مهلة تشكيل الحكومة في تونس تضع الإخوان تحت الضغط وتعمق عزلتهم
الدستور يمنح مهلة 30 يوما للحزب الحاصل على الأكثرية لتشكيل الحكومة، وفي حال عجزه يتولى المهمة رئيس البلاد.
بإعلان الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس النتائج النهائية للانتخابات التشريعية، ترزح حركة النهضة الإخوانية تحت عبء تشكيل حكومة خلال شهر في ظل عزوف القوى السياسية عن التعاون معها.
وبدأ العد التنازلي لتشكيل الحكومة منذ أمس الجمعة، ويمنح الدستور مهلة 30 يوما للحزب الحاصل على الأكثرية لتشكيل الحكومة، وفي حال عجزه يتولى المهمة رئيس البلاد.
ويجد حزب النهضة الإخواني نفسه أمام ضغط سياسي فرضته نتائج الانتخابات التي لم يتحصل فيها على الأغلبية المطلقة واكتفى بـ52 مقعدا، في ظل الرفض الجماعي للتشكيلات السياسية الموجودة في البرلمان للتحالف معه.
ويقف على رأس قائمة الأحزاب الممثلة في البرلمان والتي ترفض التحالف مع حزب الإخوان كل من "التيار الديمقراطي" و"حركة الشعب القومية" و"كتلة الإصلاح الوطني" و"قلب تونس" و"الدستوري الحر".
ويرجح مراقبون أن يعجز الإخوان عن كسب رئاسة البرلمان في ظل حالة النفور الشاملة من الأحزاب المنافسة لها.
ومن المرتقب أن يعقد البرلمان الجديد جلسته الافتتاحية يوم الأربعاء 13 نوفمبر/تشرين الثاني لانتخاب رئيس جديد للبرلمان ومساعديه.
أسباب عزلة الإخوان
ويجمع العديد من المراقبين على أن حركة النهضة الإخوانية عجزت طيلة السنوات الـ8 عن إقناع الأطراف السياسية المعارضة لها بصدق توجهاتها "المدنية" في الحكم، حيث بقيت محل "ريبة " و"شك" حول خطابها السياسي الذي لم يتجاوز الحقل الديني والتكفيري وتوظيف الإسلام في السياسية دون تقديم حلول موضوعية للأزمات الاقتصادية المتتالية التي تعرفها تونس.
وأوضح عبدالعزيز العياري القيادي في الحزب الدستوري الحر (18 مقعدًا في البرلمان) في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن الأسباب الجوهرية التي تجعل حزبه يرفض التقارب مع حركة النهضة هو مرجعيته الإخوانية الغارقة في تاريخ من الدماء والاعتداء على المواطنين العزل، معتبرا أن الحركات الإخوانية لم تكن يوما إلا مثالا لخراب الأوطان .
وأشار إلى أن الحزب الدستوري الحر عبر عن موقفه بالبقاء في المعارضة والضغط على التركيبة الحكومية المقبلة، وأن تحالفاته لن تكون إلا مع العائلات السياسية ذات المرجعية البورقيبية (نسبةً إلى الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة).
وأصدر الحزب الدستوري الحر بيانا أكد خلاله رفضه القطعي والمبدئي لأي اتصالات أو مفاوضات أو تقارب مع النهضة بسبب قال إنه ارتباط عضوي لها بتنظيمات وشخصيات ذات علاقة مع الجرائم الإرهابية عبر العالم.
كما ذكر البيان أن اللجنة القانونية للحزب سبق أن تقدمت ضد حركة الإخوان بعدة شكاوى إلى القضاء آخرها الشكوى المسجلة بتاريخ 16 مايو/آيار 2018 من أجل شبهة الضلوع في عمليات تسفير الشباب إلى بؤر التوتر"، معبرا عن " التزامه بمواصلة النضال من أجل كشف الحقائق وفتح ملفات الاغتيالات السياسية وذبح الجنود والأمنيين التي حصلت أثناء فترة حكم الإخوان".
كما لم يخف حزب التيار الديمقراطي رفضه التحالف مع حركة النهضة إلا في حالة تحصله على وزارة الداخلية ووزارة العدل والإصلاح الإداري.
هذا الشرط يرى فيه مراقبون عنصرا تعجيزيا لرفض الدخول في حكومة يشكلها الإخوان، وهو ما يزيد في تعقيدات المرحلة السياسية المقبلة.
جلسة الأربعاء.. وفرضيات الفشل
أستاذ علم الاجتماع السياسي جهاد العيدودي يؤكد في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أنه في حال فشل البرلمان الجديد في انتخاب رئيس له يوم الأربعاء فإنه سيكون مؤشرًا سلبيًا للعهدة النيابية الجديدة.
وأشار إلى أن طرح حركة النهضة رئيسها راشد الغنوشي لترأس البرلمان يواجه معارضة سياسية شاملة، وسط توقعات بفشله في الحصول على 109 أصوات داخل البرلمان.
وتابع العيدودي أن الغنوشي شخصية خلافية ولا يمكن أن تكون جامعة لمختلف ألوان الطيف السياسي، كما أن خطابه في الحملة الانتخابية لم يخلو من كشف وجه التطرف والعدوانية تجاه خصومه وهو ما يجعله بعيدا عن الإجماع السياسي.
ومن المتوقع أن تكون الجلسة الافتتاحية ليوم الأربعاء محددة للمسار السياسي القادم ولطبيعة التحالفات الممكنة، كما أنها ستكون تحت ضغط عوامل عديدة مثل الآجال الدستورية والتحديات التي تواجه الدولة في الأشهر المقبلة.