التهجير القسري لحي الوعر بسوريا.. القصة الكاملة
بوابة العين الإخبارية ترصد القصة الكاملة لتهجير سكان حي الوعر في حمص السورية باتجاه مدينة جرابلس في ريف حلب الشرقي.
لم يكن المشهد سهلاً على أهالي حي الوعر آخر معاقل المعارضة المسلحة في مدينة حمص. وقد عمدت قوات النظام والمليشيات المتحالفة معها على تهجيرهم بعد حصار استمر أربع سنوات.
يقول أهالي حي الوعر لبوابة العين الإخبارية، إن هجوماً همجياً يعد الأعنف استخدم فيه الأسلحة المحرمة دولياً، وحصار أطبقه النظام، انتهى إلى عملية تهجير كنظيرتها في مدن أخرى.
- بالفيديو.. حي الوعر في حمص تحت رحمة الصواريخ
- المرصد السوري: النظام استخدم غاز "النابالم" في حي الوعر بحمص
وغادر الحي أهله في دفعة خامسة، ليل الإثنين 17/4/2017، باتجاه مدينة جرابلس في ريف حلب الشرقي.
واصطفت خمسون حافلة خضراء تحمل 1880 مهجراً (450) عائلة، تشمل (415) طفلاً و(95) رضيعاً، و(274) امرأة، كما تضم 30 حالة طبية منها 20 حالة مرض مزمن وست حالات من ذوي الإعاقة، وأربع حالات خطيرة بحاجة لعلاج فوري، وتضم أيضاً (250) مقاتلاً بسلاحهم الخفيف.
وتقدمت الباصات تباعاً خارجة من الحي بكل هموم المهجرين ودموع أعينهم المتدفقة وآهاتهم وحسراتهم التي تدمي القلوب، وقد تركوا خلفهم مسقط رأسهم ومرتع صباهم وملاعب طفولتهم وذكرياتهم المحفورة في أذهانهم، وسكنى آبائهم وأجدادهم لقرون طويلة في تغيير ديمغرافي مشبوه بطعم رائحة طائفية مقيتة لم تعرفها سوريا منذ أن وجدت، تنفيذاً لاتفاق توصلت إليه المعارضة والنظام السوري برعاية روسية منتصف مارس/آذار الماضي.
أسلحة التهجير
مبكراً حاول النظام السيطرة على الحي باستخدام مختلف أنواع الأسلحة، فما الجديد اليوم؟
على وقع ما حققه النظام مؤخراً خاصة في حلب، يخوض النظام اليوم محاولات جديدة، لكنها أكثر جدية لاقتحام الحي، والهدف المعلن هو: تهجير السكان.
منذ بدء الحصار استخدم النظام سياسة التجويع بحق خمسين ألف مدني في الحي، ومع نجاح النظام والمليشيات المتعاونة معه في تفريغ بلدة داريا بريف دمشق من سكانها، شن هجوماً غير مسبوق على الحي مستخدماً الطائرات الحربية والأسلحة المحرمة دولياً كالنابالم والفسفور الحارق، بالإضافة إلى القنابل الفراغية والعنقودية وغيرها.
وفق ما اطلعت عليه بوابة العين الإخبارية، فإن هناك اتصالات بين النظام وبعض وجهاء الحي بهدف إخراج مقاتلي المعارضة من الحي وتسليمه للنظام.
التهديدات التي تلقاها الوجهاء تقول: "إن مصير الحي هو الدمار ومصير سكانه هو الموت، وتهجير من يبقى منهم حياً".
المقاتلات الروسية
ورصد مراقبون قصف المقاتلات الروسية وطيران النظام للحي قبل الاتفاق لأكثر من أربعين غارة جوية خلال أقل من ساعة، إضافة إلى الغارات المتواصلة خلال الشهور الماضية.
وتناقلت وسائل التواصل الاجتماعي صوراً مؤلمة لأطفال يرتجفون بعد احتراق جلودهم بقنابل النابالم الحارقة، ويحدث ذلك في غياب المستشفيات الميدانية التي خرجت عن الخدمة، وعدم وجود الأطباء والمسعفين وفقدان الدواء، بفعل القصف العنيف لها من قبل الطيران الروسي والنظام، حيث لم يجد الأهالي إلا الطين كمرهم لدهن جلود أولادهم والمصابين من حولهم.
وتعود أهمية حي الوعر إلى أنه آخر معاقل المعارضة الخارجة عن سيطرة النظام في مدينة حمص، والنظام متخوف من أن بقاء الحي تحت سيطرة المعارضة يمثل دافعاً لآلاف النازحين من بقية الأحياء بعدم فقد الأمل بالعودة إلى منازلهم يوماً ما.
واعتمد سكان الحي خلال سنوات الحصار على ما يجمعونه من حطب ونفايات لطهو طعامهم والتدفئة في فصول الشتاء، وقد أصبح الحي أجرد وقد قطع نحو 90% من الأشجار التي كانت تجعل من الحي قبل ذلك خميلة خضراء. كما اعتمد السكان أثناء الحصار في غذائهم على المساعدات الأممية إن سمح لها النظام بالدخول وكانت نادرة، وعلى الزراعة المحلية في الحدائق العامة والخاصة وعلى أسطح المنازل.
مشردون
وهكذا انضم سكان حي الوعر إلى 12 مليون سوري مشرد قسرياً، أو من خلال هدن قسرية تهدف إلى مزيد من التشريد القسري، أو من خلال الهدن والمصالحات التي طُبِّقت بغياب القانون الدولي الإنساني.
وتمَّت الهدن والمصالحات تحت القهر والقمع وانتهاك القانون الدولي الإنساني، وعبر الحصار والقصف العشوائي والتجويع ومنع دخول وخروج المساعدات، ويبقى خيار القبول بالهدن والمصالحات هو أهون الشرور، فلا توجد رغبة أو نيَّة في عقد أية هدنة أو مصالحة مع النظام الحاكم، الذي قام بنقض العديد منها.
ويصف مراقبون عمليات التهجير بأنها تتم في ظروف إنسانية صعبة، وأن المهجرين يعانون في جرابلس لعدم وجود الدعم اللوجستي، ما جعل لجنة التفاوض تؤجل الدفعة الخامسة إلى يوم الإثنين، وكان يفترض أن تخرج السبت الماضي.
وقال مصدر من النظام بمحافظة حمص، إن ثلاث دفعات من المسلحين ستغادر الحي قبل نهاية الشهر الجاري، اثنتان إلى ريف حلب والثالثة إلى ريف حمص الشمالي.
وحتى اللحظة خرج حوالي ثمانية آلاف نسمة من سكان حي الوعر على أربع دفعات باتجاه جرابلس ودفعة باتجاه إدلب. وتتوقع المعارضة أن يخرج من الحي المذكور حوالي عشرين ألف نسمة أي ما يقارب 80% من سكانه.
يُذكر أن الاتفاق -الذي توصلت إليه المعارضة والنظام منتصف مارس/آذار الماضي- يقضي بإخراج كل من يرغب من سكان حي الوعر إلى الوجهة التي يختارها من الوجهات الثلاث المتفق عليها، وهي جرابلس وإدلب وريف حلب الشمالي.
aXA6IDMuMTQ1LjM3LjIxOSA=
جزيرة ام اند امز