الخاسرون في انتخابات العراق.. قلب الصندوق أو الإفلات من العقاب
السقوط المدوي لأحزاب موالية لإيران في الانتخابات العراقية الأخيرة وضعها في مأزق سياسي قد تستخدمه نافذة للتصعيد والترهيب.
ففي وقت تنظر فيه مفوضية الانتخابات العليا في الطعون والاستعداد للإعلان النهائي عن نتائج الانتخابات التشريعية ، تُصعد القوى الخاسرة من مواقف الرفض عبر تأجيج الشارع العراقي.
إلا أن ثبات المفوضية على دقة النتائج التي جاءت بها الانتخابات المبكرة، وما رافقها من مواقف دولية مؤيدة لنزاهة وشفافية الأرقام المعلنة، قد فاقم من غضب الفصائل الخاسرة والتلويح بضرب العملية الديمقراطية برمتها.
وخلال اليومين الماضيين، أصدر مجلس الأمن الدولي موقفاً أشاد من خلاله بنزاهة اقتراع أكتوبر/تشرين الأول، وشفافية الأجواء التي سادت العملية الانتخابية، مبديا أسفه إزاء التهديدات التي تطلقها القوى الولائية الخاسرة باستهداف البعثة الأممية في العراق.
وبعد ساعات أصدر الاتحاد الأوروبي موقفاً مشابهاً تضمن التأييد لنتائج الانتخابات والاستنكار لوسائل الاعتراض "غير الديمقراطية".
تلك المواقف التي لاقت شجباً من قبل الفصائل الخاسرة، ترافق معها تحريك لأنصارها المحتشدين عند المنطقة الرئاسية المحصنة ببغداد التي تضم عدداً من المؤسسات المهمة والحساسة بينها السفارة الأمريكية.
وأظهرت مقاطع فيديو مصورة، بثتها مواقع مقربة من الفصائل المسلحة، العشرات من المحتشدين وهم ينصبون سرادق للاعتصام ويدفعون بها قرب حاجز الصد الأمني للمنطقة الرئاسية أو ما تعرف بـ"المنطقة الخضراء".
وتوعدت تلك المجاميع المحتشدة باقتحام المنطقة الرئاسية بعد إمهال مفوضية الانتخابات 24 ساعة في حال عدم الموافقة على إعادة وفرز جميع أصوات الاقتراع يدوياً.
وكانت قوى الفتح التي تضم أحزابا وكيانات متهمة بإضعاف الدولة، أبدت رفضها لنتائج الانتخابات بعد نحو ساعات على إعلان مفوضية الانتخابات النتائج الأولية، قبل نحو أسبوعين.
ومنذ أيام تحركت مجاميع متفرقة في مناطق عدة من البلاد، في تظاهرات احتجاجية غاضبة اتسمت بالعنف وقطع الشوارع الرئيسة وإشعال النيران، رداً على خسارة مرشحيها في الانتخابات التشريعية.
ولم تفلح تلك المحاولات في تغيير مجريات الأرقام المعلنة، مما اضطر تلك المجاميع التي تحركها القوى الولائية الخاسرة بدفعهم نحو المنطقة الرئاسية ببغداد وإعلان الاعتصامات.
ويقول شهود عيان إن أغلب الجمهور المحتشد أمام المنطقة الخضراء هم عناصر من فصائل الحشد الشعبي الموالي لإيران.
الخاسرون يخشون فاتورة الحساب
حتى ليل أمس الأحد، خرج بيان عقب اجتماع ضم قيادات للإطار التنسيقي، أكد فيه رفض نتائج الانتخابات وآليات التعامل مع الطعون المقدمة من قبل مفوضية الانتخابات.
وطلب المجتمعون، بحسب البيان، رئيس الجمهورية بالتدخل لحفظ البلاد من "تداعيات خطيرة"، إذا ما تم التسليم لنتائج تلك الانتخابات.
إلا أن فرص العودة إلى ما قبل الـ10 من أكتوبر الحالي، أو محاولات تسمين صناديق القوى الخاسرة بالمقاعد النيابية بات أملا بعيد المنال بحسب مراقبين.
المحلل السياسي علي الكاتب يرى أن محاولات القوى الخاسرة في استخدام ورقة "السلم الأهلي"، وإشاعة الفوضى مقابل تحسين الأرقام الانتخابية لصالحهم، لعبة خاسرة سترد عليهم بمزيد من الخيبات".
ويضيف الكاتب في حديث لـ"العين الإخبارية" أن "الانتخابات وكنظام ديمقراطي معتمد، تبارٍ بين منافسين وفي المحصلة البقاء للأكثر جماهيرياً وبالتالي على القوى الخاسرة التسليم لتلك السياقات المعمول بها".
وتابع "انتخابات أكتوبر تعد الممارسة الديمقراطية الأولى في العراق التي جاءت بعد وعي شعبي تراكمي استطاع بموجبه التمييز بين الشعارات الزائفة وعزل المنتفعين من السلطة على حساب الصالح العام".
ونوه المحلل السياسي بأن "سلامة الانتخابات التشريعية الأخيرة من عمليات التزوير والتلاعب أمر مفروغ منه وهو ما أكدته البعثات الدولية والأممية، وبالتالي فإن القوى الولائية الخاسرة إذا ما أصرت على قلب الصناديق وعدم التسليم بنتائجها ستكون في مواجهة السلطات المحلية وإنما في مرمى المجتمع الدولي".
من جانبه، يقول الأكاديمي إحسان عبدالله إن "نتائج الانتخابات ستمضي في شكلها النهائي وستفرض أرقامها المعلنة على الجميع، وما يحدث من محاولات تثوير وتحشيد سينتهي بعد أيام قليلة".
ويؤكد عبدالله لـ"العين الإخبارية" أن "القوى الخاسرة خصوصاً من جماعات الإطار التنسيقي الشيعي، تضغط من أجل الحصول على طمأنة بألا تطالها يد القضاء والسلطة في الحكومة المقبلة، كونها تعد متهمة بقضايا قتل واستنزاف لثروات البلاد".
ويعزز قوله بأن "الخلاف بين القوى الخاسرة والفائزة ليس على عدد المقاعد وعمليات العد والفرز اليدوي كما يثار الآن، وإنما يتلخص في حشرها ضمن مغانم وزارية في الكابينة الحكومية القادمة بغض النظر عن أوزانهم الانتخابية".
يذكر أن التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر تصدر النتائج الأولية للانتخابات البرلمانية التي جرت في العاشر من الشهر الجاري، فيما تراجع تحالف "الفتح" الذي يمثل الحشد الشعبي، في وقت أعلنت فيه أحزاب عن نيتها الطعن في النتائج.
aXA6IDE4LjIyMi4xNjMuMjMxIA== جزيرة ام اند امز