مع استمرار تسجيل مصابين ومفقودين. وجاءت المعطيات الرسمية على النحو التالي:
- وفاة ما لا يقل عن 37 شخصًا وفق حصيلة أولية.
- إصابة 32 شخصًا، جرى نقلهم إلى مستشفى محمد الخامس لتلقي العلاجات اللازمة.
- مغادرة أغلب المصابين المستشفى بعد تلقي الإسعافات الأولية واستقرار حالاتهم الصحية.
- تواصل عمليات البحث والإنقاذ تحسبًا لوجود ضحايا آخرين أو مفقودين.
حجم الدمار في أحياء المدينة
أظهرت الصور ومقاطع الفيديو الواردة من آسفي مشاهد دمار واسعة النطاق، بدت أقرب إلى آثار كوارث طبيعية كبرى. وغمرت المياه أكثر من 70 منزلًا ومحلاً تجاريًا، مع تسجيل أضرار كبيرة داخل أحياء المدينة القديمة ذات الطابع التاريخي.
كما تسببت السيول في انجراف عدد كبير من السيارات، وتحولت الشوارع إلى مجارٍ مائية سريعة. وبعد انحسار المياه، امتلأت الطرقات بالأنقاض والطين والحجارة، في مشهد يعكس حجم الأضرار البيئية والبنيوية التي لحقت بالمدينة.
تعليق الدراسة بسبب الفيضانات
ضمن الإجراءات الاحترازية، أعلنت المديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية بآسفي تعليق الدراسة في جميع المؤسسات التعليمية داخل الإقليم، وذلك وفق الترتيبات التالية:
- تعليق الدراسة لمدة ثلاثة أيام متتالية.
- يشمل القرار جميع المراحل التعليمية من الابتدائي حتى الثانوي.
- جاء القرار بعد تسجيل تضرر مدرستين ابتدائيتين دون وقوع خسائر بشرية.
- ويهدف هذا الإجراء إلى ضمان سلامة التلاميذ والأطر التربوية، والحفاظ على سلامة المنشآت التعليمية من أي مخاطر إضافية.
تحركات السلطات وفرق الطوارئ
باشرت السلطات المغربية تدخلًا ميدانيًا عاجلًا فور وقوع الفيضانات، حيث جرى نشر فرق الإغاثة والوقاية المدنية في مختلف المناطق المتضررة. وانتشرت فرق الإنقاذ داخل الأحياء الغارقة، واستخدمت قوارب مطاطية للوصول إلى العالقين داخل المنازل والشوارع التي غمرتها المياه.
وبالتوازي مع ذلك، انطلقت عمليات واسعة لإزالة الأنقاض والمخلفات الناتجة عن السيول، وفتح الطرق المغلقة، ما ساعد على إعادة حركة السير تدريجيًا إلى عدد من المحاور الحيوية داخل المدينة.
أسباب تفاقم فيضانات آسفي
أوضح خبراء في المناخ والجيولوجيا أن شدة فيضانات آسفي تعود إلى تداخل عوامل طبيعية وبشرية في وقت واحد، ما أدى إلى تضخيم حجم الكارثة. وتتمثل أبرز الأسباب فيما يلي:
- هطول كميات كبيرة من الأمطار خلال فترة زمنية قصيرة جدًا وبمعدل غزارة مرتفع.
- الطبيعة الجغرافية لوادي “الشعبة” الموسمي، سريع الاستجابة للتساقطات القوية.
- التوسع العمراني غير المنظم قرب مجاري السيول والمجال الفيضي الطبيعي للوادي.
- تضييق مجرى الوادي وردمه في بعض المقاطع، ما حدّ من قدرته على تصريف المياه.
- ضعف كفاءة شبكات تصريف مياه الأمطار والبنية التحتية الحالية.
- وجود أحياء منخفضة، خاصة في المدينة القديمة، ساهم في تجمع المياه بسرعة.
الفيضانات في سياق مناخي أوسع بالمغرب
رغم معاناة المغرب من جفاف متواصل للعام السابع على التوالي، فإن البلاد تشهد اضطرابات مناخية حادة تتجلى في فيضانات مدمرة. وقد عرف المغرب كوارث مشابهة في فترات سابقة، من بينها:
- فيضانات عام 2014 التي أودت بحياة عشرات الأشخاص.
- فيضان وادي أوريكا عام 1995 الذي أسفر عن مئات الضحايا.
- فيضان آسفي عام 2025، المصنف ضمن أعنف الكوارث منذ سبعينيات القرن الماضي.
دعوات للحذر والالتزام بإجراءات السلامة
عقب هذه الفاجعة، دعت السلطات المحلية سكان آسفي إلى توخي الحذر ورفع مستوى اليقظة، والالتزام بتعليمات السلامة في ظل استمرار التقلبات المناخية. وشملت التوصيات ما يلي:
- تجنب المناطق المنخفضة ومجاري الأودية أثناء هطول الأمطار.
- الالتزام بتعليمات السلطات وتوجيهات الوقاية المدنية.
- متابعة النشرات الجوية الرسمية الصادرة عن الجهات المختصة.
- الإبلاغ الفوري عن أي أخطار أو حالات طوارئ محتملة.