مسلمو فرنسا يواجهون أزمة في دفن ضحايا كورونا
العائلات المسلمة تواجه صعوبة بالغة في دفن موتاهم من ضحايا كورونا، منذ بداية تفشي الوباء في فرنسا
مع تفشي فيروس كورونا المستجد في فرنسا حاصدا أرواح الآلاف فإن هذا الوباء يمنع عودة المسلمين المتوفين إلى بلدانهم لتواري أجسادهم في مسقط رأسهم، كما يضخم بشكل كبير من أزمة نقص مساحات المقابر المخصصة للمسلمين.
وذكرت صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية أنه منذ بداية تفشي الوباء في فرنسا واجهت العائلات المسلمة صعوبة بالغة في دفن موتاهم، مشيرة إلى أن "إنشاء الساحات الإسلامية على نطاق واسع مطلبا قديما للجمعيات الإسلامية على مدى الـ20 عاما الماضية".
وسلطت الصحيفة الفرنسية الضوء على حالة كريم، المنحدر من أصول جزائرية، والذي كان يخطط أن يدفن في بلاده، ولكن بوفاته جراء إصابته بـ"كوفيد-19" جعلت من أمنيته أمرا مستحيلا، كما أن بلدة فال دي مارن، حيث كان يعيش، لا تضم مقابر على الشريعة الإسلامية.
وأوضحت الصحيفة أن أسرة كريم سعت لدفنه في بلديات مجاورة لديها مقابر على الشريعة الإسلامية، ولكن رؤساء البلديات رفضوا دفن شخص لا يعيش في بلدتهم.
ونقلت الصحيفة عن نجل المتوفى الذي يدعى محمد، قوله "إنه أمر مؤلم للغاية ومخيف، لقد أجرينا عشرات المكالمات الهاتفية، وأخيرا سيتم دفن كريم في مقبرة فالانتون (فال دي مارن)، ولكن ليس قبل منتصف الأسبوع المقبل".
وقال العديد من الأئمة المسلمين في فرنسا "كان الوضع بالفعل إشكاليا قبل الوباء"، وأشارت الصحيفة الفرنسية إلى أنه في فرنسا لا يوجد سوى ما بين 300 و400 ساحة إسلامية للدفن في المقابر البلدية، بسعة 100 مقبرة لكل ساحة إسلامية".
وأضافت "هذه سعة محدودة بالفعل، وأقدمها يقع في بوبيني (سين سان دوني)، التي بنيت بالقرب من مستشفى ابن سينا، في ثلاثينيات القرن العشرين".
من جانبها، أشارت صيحفة "لوباريزيان" الفرنسية إلى أن عائلات ضحايا كورونا من المسلمين في محنة، فلا يستطيعون دفن موتاهم في مسقط رأسهم، وليس لهم مكان في المقابر الفرنسية.
وأضاف الصحيفة أن تعليق إعادة المتوفى إلى وطنه الأصلي بسبب إجراءات منع تفشي "كوفيد-19" يغرق الأسر المسلمة في حالة من الفوضى.
ولفتت الصحيفة الفرنسية إلى حالة الجد محمد، الذي توفي جراء فيروس كورونا، وأسهم صندوق العائلة لدفع تكاليف العودة والجنازة في القرية، لكن رغباته الأخيرة لا يمكن احترامها، فلا يمكن إعادته إلى الوطن في الجزائر، لأن الأسرة لا تقدم "شهادة عدم العدوى"، وتم دفنه أخيراً بمقبرة في (سين سان دوني)، في البلدة التي عاش فيها لأكثر من 50 عاما.
وأضافت "لوباريزيان" أنه مثّل محمد العديد من العائلات الثكلى غارقة في محنة، بسبب استحالة تحقيق رغبتهم بالوداع الذي تمناه لأحبائهم، في ظل أزمة عدم وجود مساحة مخصصة لعبادتهم في المقابر في فرنسا.
ووفقاً للصحيفة الفرنسية فإن المغرب وتونس أوقفا عملية إعادة الجثث إلى الوطن، وأبدت الجزائر استثناءات بعودة الجثث باستثناء الوفاة بفيروس كورونا المستجد، وبالنسبة لبلدان أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى لم يعد هناك أي حركة جوية.
من جانبه، قال رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية في فرنسا محمد الموسوي "بالنسبة للعائلات الثكلى، هذه الصعوبات لا تطاق"، مناشداً السلطات الفرنسية والمسؤولين عن دور العبادة والديانات وكذلك رؤساء البلديات بإتاحة مساحات إسلامية في المقابر الجماعية، خاصة أن العائلات لم تعد قادرة على إعادة موتاهم.
بدوره، قال رئيس جامع باريس الكبير حافظ شمس الدين "إنشاء أماكن دفن جديدة للمسلمين أمر ضروري"، موضحا أنه إذا كانت صعوبات الدفن للمسلمين المتوفين كبيرة للغاية، فليس هناك أصعب من إعادة الرفات إلى وطنهم الأصلي، مضيفا أنه لا بد من طمأنة أسر المتوفين بأن ذويهم سيدفنون على الشريعة الإسلامية".