لودريان لا يستبعد تصنيف الإخوان "إرهابية" بفرنسا.. ويحذر تركيا
لم يستبعد وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، تصنيف جماعة الإخوان "إرهابية"، محذرا من الوقت نفسه دولا من بينها تركيا من استغلال المسلمين في بلاده.
وقال لودريان - في حوار مع صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية- إن فرنسا تحارب الإرهاب بعزم بعد أن تعرّضت مجدداً لاعتداءات بغيضة، موضحا أنهم يعتمدون مبدأ التحليل الموضوعي للتهديد الذي تمارسه الجماعات الإرهابية على الأمن الوطني.
وبسؤاله عن إمكانية تصنيف فرنسا تيارات إسلامية في قائمة الإرهاب من بينها جماعة الإخوان، قال لودريان إن بلاده "تحارب الإرهاب بعزم بعد أن تعرّضت مجدداً لاعتداءات بغيضة، وبموازاة المعركة التي نقودها ضد الإرهاب بواسطة الأجهزة الأمنية، نلتزم بمكافحة تأثير الفكر الأصولي والانحرافات المتطرفة، وفي هذا الصدد اتّخذت الحكومة في الآونة الأخيرة قرارات تقضي بحلّ عدة جمعيات".
وبيّن أن "هذه المعركة ضد الأفكار والعقائد من خلال مكافحة الخطابات التي تحرّض على الكراهية، والفكر الذي يسعى إلى تحريف الدين خدمةً لغايات سياسية، والمحاولات التي تهدف إلى إبعاد المواطنين المسلمين عن باقي المجتمع".
وأضاف الوزير الفرنسي أن بلاده "تواجه إرهابا مزدوجا، يشمل البيئة الحاضنة للكراهية التي يعمل البعض على تأجيجها، والتهديد الإرهابي المباشر الذي ما تزال تمارسه منظمات إرهابية من قبيل تنظمَي "داعش" و"القاعدة" اللذين يواصلان أنشطتهما الإرهابية في الشرق الأوسط وأفريقيا".
وأشار إلى أن "النشاط العسكري الفرنسي الذي بدأ منذ عدة سنوات في منطقة الساحل وفي الشرق الأوسط، الهدف منه هو محاربة الإرهاب والتطرف".
وتابع: "واليوم يجب أن نحارب الإرهاب بجميع أوجهه من جهة والانحراف المتطرف والفكر الأصولي من جهة أخرى. وهذه المعركة نريد أن نقودها بل يجب أن نقودها مع المسلمين، فهم أول ضحايا الإرهاب".
وحذر لودريان "بعض الدول التي يقود الرؤساء فيها حملات من القدح والذم والنميمة والاستغلال والكراهية ضد فرنسا، وعلى رأسها تركيا ورئيسها رجب طيب أردوغان، مستخدمين نفوذ شبكات التواصل الاجتماعي لإيهام الآخرين بأن فرنسا وأوروبا تنبذان الإسلام".
وأوضح أن "فرنسا لم تقم وحدها بشجب حملات الكراهية والتلاعب بالمعلومات على شبكات التواصل الاجتماعي، بل عمد جميع شركائنا الأوروبيين إلى ذلك أيضاً رافضين رفضاً واضحاً تصرف تركيا لأنهم يعلمون أنه يستهدفهم هم أيضاً".
وأكد لودريان أن "القانون الفرنسي في جوهره ينص على حياد الدولة إزاء جميع الأديان، وأن فرنسا بلد التسامح، التي ترفض تقسيم المجتمع، والتمييز بين المواطنين على أساس انتمائهم الديني، سواء أكانوا مسلمين أم مسيحيين أم يهودا".
وشدد على أن "فرنسا تكنُّ احتراماً عميقاً للإسلام، فالإسلام دين تربطه بها علاقات تاريخية وثقافية عريقة ووطيدة وغنية، ناتجة عن مجموعة من التأثيرات المتبادلة في شتى المجالات".
وشدد على أن "رسالة فرنسا واضحة جلية، فمكانة الإسلام محفوظة في بلادنا، والإسلام دين مهم وأساسي وهو ثاني أكبر الأديان في فرنسا، وينتمي ملايين المسلمين الفرنسيين إلى المجتمع الوطني انتماءً كاملاً، ويمثّلون جزءاً من تاريخ جمهوريتنا وهويتها".
