خبراء عن شاشة الموت الزرقاء: الهجمات الإلكترونية عنوان الحروب الجديدة
وسط التقدم التكنولوجي الذي شمل جميع مناحي الحياة، لم يكن الميدان العسكري بعيدًا عن تلك الطفرة الهائلة، بل إنه كان جزءًا منه، وتأثر به بشكل جذري.
فالحروب التقليدية التي تعتمد على الدبابات والجنود المدججين بالذخائر والأسلحة في مواجهة قوات شبيهة، لم تعد كذلك في الوقت الراهن، بل إن الحروب الحديثة أو ما يعرف بحروب الجيل الرابع، كانت التكنولوجيا العامل الحاسم والمؤثر فيها، مما أثار مخاوف من أن أي خطأ أو خلل «بسيط» قد يؤثر على مستقبل بلدان بأكملها.
تلك المخاوف تأكدت يوم الجمعة، مع العطل التقني الذي ضرب العالم، والذي أدى إلى اضطرابات في جزء من الاقتصاد العالمي، شملت المطارات والأسواق المالية.
وسبب المشكلة تحديث فيه خلل على أنظمة تشغيل «مايكروسوفت ويندوز» أصدرته شركة الأمن السيبراني الأمريكية كراود سترايك التي استبعدت فرضية الهجوم الإلكتروني أو حدوث مشكلة أمنية في تكنولوجيا المعلومات.
فهل تكون الهجمات الإلكترونية عنوان الحروب المقبلة؟
يقول الخبير الأمني والاستراتيجي المصري اللواء محمد عبدالواحد، إن الأمن السيبرانِي والفضاء الإلكتروني أصبحا ميدانا جديدا للمعارك، وجبهة جديدة للقتال.
وأوضح الخبير الأمني والاستراتيجي، في حديث لـ«العين الإخبارية»، أن الحرب السيبرانية لها شقان: مادي يتعلق بعمليات التخريب عبر الفيروسات الفتاكة، كمحاولة للنصب الإلكتروني، بينما الجزء المعنوي يتمثل في استقطاب عقول شباب دولة ما، كمدخل للسيطرة عليها.
وأشار إلى أن الحروب الجديدة سيكون مفتاحها التكنولوجيا التي تحكم العالم، واصفًا ما حدث يوم الجمعة بـ«الشيء المخيف»، خاصة أن ذلك العطل التقني، قد يمتد أثره إلى الأسلحة الكثيرة الجديدة التي باتت تعتمد على الذكاء الاصطناعي.
واعتبر الخبير الأمني، أن حادث الطائرة المسيرة التي ضربت تل أبيب خير دليل، فـ«رادارات إسرائيل التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي لم تستطع رصدها، فيما لم يتمكن الدفاع الجوي من تدميرها».
تهديد الأمن القومي
بدوره، قال أستاذ الهندسة وأمن الشبكات والتكنولوجيا، أحمد بانافع، إن التطور السريع في مجال الأمن السيبراني جعل من الهجمات الإلكترونية بمثابة «تهديد متزايد على الأمن القومي والدولي».
وأوضح الخبير التقني في حديث لـ«العين الإخبارية» أنه بعد أزمة مايكروسوفت الأخيرة، فإن الحروب العالمية المقبلة «قد تنشأ بالفعل من أزمات أو أخطاء في الأمن السيبراني أو جراء هجمات إلكترونية قد تؤدي إلى تعطيل البنى التحتية الحيوية، وسرقة المعلومات الحساسة، أو حتى شل الأنظمة المالية، مما قد يتسبب في تصاعد التوترات بين الدول».
وبحسب الخبير التقني، فإن «هذه الهجمات تسلط الضوء على المخاطر المتزايدة للحرب الإلكترونية، والتي قد تُصبح ساحة رئيسية للصراع بين الدول في المستقبل»، خاصة أنها تختلف عن الحروب التقليدية والتي لا تتطلب جيوشًا تقليدية أو أسلحة مادية.
وتابع: يمكن شنها من قبل جهات فاعلة من غير الدول، مثل مجموعات القرصنة، وقد تكون لها آثار واسعة النطاق على البنية التحتية المدنية والاقتصادات، من الصعب تحديد مصدرها ونسبها.
وعن الاستعداد لتلك الحروب، قال الخبير التقني، إن العالم لا يزال يواجه تحديات كبيرة في الاستعداد لمثل هذه الحروب، وخاصة في ظل نقص القوانين والاتفاقيات الدولية لتنظيم الفضاء الإلكتروني، مشيرًا إلى وجود «ثغرات في الأمن السيبراني، ونقص في القوى العاملة الماهرة في مجال الأمن السيبراني حول العالم، إضافة إلى عدم وجود فهم كافٍ لتهديدات الأمن السيبراني».
هل يتسبب الشلل التكنولوجي في العودة للحروب التقليدية؟
في السياق نفسه، قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، الدكتور أيمن الرقب، إنه مع الشلل الذي ضرب العالم يوم الجمعة، فإن المستقبل «سيكون صعبا حال تعطل التكنولوجيا، مما سينعكس بدوره على الأسلحة الحديثة».
وأوضح أستاذ العلوم السياسية، أنه حال حدوث تعطل كالذي وقع مؤخرًا، فإنه سيؤدي إلى خروج الرادارات عن الخدمة، ما يعني أن الحروب ستكون في مثل هذه الحالة، ستكون تقليدية، تعتمد على الجنود والأسلحة التقليدية، لا الذكاء الاصطناعي.
روشتة مواجهة الحروب السيبرانية
وبحسب أستاذ الهندسة وأمن الشبكات والتكنولوجيا، أحمد بانافع، فإن هناك جهودًا حكومية في بلدان عدة تُبذل على عدة مستويات لمعالجة هذه التحديات، منها تطوير سياسات واستراتيجيات للأمن السيبراني، وضخ استثمارات في تقنيات الأمن السيبراني، وتعزيز تدريب الموظفين.
ولفت إلى ضرورة إنشاء منظمات دولية للتعاون في مجال الأمن السيبراني، ورفع مستوى الوعي العام بتهديدات الأمن السيبراني.
واختتم أستاذ أمن الشبكات والتكنولوجيا تصريحاته بقوله إن على الدول والمجتمعات العمل معًا لتعزيز قدراتها على الدفاع ضد هذه الهجمات.