"فورين بوليسي" ترسم صورة ضبابية لاتفاق وقف إطلاق النار في سوريا
مجلة فورين بوليسي الأمريكية ترسم ملامح ضبابية عن اتفاق وقف إطلاق النار السوري بعيدا عن الرقابة الأمريكية.
قبل ساعات من رحيل عام 2016 وبداية عام جديد، ظلت الأزمة السورية مهيمنة على الشأن السياسي الدولي، كل يبحث عن العلاج الناجح لوقف نزيف الدم وحماية دولة ذات حضارة من التفسخ.
وفي هذا الإطار، سلطت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية الضوء على أحدث التطورات السياسية التي عاشتها الأزمة السورية وهو اتفاق وقف إطلاق النار الذي خرج إلى النور برعاية روسية بعيداً عن أعين الرقابة الأمريكية.
وأوضحت المجلة بعض مميزات الاتفاق الذي جاء ليمنح البائسين من السوريين فرصة لالتقاط الأنفاس، مشيرة إلى أنه إضافة إلى أنه يوقف قليلاً نزيف الدم فإنه يجهز الأرض لوقف الدعم الغربي والعربي الهادف إلى الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد بالقوة، كما أنه سيمهد الطريق للوصول إلى "الحل التفاوضي" بين أطراف المشهد السوري شديد التعقيد.
وقالت المجلة إن غياب المشاركة الأمريكية في التوصل للاتفاق ستجعل منه "حلا قصير الأجل"، وهكذا فإنه سيكون انتصاراً عاجزاً عن تحقيق تغيير حقيقي على الأرض، حتى ولو في شقه الإنساني.
وهنا نقلت المجلة عن جوشوا لانديس، الخبير الأمريكي في الشأن السوري، قوله: إن غياب الولايات المتحدة كان مهماً لأنه أسهم في نجاح التوصل إلى الهدنة الأخيرة.
وأضاف أن الإصرار الأمريكي على "ضرورة رحيل" الرئيس السوري جعل واشنطن لاعباً غير مناسب في المفاوضات، أو بالتعبير الدبلوماسي "شخصا غير مرغوب فيه".
ولكن تفضيل واشنطن الصمت -والحديث للخبير الأمريكي- سمح بإعطاء الأسد وروسيا إحساساً بالزهو لانتصار مشكوك في استمراره.
وفي استرسال للأسباب التي تجعل الاتفاق انتصارا "قصير الأجل"، أوضحت "فورين بوليسي" أن الهدنة لم تشمل وحدات "حماية الشعب الكردية" التي تقاتل "داعش" في شمال سوريا.
ونقلت المجلة عن أسامة أبوزيد، المتحدث باسم "الجيش الحر" الذي تدعمه تركيا، قوله إن حزب الشعب الديمقراطي (وهو حزب كردي سوري) لن يشارك في المحادثات المقررة في كازخستان كمرحلة ثانية من اتفاق وقف إطلاق النار.
وفي هذا الصدد، دقت المجلة جرس الإنذار من عواقب إقصاء الأكراد عن الحل التفاوضي سواء بإرادتهم أو بسبب موقف الجبهة "الروسية- الأسدية" منهم.
وأشارت إلى أن الأكراد يشكلون جزءا مهما في النسيج السوري المركب، وأن إقصاءهم يعني استمرار القتال بين الجماعات التي تدعمها تركيا من جانب، و"وحدات حماية الأكراد" التي تدعمها أمريكا من جانب آخر، مشيرة إلى وجود عناصر من القوات الخاصة الأمريكية في صفوف وحدات "حماية الشعب الكردية" بينما تندفع نحو معقل "داعش" في الرقة.
واختتمت "فورين بوليسي" تقريرها بتحذير آخر من الخبير الأمريكي لانديس؛ حيث أكد أن أحد عواقب الانتصار قصير الأجل الناتج عن الهدنة توجيه تركيا رسالة إلى المسلحين بأنها ستغلق حدودها، مما سيقطع عنهم جانبا كبيرا من الدعم اللوجيستي، ومن جانب آخر سيتخلى العالم عن أي مسعى عسكري للإطاحة بالأسد ليقف عاجزاً بلا سلاح في يديه إلا العقوبات، وهو أمر يعني استمرار دعم الأسد من قبل الروس، واستمرار المشهد السوري على حاله من التفكك واستمرار نزيف دماء المواطنين وتهجيرهم من وطنهم.