ولفت إلى أن "المسلمين في فرنسا يتمتعون بإطار حاضنٍ يحمي ممارسة معتقداتهم الدينية، وتفرض الدولة احترام هذا الإطار انطلاقاً من مبدأ المساواة بين جميع الطوائف الدينية".
لودريان أكد على أن بلاده ستظل متيقظة حيال أي خطاب يحرّض على الكراهية أو العنصرية. وإن نشبت بعض التوترات من حين إلى آخر، يتعيّن علينا تهدئتها، فالتمييز أو خطابات الكراهية تتنافى وقيمنا، ولزام علينا محاكمة كل من يقوم بذلك، وهذا ما نفعله بالفعل.
وأشار إلى أن "فرنسا تضمّ اليوم أكثر 3 آلاف دار عبادة إسلامية، ويبثّ التلفزيون الوطني كلّ أسبوع برنامجاً متلفزاً عن الإسلام في إطار فقرة صباحية مكرّسة للأديان، وثمة أئمة مسلمون يؤمون الصلاة في القوات المسلّحة وفي السجون وفي المستشفيات. وتقيم السلطات العامة حواراً وثيقاً مع ممثلي المنظمات الإسلامية".
وبيّن أن بلاده "تتصدى بلا هوادة لخطرين اثنين هما، الإرهاب الذي ما زال يهدد فرنسا وأوروبا، والانحرافات المتطرفة التي تسعى إلى نأي المسلمين عن المجتمع الفرنسي، وإبعاد فرنسا عن العالم الإسلامي في آن معاً لتحقيق غايات سياسية. فثمة الإسلام من جهة والتطرف من جهة أخرى، ونحن لا نخلط بينهما إطلاقاً".
وبشأن محاولة بعض الدول إعادة تنظيم ما يسمى بالحركات الإسلامية في فرنسا لوضعها في إطار جماعات ضغط داخلية، قال لودريان إن "هناك رغبة من بعض البلدان في ممارسة نفوذ سياسي في فرنسا والتحكّم ببعض المسلمين، وهذا أمرٌ نرفضه، ويجب أن يتمكن مسلمو فرنسا من الجمع بين ممارسة دينهم الإسلامي والالتزام بقيم بلدنا ومبادئ جمهوريتنا على حدّ سواء".
وحث لودريان المؤسسات التي تمثّل الدين الإسلامي في فرنسا على أن تحسن تنظيمها، ما يتيح إقامة حوار وثيق مع السلطات العامة، مشيرا إلى أنه "لهذا السبب نرغب أن يتلقى الأئمة في فرنسا التدريب في بلدنا. فبموازاة الفقه الديني، يجب أن يتضمن هذا التدريب إتقان اللغة الفرنسية وإدراك المبادئ الأساسية التي تقوم عليها الجمهورية الفرنسية".
أما فيما يخصّ التمويلات الأجنبية، فأوضح أنها "يجب أن تكون شفافة، لكي نتأكّد من أنها لا تهدف إلى فرض فكر أصولي أو إحداث انقسامات داخل المجتمع الفرنسي".
وحول الإرهابيين الأجانب من سوريا والعراق ومناطق التوتر العالمية، قال إنهم جميع الأشخاص الذين انضووا تحت راية أي منظمة إرهابية في مناطق النزاع إلى المحاكمة يخضعون بصفة منهجية عند عودتهم إلى الأراضي الفرنسية".
ولفت إلى "ذلك ينطبق أيضاً على الأشخاص الذين يحاولون الذهاب من فرنسا إلى ساحات القتال للانضمام إلى تنظيمَي داعش أو القاعدة، لأن هذا الفعل يُعاقب عليه القانون الفرنسي بالسجن لمدة 10 سنوات".
لكن استثنى الأطفال مؤكدا أنهم "لم يختاروا بأنفسهم الذهاب إلى سوريا والعراق، لذا نحرص على تنظيم عودتهم، وخاصة الأكثر عرضة منهم للخطر في ظل ظروف صعبة في معظم الأحيان ومن مناطق لا نتحكّم فيها فعلياً بأي شيء".
aXA6IDE4LjIyMS4yNy41NiA= جزيرة ام اند امز