"أثر الفراشة" يعيد الروح لأزقة بغداد القديمة (صور)
برسوم زاهية، يعيد العراقي علي خليفة مع فريق يضم مجموعة من الشباب الحياة إلى جدران عتيقة طمس الزمن بعض ملامحها.
في بادئ الأمر كانت الفكرة تقوم على تزيين المناطق القديمة التي تشكل الحضارة البغدادية التي باتت على وشك النسيان، فكانت الفرشاة أداة لإعادة الروح لتلك الأزقة التي خرج منها مبدعون.
في منطقة "الأنبارية" بمدينة الكاظمية، وضع الفريق التطوعي الذي أطلق على نفسه اسم "أثر الفراشة"، أول رسومه التعبيرية على ممرات تلك الأزقة برسوم جسدت مجموعة من الأعمال التي جاء بعضها لشخصيات مهمة بينهم عالم الاجتماع الراحل علي الوردي والشاعر البصري بدر شاكر السياب.
يقول علي خليفة رئيس الفريق التطوعي: "حينما شرعنا بالعمل عند مدينة الكاظمية ولخصوصيتها الدينية كانت هناك مخاوف لدينا من طبيعة تلك الرسومات خشية الرفض ولكن فوجئنا بعد ذلك بقبول وترحيب كبيرين".
وأضاف خليفة لـ"العين الإخبارية"، أن "تلك الأعمال التي بدأنها قبل أكثر من عام تزامن مع انتشار وباء كورونا وقيود الإجراءات الوبائية ما دفع فريقنا إلى كسر نمطية الحياة القلقة آنذاك".
وتضمنت الرسومات أيضاً لوحات تجسد الحياة البغدادية بأزيائها الفلكلورية التي تعيد الذاكرة إلى الوراء وهم يستعرضون بفرشاتهم الملونة حكايات تلك المناطق وطبيعة يومياتها المعاشة قبل أكثر من 6 عقود.
وإضافة إلى ذلك وكما يقول خليفة "هناك رسومات نفذت لرغبات الأهالي عند منطقة الأعظمية، من بينها لشخصيات درامية عرضت من خلال أعمال فنية قديمة من بينها أبطال المسلسل الشهير الذي عرض في مطلع العقد الثمانيني من القرن الماضي، النسر وعيون المدينة".
ونفذ الفريق الكثير من الرسومات الأخرى من بينها لوحات جسدت شخصية المهندسة المعمارية الراحلة زها حديد والفنانة التشكيلية نزيه سليم والفنان الرائد سليم البصري.
وتابع: "نحن ندعم أنفسنا من خلال الفائض من الأصباغ التي تزيد من عملنا وأحيانا تكون مواد الطلاء والرسم بعهدة صاحب المدرسة أو المنزل و أما إذا كان جدار عام تكون مواد الطلاء والرسم من قبلنا".
وأسهمت بعض الرسومات التي عنيت ببعض المناطق القديمة في توجيه الاهتمام من قبل الأوساط الاجتماعية والحكومية نحو تلك الأزقة التي تعاني الإزالة الهدم والإهمال، كما يقول خليفة.
ويتكون الفريق التطوعي من 10 أشخاص بواقع 6 رسامين و2 لأعمال الطلاء إضافة إلى ابنة علي خليفة وهي طفلة لا يتجاوز عمرها الـ10 سنوات، وجميعهم يمتهنون موهبة الرسم دون أي دراسة أكاديمية.
واستطاع "أثر الفراشة"، وخلال أكثر من عامين تنفيذ أكثر من 2000 رسمة بمختلف مناطق بغداد بعضها تضمن رسوم أطفال على جدران رياض المدارس وكذلك مناظر طبيعية عند مناطق عامة.
وخلال شهر رمضان كان الفريق قد باشر في تزيين بعض من كورنيش الكاظمية قبل أن يتنصل الشخص الذي تعهد بتوفير الدعم من ألوان وطلاء ما اضطرهم إلى إيقاف العمل.
ولفت رئيس الفريق إلى أن بعض الرسومات التي عنيت بالتراث وتسليط الضوء على الشخصيات المهمة في البلاد لاقت تفاعلاً من عدد كبير بينهم معنيون بتلك الحضارة ما انعكس على تقديم الدعم لـ"أثر الفراشة"، واستكمال المشوار عند بعض المناطق برغبة من الأهالي.
ويطمح الفريق التطوعي بالوصول إلى المناطق المحرر من سيطرة تنظيم داعش التي ماتزال آثار الحرب شاخصة في الكثير من المرافق العامة ولكنّ الأمر يتطلب دعماً ماديا ولوجستياً، بحسب علي خليفة.