محمد مطر الكعبي: الاختلاف حكمة إلهية غايتها التعارف وتبادل الخبرات
الدكتور محمد مطر سالم الكعبي قال إن عنوان الندوة يسجل وعي الإنسان المعاصر بأهمية السلم، ضمن منظومة حقوقه الأصلية.
أعرب الدكتور محمد مطر سالم الكعبي، الأمين العام لمنتدى تعزيز السلم، عن شكره للمملكة المغربية لاستضافتها ندوة بعنوان "في السلم وفي الحاجة إليه"، والتي تنظمها مؤسسة "دار الحديث الحسنية" بالمغرب.
- "في السلم وفي الحاجة إليه" بالرباط.. علماء يستجلون مكانة الفقه
- عبدالله بن بيه: الأمة الإسلامية تحتاج لتأسيس فقه السلم
وأوضح الكعبي، في كلمته أمام المنتدى، اليوم الخميس، أن عنوان الندوة يسجل وعي الإنسان المعاصر بأهمية السلم، ضمن منظومة حقوقه الأصلية، مشيرا إلى أن الإنسان غفل عن العناية والاهتمام بالسلم، ولم يدرك أهميته إلا بعد أن أصبح دوي الانفجارات يسمع في كل مكان، مشددا على أنه لا سبيل للسلم إلا بتفنيد خطاب احتكار الحق.
وأضاف الكعبي أن الإنسان المعاصر لم ينتبه إلى أهمية السلم إلا بعد أن روعت قلبه مشاهد التقتيل والانتهاكات لكرامة الإنسان، فاستشعر الحاجة إلى استعادة السلم الذي لا يطيب عيش بدونه، مشيرا إلى أنه لا سبيل إلى ذلك إلا بمواجهة النفوس المتأزمة بعوامل المحاربة والاحتراب، وتفنيد ما تروجه من خطاب احتكار الحق تصورا وتمثلا، ودحض شبه الإقصاء والإفناء للآخر المختلف.
وأكد أن هذا الواقع مؤسف حقا بما أشيع فيه من ثقافة العنف ضد الذات، ودعاوى الحكم بجاهلية المجتمعات المسلمة، واتهام نظم الحكم فيها بالفساد، وتكفير أهلها.. قائلا: إن هذا الواقع يدفعنا إلى توحيد الجهود؛ لترسيخ السلم الاجتماعي في النفوس، وجلب الطمأنينة، والسكينة التي ينبغي أن تتشكل في مظاهر التضامن والتعاون، والتجاوب في الأفراح والأتراح.
وقال الكعبي إن المبادئ العظيمة للدين الإسلامي الحنيف وتعاليمه الراقية تثبت اهتمام الإسلام بالتعايش بين البشر، خاصة في مرحلة إقامة المجتمع المسلم الأول وتأسيسه بالمدينة المنورة، عقب الهجرة المشرفة، وإنها لتبين بجلاء أن هدف الإسلام تهذيب النفس البشرية وتنقيتها، وأن الاختلاف بين الناس، وتباين أحوالهم وأفكارهم سنة تاريخية، وحكمة إلهية، غايتها التعارف وتفاعل الثقافات، وتبادل الخبرات، لصالح الإنسانية جمعاء
وأضاف أننا بحاجة ماسة إلى توسيع دائرة الاعتدال، ومكافحة التطرف، وإلى تعميق التمسك بالثوابت معتقدات ونصوص ومقاصد، وإلى التفاعل الإيجابي مع العالم، كما أننا بحاجة إلى حماية مجتمعاتنا من منتهزي الفرص، ومن الذين يرون سعادتهم في تفريق مجتمعاتهم وتدميرها.
وتابع الكعبي قائلا: "إننا في دولة الإمارات العربية المتحدة نقوم بتجديد خطابنا بما يعبر عن كنوز ثوابتنا الشرعية، وقدرتنا على توضيحها للجميع، حيث نعمل على انضباط الشأن الديني لمرجعيات شرعية وعلمية تحافظ على ثوابتها، وتعيش واقع عصرها بتركيبته وتغيراته، وخصائصه وإكراهاته، وبما يساعد على التطوير والتحديث الذي يؤدي إلى تماسك المجتمعات الإسلامية وتوحيدها في ظل ما يشهده العالم من تغيرات؛ وذلك ما يعمل عليه منتدى تعزيز السلم، ويتكون عليه الطلاب في برنامج إعداد العلماء الشرعيين في مركز الموطأ للدراسات والتعليم وفق رؤية واضحة، ومحددات منهجية منضبطة، تؤدي إلى تنشئة جيل متمسك بهويته، منغرس في خصوصيته الدينية والثقافية، واعٍ بالعالم من حوله، إنساني في خطابه، يسهم في التعاون على إرساء قيم الخير والسلام، والإعلاء من شأن الإنسان في كل مكان".
وكانت قد انطلقت بالعاصمة المغربية الرباط، اليوم الخميس، ندوة دولية بعنوان "في السلم وفي الحاجة إليه"، بتنظيم من منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، بمشاركة العديد من علماء الدين.
وتسلط الندوة الضوء على مفهوم السلم وتأصيله الشرعي وتنزيله الفقهي، ودور الأديان في تعزيز السلم، والسلم في القانون الدولي، وفكرة السلم في التنظير الفكري الإنساني والفلسفي، إضافة إلى السلم في المقاربات النفسية والاجتماعية.
يذكر أن منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة منتدى عالمي أسسه الشيخ عبدالله بن بيه، وتحتضنه دولة الإمارات العربية المتحدة برعاية الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي.
ويسعى المنتدى إلى تأكيد أولية السلم؛ باعتباره الضامن الحقيقي لسائر الحقوق، ويسهم في إيجاد فضاء رحب للحوار والتسامح؛ كما يعزز دور العلماء في نشر الفهم الصحيح، والمنهجية السليمة للتدين، ويحيي قيم الرحمة والحكمة والمصلحة والعدل.