تُضيع الدوحة مزيداً من الوقت حين تلجأ إلى طهران أو أنقرة بحثاً عن حل لأزمتها الراهنة، مع العلم أن الحل واضح وضوح الشمس ولا يتطلب من تميم وزمرته الحاكمة سوى أن يدركوا أن خروجهم من مأزقهم في يد الملك سلمان بن عبدالعزيز
تُضيع الدوحة مزيداً من الوقت حين تلجأ إلى طهران أو أنقرة بحثاً عن حل لأزمتها الراهنة، مع العلم أن الحل واضح وضوح الشمس ولا يتطلب من تميم وزمرته الحاكمة سوى أن يدركوا أن خروجهم من مأزقهم في يد الملك سلمان بن عبدالعزيز وليس في يد المرشد الإيراني علي خامنئي ولا طيب أردوغان.
أبواب الرياض وأبوظبي والمنامة والقاهرة مفتوحة للقطريين طالما استجابوا للمطالب الشرعية، والتي فيها مصلحة الشعب القطري نفسه، قبل مصالح الأشقاء والجيران، وبوسعهم أن يدخلوا منها بأمان كرماء مصاني الحقوق محفوظي السيادة، بدلاً من تسليم جزء من أرض الخليج العربي على هذا النحو الغريب والمهين، إلى الحرس الثوري الإيراني الطامع في التوسع على حساب جيرانه، أو الجيش التركي، الحالم في العودة إلى جزيرة العرب بعد أن خرج منها قبل أكثر قرن من الزمن تقريباً.
على حكام الدوحة أن يدركوا قبل فوات الأوان أن نهاية ما هم فيه من عقوبات واستهجان ليس بالهرولة إلى طهران أو أنقرة، وإنما بالذهاب إلى الرياض للقاء الملك سلمان
يكفي أن يمعن القطريون النظر في تصريح معالي أنور قرقاش وزير الدولة لشؤون الخارجية التي قال فيها: "على الشقيق أن يدرك أن الحل لأزمته ليس في طهران أو بيروت أو أنقرة أو عواصم الغرب ووسائل الإعلام، بل عبر عودة الثقة فيه من قبل محيطه وجيرانه".
فهذا التصريح يقول بلا مواربة إن الثقة في الدوحة باتت مفتقدة، وأن عليها استعادتها سريعاً قبل فوات الأوان، ليس بالكلام الأجوف وإنما بالفعل الملموس، وهو في الوقت نفسه ينبه الحكومة القطرية إلى أن التعويل على إيران أو تركيا ومن عاونهم ومن سيعاونهم، لن يؤدي إلى ما يُخرج الدوحة من أزمتها، بل إنه يطيلها، وربما إلى سنوات، عبر إيهام الدوحة بأنها قادرة بمساعدة طهران وأنقرة على مواصلة العناد، وهي مسألة لن تقبلها الدول التي فرضت مقاطعة على الدوحة إلا بمزيد من التمسك بموقفها، خاصة وأن المطالب التي قدمتها للدوحة ليست تعجيزية، إن كانت الشقيقة الصغيرة عازمة فعلاً على التخلي عن مسارها الأسود المشؤوم، وعن مراهقتها السياسية الرعناء في دعم التطرف والإرهاب والعمل على إطلاق الفوضى السياسية والاضطراب الاجتماعي في محيطها الخليجي والعربي عبر أدواتها الوضيعة وعلى رأسها المشؤومة قناة الجزيرة.
إن الحرس الثوري الإيراني الذي تلجأ إليه الدوحة الآن ما دخل أرضاً إلى وعاث فيها فساداً، وعمل بكل ما أوتي من قوة على أن تظل جزءاً من المجال الحيوي لإيران أو مناطق نفوذها، ولكم في سوريا والعراق ولبنان واليمن خير شاهد على ذلك، فالقوات الإيرانية الفارسية الطائفية إن دخلت بلداً جاءت معها بالمشروع الفارسي، الذي يتوسل بالمذهب الشيعي الطائفي ويوظفه بلا ورع أو روية، لتبدأ رحلة التغلغل في كل مناحي الحياة، والبنية الاجتماعية والمؤسسات وصولاً إلى قصر الحكم، وبعدها سيكون خروجها صعباً إن لم يكن مستحيلاً، ولكم في العراق قدوة سيئة.
إن حكومة الدوحة تسلم البلاد إلى إيران بطريقة غريبة ومهينة، ربما لا تدرك أبعادها في ظل سياسة العناد والتكبر التي تنتهجها، بينما هناك أشقاء وجيران لا يطلبون سوى الاستقامة والنضج من الدوحة، وعندها سيتم احتضانها من جديد كدولة خليجية وعربية شقيقة، مصونة السيادة وحقوق الجيرة.
إن على حكام الدوحة أن يدركوا، قبل فوات الأوان أن نهاية ما هم فيه من عقوبات واستهجان ليس بالهرولة إلى طهران أو أنقرة؛ وإنما بالذهاب إلى الرياض للقاء الملك سلمان بن عبدالعزيز، وتقديم كل الضمانات التي تبين أنهم قد استجابوا للمطالب المشروعة التي رُفعت إليهم، دون انتقاص منها، أو تحايل عليها.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة