طعام الفنادق الفائض للفقراء.. "القضاء على الجوع" في لبنان
البنك يتعاون مع 75 جمعية ومنظمة غير حكومية في كل المناطق اللبنانية بعيداً عن أي حسابات طائفية أو مذهبية أو حزبية
تحت شعار "القضاء على الجوع"، يعمل "بنك الغذاء اللبناني" لتأمين المساعدات الغذائية للفقراء في البلاد، وهي الخطوة التي باتت تلقى تجاوباً لافتاً في المجتمع اللبناني، بحيث تتوسّع دائرة الاتفاقيات مع المؤسسات والفنادق الكبرى، لتزويدها بفائض الطعام بمطاعمها وحفلاتها، كما كانت دعوة مؤخرا من وزارة الاقتصاد إلى اللبنانيين للتعاون مع هذا المشروع.
وقام بتأسيس البنك عام 2011 مجموعة من رجال الأعمال اللبنانيين، على رأسهم كمال سنو، بعد التواصل مع "بنك الغذاء المصري"، الذي كان سباقاً بين الدول العربية إلى هذه الخطوة، بينما يبقى المرجع الأساسي هو بنك الطعام العالمي في الولايات المتحدة الأمريكية، الذي يمد البنك اللبناني بالإرشادات الصحية كافة.
ويعمل بنك الغذاء أيضاً وفق هدف منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة "الفاو"، للقضاء على الجوع بحلول عام 2030، عبر تركيز مهمته في لبنان، بتقديم الطعام للفقراء، ولمن يصنّفون في خانة تحت خط الفقر، أي الذين لا يتجاوز دخلهم اليومي دولارين أمريكيين. مع العلم أنه ووفق تقرير للأمم المتحدة، فإن 1.5 مليون لبناني يعيشون تحت خط الفقر.
وكان المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة "الفاو" أكد أن تحقيق الهدف الذي وضعه المجتمع الدولي والمتمثل في القضاء على الجوع وسوء التغذية بحلول عام 2030 أمر ممكن، ولكنه يتطلب توسيع نطاق العمل، بما في ذلك زيادة الاستثمارات في الزراعة والتنمية الريفية المستدامة.
وتشرح سهى زعيتر، المديرة التنفيذية في "بنك الغذاء"، العمل الذي يقومون به، وتقول لـ"العين الإخبارية": "بدأنا عملنا بالتواصل مع الفنادق والمطاعم، لإطلاعنا على كيفية التعامل مع الطعام الفائض لديهم، وما العوائق التي تحول دون تقديمها للفقراء، فكانت أهم الأسباب هي عدم توفر وسائل توزيعها، وعدم وجود عدد كافٍ من الموظفين لتوضيبها، إضافة إلى الخوف من إصابة الأشخاص بتسمم غذائي، نتيجة مرور وقت على طهي الطعام".
ولفتت إلى أنه من هنا كان التركيز على تأمين هذه الأمور اللوجستية، بدءاً من الموظفين والمتطوعين، ومنحهم شهادات غذائية، للتأكد من سلامة الطعام، إضافة إلى توفير سيارات النقل المبردة، وهذا ما سهّل المهمة والاتفاقيات التي عقدت لاحقاً مع المطاعم والفنادق.
ولتسهيل مهمة اختيار العائلات الفقيرة، قام البنك الغذائي بالتواصل مع الجمعيات في لبنان، ووزارة الشؤون الاجتماعية التي تملك لائحة بهذه الجمعيات والعائلات الفقيرة، بحيث بات اليوم يتعاون مع 75 جمعية ومنظمة غير حكومية في كل المناطق اللبنانية، بعيداً عن أي حسابات طائفية أو مذهبية أو حزبية، كي يضمن إيصال المساعدات الغذائية إلى مستحقيها.
وإضافة إلى الطعام الفائض من الفنادق، يعمل البنك على برنامج ثانٍ، وهو توزيع الحصص الغذائية التي يتم شراؤها من المساعدات المادية التي تقدم إليه، وهي بدورها توزع على الفئة نفسها من اللبنانيين الفقراء بشكل أساسي.
وتشير "زعيتر" إلى أن شراء أصناف هذه الحصص يرتكز بالدرجة الأولى على المنتجات اللبنانية، لمساعدة المزارعين والمؤسسات التجارية المحلية، وبالتالي تحريك عجلة الاقتصاد اللبناني.
أما البرنامج الـ3 الذي يعمل عليه فريق البنك هو التوعية والإرشاد، خاصة في صفوف تلاميذ المدارس والجامعات، وهنا تقول "زعيتر": "من خلال تواصلنا مع الطلاب، اكتشفنا أن الفقراء منهم ومتوسطي الحال يدركون أكثر أهمية هذه المبادرة، على عكس من يتعلمون في المدارس التي تصنف على أنها للأغنياء، وهنا يكمن دورنا ومهمتنا في تغيير المفاهيم لدى هؤلاء".
وأكدت "زعيتر" وجود تجاوب منذ البداية مع المشروع في المجتمع اللبناني، ومع مرور السنوات، بدأت دائرة المشاركة والتعاون تتوسع أكثر، خاصة بين المؤسسات الكبيرة، من الفنادق والمطاعم، وتلك المتخصصة بتأمين الطعام للمناسبات، والتي بلغ عددها اليوم 30 مؤسسة، وكان آخرها "فندق فينيسيا"، الذي وقع اتفاقية مع البنك يبدأ تنفيذها بداية العام المقبل.
وتوضح: "من الأساس كان هدفنا هذا النوع من المؤسسات لأسباب عدة؛ أهمها الحرص على الحصول على نوعية جيدة من الطعام، إضافة إلى أن المؤسسات الصغيرة لا يفيض عنها كمية كبيرة من الأطعمة".
وبعد نحو 13 سنة على تأسيسه، يعمل اليوم في بنك الغذاء نحو 10 موظفين فقط، فيما يعتمد أيضاً على متطوعين شباب في الجامعات والمدارس، الذين يبدون حماسة كبيرة في المساعدة، بما يتناسب مع أوقات عملهم ودراستهم.
ومع كل الجهود التي يقوم بها فريق "بنك الغذاء" يبقى التمويل والدعم المادي أكثر المشكلات والعوائق التي يواجهها المشروع، وذلك لتأمين رواتب الموظفين، وكذلك بعض الأمور اللوجستية من السيارات المبردة وغيرها.
وفي خطوة منها لدعم هذا المشروع، أصدرت أخيراً وزارة الاقتصاد والتجارة تعميماً يتعلق بضرورة منح ما يتبقى من الأطعمة الصالحة في المطاعم والفنادق إلى من يحتاج إليها من خلال بنك الغذاء اللبناني.