الجزائر وفرنسا.. مشاورات لتجاوز «المطبات» وتحسين العلاقات
جولة مشاورات سياسية جزائرية فرنسية استضافتها العاصمة الجزائرية اليوم الأربعاء، كخطوة على طريق حل القضايا العالقة بين البلدين.
وبحسب بيان لوزارة الشؤون الخارجية الجزائرية فإن الدورة الـ11 للمشاورات السياسية الجزائرية - الفرنسية عقدت اليوم برئاسة لوناس مقرمان، الأمين العام لوزارة الشؤون الخارجية وآن ماري دي كوت، الأمينة العامة لوزارة الخارجية الفرنسية.
وأضاف البيان أن المشاورات تضمنت إجراء تقييم شامل لوضع العلاقات بين البلدين على المستوى السياسي والتعاون الثنائي في كافة المجالات، بما فيها المجال الاقتصادي ومسألة تنقل الأشخاص.
وبحسب البيان ذاته فقد كانت القضايا الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك على جدول أعمال المناقشات بين المسؤولين، ولا سيما الوضع في منطقة الساحل ومالي والشرق الأوسط، وبشكل رئيسي الوضع في فلسطين والأزمة الإنسانية في غزة.
وجاءت هذه المشاورات السياسية بين الجزائر وباريس رغم تأجيل زيارة الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون إلى فرنسا أكثر من مرة.
وأعلن تبون في بداية أغسطس/آب الماضي أن زيارته الرسمية إلى فرنسا "لا تزال قائمة" لكنها تعتمد على برنامج قصر الإليزيه.
من جانبه، اعتبر المحلل السياسي الجزائري شريف لخضاري أن هذه المشاورات تهدف لجسر الهوة بين الجزائر وفرنسا.
وقال لخضاري لـ"العين الإخبارية" إن العلاقات بين البلدين تعرقلها 5 ملفات رئيسية هي قضية الذاكرة المشتركة (أرشيف فترة الاستعمار الفرنسي للجزائر) والتنقل والتعاون الاقتصادي، والتجارب النووية الفرنسية في الصحراء الجزائرية وإعادة متعلقات رمزية للأمير عبد القادر أحد الزعماء التاريخيين للجزائر.
وكان مقررا أن يتضمن جدول زيارة تبون، زيارته قصر "أمبواز"، الذي سجن فيه الأمير عبد القادر مع عائلته، كما طلبت الجزائر أن تتسلم بعض متعلقات الأمير عبد القادر، إلا أن باريس رفضت.
واعتبر لخضاري أن عدم التوصل إلى اتفاقات بشأن تلك القضايا الخمسة، كان السبب وراء تأجيل زيارة تبون، مشيرا إلى أن الزيارات المتبادلة بين مسؤولي البلدين تهدف لمحاولة حل تلك القضايا.
واعتبر أن ملف الذاكرة الأرشيف المشترك هو العقبة الرئيسية في طريق تطبيع العلاقات الجزائرية الفرنسية بشكل كامل.
وأشار إلى أن البلدين شكلا "اللجنة المشتركة للذاكرة" لحسم قضية كتابة موحدة للتاريخ المشترك بين البلدين، خاصة فيما يتعلق بفترة الاحتلال الفرنسي للجزائر (1830-1962)، إلا أن عملها لم يسفر بعد عن نتائج.
ومنذ استقلالها في 5 يوليو/تموز 1962، تطالب الجزائر بفتح واستعادة الأرشيف السري الذي يخصّ فترة الاستعمار الفرنسي للبلاد، وهو الأرشيف الذي تحتفظ به باريس منذ عقود، وأكد الرئيس الجزائري تبون أكثر من مرة أن "فتح الأرشيف جزء لا يتجزأ من الذاكرة الوطنية" لبلاده.
وفي يوليو/تموز 2020، استعادت الجزائر رفات عدد من رجال المقاومة الذين قتلوا خلال مقاومة الاحتلال الفرنسي، وكانت باريس تحتفظ برفاتهم وجماجمهم وتم تشييعهم في جنازة مهيبة تقدمها الرئيس تبون، ودفنوا بجوار مربع الرؤساء، بمقبرة العالية، بالجزائر العاصمة.
وفي 2021، قرر الرئيس الفرنسي ماكرون رفع السرية عن "وثائق مدرجة تحت بند أسرار الدفاع الوطني" وتخص حقبة استعمار الجزائر (1830-1962).
وليس هذا الأرشيف سوى جزء من ملف الذاكرة المعقد بين الجزائر وفرنسا، إذ يطالب أكبر بلد أفريقي مساحة باريس بتسوية قضايا مهمة، منها قضية المفقودين الجزائريين في حرب الاستقلال، وكذلك التعويض عن الأضرار التي خلفتها التجارب النووية الفرنسية في الصحراء الجزائرية، واستكمال استرجاع رفات قادة المقاومة الشعبية.
aXA6IDE4LjIyNy4wLjI1NSA= جزيرة ام اند امز