إن المتابع لواقع الأزمة القطرية وتداعياتها على المنطقة بأكملها، وخاصة في ظل التصعيد غير المبرر والسياسة غير المتزنة للحكومة القطرية منذ 20 عاماً
إن المتابع لواقع الأزمة القطرية وتداعياتها على المنطقة بأكملها، وخاصة في ظل التصعيد غير المبرر والسياسة غير المتزنة للحكومة القطرية منذ 20 عاماً ورغم كل المساعي التي بذلها الأشقاء في مجلس التعاون، لانتشال قطر شعباً وحكومة من مغبة الانزلاق نحو مستنقع الإقصاء والعزلة السياسية والجغرافية، الذي تصر الحكومة القطرية على جر الشعب القطري الشقيق - المغيّب والذي يعيش تحت وطأة التظليل الإعلامي الممنهج والممارس من قبل حكومته- عنوة إليه من خلال تخبطاتها في اتخاذ القرار السياسي وتعنتها في المضي نحو نقطة اللاعودة في الصراع مع المجتمع الدولي والإقليمي وخاصة مع دول مجلس التعاون الخليجي، والذي من المفترض أن قطر ركن أساسي في صياغة مستقبله وحماية مصالحه وأمنه، وإصرار حكومة قطر كذلك على تقويض الأمن القومي القطري بالعبث بمرتكزاته الأساسية، يجد نفسه أمام سؤال حتمي لا مفر من الإجابة عنه، لتمحيص أساس الأزمة ومحاولة فهم أسبابها وهو من أجل من تنتحر قطر؟!!!
الحالة القطرية التي باتت تتفاقم يوماً بعد يوم، بسبب فشل الحكومة القطرية في احتواء الأزمة وتصحيح المسار الذي تنتهجه في دعم الإرهاب والجماعات المتطرفة، واحتضان الفكر المتطرف والمريض على أرضها، وتكريس جميع أدواتها سياسية كانت أو اقتصادية إلى جانب الإعلامية منها لتأجيج النزاعات وتصعيد الخلافات في بعض الدول العربية الشقيقة، والتي كانت ضحية لما يسمى بالربيع العربي، جعلها اليوم تعيش حالة من الانعزال عن محيطها العربي والانسلاخ عن هويتها ونسيجها الخليجي، وهذا ما يستدعي منا جميعاً معرفة الدوافع والأسباب التي تجعل الحكومة القطرية غير قادرة على تغيير نهجها الخاطئ وإعادة النظر في سياستها الخارجية التي باتت انعكاساتها اليوم تتضح جلياً في ازدراء الشارع القطري لسياسة حكومته وما تمخض عن ذلك من انبثاق مجلس المعارضة القطرية واتساع الهوة بين المجتمع القطري ومجتمعه الخليجي، بسبب سياسة قطر العدائية.
انتحار قطر حقيقة بدأت منذ تخليها عن محيطها الخليجي والعربي وتورطها في دعم وتمويل الإرهاب الذي يحصد كل يوم أرواح العشرات بل المئات من الأبرياء الذين تقدمهم قرابين لرعاة الإرهاب وساسته
الأزمة القطرية كشفت عن الكثير من الحقائق التي قد لا يرغب أي شعب بمعرفتها عن نظامه الحاكم، وخاصة في ظل ما يربط الشعب القطري بالشعب الخليجي من روابط ثقافية ولحمة اجتماعية وتقارب تاريخي، فما كشفته الأزمة بأن من يدير قطر سياسياً هم شرذمة من المنبوذين دولياً وعربياً والمطاردين من قبل حكومات بلدانهم لتورطهم في جرائم طالت مدنيين وأبرياء وساهمت في إشعال الفتن والأزمات في هذه البلدان، وخاصة أن بعضهم يحملون الجنسية الإسرائيلية وسبق لهم وإن كانوا أعضاءً في الكنيست الإسرائيلي ومنظمات إرهابية محظورة وفي الوقت ذاته يدّعون أنهم من أصحاب المبادئ والقيم ويحملون على كاهلهم الهم العربي وهم في الحقيقة العقبة الكأداء التي وقفت لسنوات طويلة في طريق النهضة والتنمية العربية، وكانوا مرتكزاً قوياً ومطية لأفكار أعداء الأمة، وهذا ما يثبته تاريخهم الملطخ بالخيانة والعمالة.
لو أردنا تبرير الموقف القطري الذي ينتهج سياسة التصعيد والتأزيم باعتبار ذلك يدعم الاقتصاد القطري سنجد أن السياسة القطرية وخلال فترة وجيزة أطاحت بمراكز عديدة للدولة على مؤشرات التنمية والتنافسية العالمية، وأدخلها في قطيعة مع أبناء جلدتها في مجلس التعاون وغيره من دول العالم العربي، الأمر الذي قد يضع الدوحة على المحك مع أزمة اقتصادية لا تبقي ولا تذر، وهذا ما يجعل من هذا التبرير واهياً وفارغاً ولا يجيب على تساؤلنا الآنف ذكره، ولو حاولنا تبرير الموقف القطري اجتماعياً حتماً ستبوء محولاتنا بالفشل، وذلك لطبيعة العلاقة الاجتماعية والثقافة التي تربط المجتمع القطري مع جسده الخليجي، والتي من الصعب على القاصي والداني التفريق بين القطري وشقيقه الخليجي.
ولكن عندما ننظر إلى الموقف القطري من منظورٍ سياسي يجب علينا عدم إغفال حقيقة أن السياسة القطرية تنعكس آثارها على جميع دول مجلس التعاون بصفتها جزءاً من الخليج العربي وعضواً في مجلسه، وهذا الأمر الذي بات على ما يبدو غائباً عن اعتبارات السياسة القطرية وعرابوها، ولكن عندما تتجاهل قطر بأن أمن الخليج هو أمنها ومستقبل الخليج مستقبلها وعدو الخليج عدوها، بالتأكيد سوف تواصل انزلاقها نحو مستنقع الموت، وستبدو أشد إصراراً على تعنتها، وسيبرر حجم الحماقة التي ترتكبها الحكومة القطرية بحق شعبها القطري والخليجي والعربي، لتصبح أداة بيد الحاقدين على أمن المنطقة والساعين للعبث باستقرارها ومستقبلها، وهذا ما تؤكده حميمية العلاقة التي تربط الدوحة بطهران تارة بالخفاء وتارة بالعلن، وهذا ما يؤكده كذلك حفاوة استقبال الدوحة لقيادات الإرهاب والفكر المتطرف، ودعمها السخي لوكلاء إيران في اليمن الذين يمارسون أبشع الجرائم التي لا يمكن وصفها بحق الأشقاء اليمنيين، وسعيها لتغليب قوى التطرف والإرهاب في بعض الدول العربية التي ما زالت تعيش على وقع الحروب والنزاعات التي خلفها الربيع المزعوم.
إن انتحار قطر لم يعد مجرد تخمين أو احتمال وإنما حقيقة بدأت منذ تخليها عن محيطها الخليجي والعربي وتورطها في دعم وتمويل الإرهاب الذي يحصد كل يوم أرواح العشرات بل المئات من الأبرياء الذين تقدمهم السياسة القطرية قرابين لرعاة الإرهاب وساسته، لتحقيق وعود كاذبة ومزعومة، فبئس التجارة تلك التي تجعل منكِ مطية للفكر الإرهابي ومعتنقيه يا قطر.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة