عيد عمال فرنسا.. اشتباكات ومولوتوف بين أنصار ورافضي ماكرون ولوبان
الشرطة الفرنسية تعلن إصابة ما لا يقل عن 3 من أفرادها إثر تعرضهم للرشق بكوكتيل مولوتوف من قبل ملثمين في مظاهرة بباريس.
أعلنت الشرطة الفرنسية عن إصابة ما لا يقل عن 3 من أفرادها أحدهم حالته خطيرة، الإثنين، إثر تعرضهم للرشق بكوكتيل مولوتوف من قبل ملثمين في مظاهرة بباريس، بمناسبة عيد العمل، مناهضة لمرشحي الرئاسة إيمانويل ماكرون (وسط) ومارين لوبان (يمين).
وأضافت أن قوات مكافحة الشعب ردت بإطلاق الغاز المسيل للدموع، وعزلت 150 ملثماً تسللوا بين المتظاهرين في المسيرة التي جرت بين ساحتي "لاربوليك" و"ناسيون".
وشهدت فرنسا، اليوم، مسيرات تقليدية بمناسبة عيد العمال، ولكنها عكست طابعاً سياسياً مع اقتراب الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية المرتقبة يوم الأحد المقبل، والتي يتنافس فيها مرشحا الوسط إيمانويل ماكرون واليمين المتطرف مارين لوبان.
وجاءت هذه المظاهرات التي تجرى في عدة مدن فرنسية استجابة لدعوات عبر موقع التوصل الاجتماعي للتظاهر ضد حزب "الجبهة الوطنية"، الذي تتزعمه مارين لوبان إلى جانب دعوات أخرى رافضة للمرشحين، الإثنين، تحت شعار "لا ماكرون و لا لوبان".
وبشار إلى أن 9 آلاف من عناصر الشرطة و الدرك تولوا تأمين المظاهرات، اليوم، بفرنسا بمناسبة عيد العمال من بينهم ٢٠٠٠ مكلفين بتأمين المظاهرة النقابية.
تفاصيل الاشتباكات
واندلعت صدامات بين شبان مقنعين وقوات الأمن في باريس، الإثنين، وأسفرت عن إصابة اثنين من عناصر الشرطة بجروح، كما ذكرت مديرية الشرطة على هامش مسيرة بمناسبة عيد العمال، وقبل 6 أيام من الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية الفرنسية.
وجرت المسيرة بدعوة من 4 نقابات وسارت تحت لافتة كتب عليها "لا للتراجع الاجتماعي الذي يشكل تربة خصبة لليمين المتطرف"، وأجبرت على التوقف مرات عدة بسبب قيام متظاهرين كانوا إلى جانب التظاهرة برشق الشرطة بالمقذوفات وزجاجات المولوتوف.
وخلافاً لما حصل عام 2002 لدى الاستعداد للدورة الثانية عندما توحدت النقابات بمواجهة مرشح الجبهة الوطنية، جان ماري لوبان، فإنها اليوم، ولو كانت متفقة على عدم تأييد ابنته مارين لوبان، لم تصدر موقفاً موحداً بتأييد منافسها إيمانويل ماكرون.
دعوات متضادة
وقبل 6 أيام من الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية الفرنسية، نظم المرشحان مارين لوبن وإيمانويل ماكرون تجمعات متواجهة، الإثنين، فيما جرت مسيرات في عيد العمال عبرت عن رفض الاثنين على حد سواء.
ودعت لوبان، مرشحة اليمين المتطرف، في خطاب شديد اللهجة الفرنسيين إلى "التصدي للمالية والوقاحة وسيادة المال" متهمة خصمها بأنه "مرشح النظام"، بعدما عمل مصرفياً ثم وزيراً لدى الرئيس الاشتراكي فرنسوا هولاند.
وقبل التجمع، وضع قياديو حزب لوبن "الجبهة الوطنية" إكليلاً من الزهور على نصب جان دارك في باريس، تكريماً "لحبها للوطن"، على ما يفعل هذا الحزب المناهض لأوروبا وللهجرة في كل عيد عمال.
في الوقت نفسه، كان ماكرون يضع الزهور على لوحة تكريمية لذكرى مغربي شاب قتل في باريس بيد ناشطين مقربين من اليمين المتطرف في 1995 على هامش تجمع سياسي لجان ماري لوبان، والد مارين والمشارك في تأسيس حزبها في 1972.
ويسعى ماكرون (39 عاماً) المؤيد لأوروبا إلى التموضع في ميدان "القيم" التي يريد تجسيدها في مواجهة اليمين المتطرف، فيكثف التكريمات ضمن موضوع مكافحة التطرف و"الهمجية" اللذين طبعا الحرب العالمية الثانية.
ويشهد الفارق بين المرشحين تراجعاً، مع نسب 59% من نوايا الأصوات لماكرون مقابل 41% لمارين لوبان التي تقود منذ سنوات استراتيجية الابتعاد عن تصريحات والدها المعادية للسامية والأجانب.
وفي مؤشر على تبدل المرحلة، غابت هذا العام وحدة موقف النقابات التي برزت عام 2002 لهزم اليمين المتشدد، بعد تأهل جان ماري لوبن إلى الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية.
فبعد 15 عاماً على صدمة وصول الرئيس السابق للجبهة الوطنية إلى الدورة الثانية، تنقسم النقابات حول تعليمات التصويت وشعار التعبئة التقليدية بمناسبة عيد العمال.
مسيرات عبر فرنسا
ومن ليل شمالاً إلى مرسيليا جنوباً، سار عشرات الآلاف في تظاهرات ضد مارين لوبن وكذلك ضد ليبرالية إيمانويل ماكرون.
فقد دعت من جهة "الكونفيدرالية الفرنسية الديموقراطية للعمل" و"الاتحاد الوطني للنقابات المستقلة" إلى التصويت للمرشح الوسطي في الدورة الثانية في 7 مايو/ أيار، وجمعا مئات المتظاهرين في باريس.
في الجهة المقابلة، دعت 3 منظمات نقابية هي "الكونفيدرالية العامة للعمل" و"الفيدرالية النقابية الموحدة" واتحاد "متضامنون"، الأكثر ميلاً إلى اليسار إلى "تشكيل سد" بوجه مارين لوبان، بدون الدعوة صراحة إلى التصويت لماكرون. أما نقابة "القوة العاملة" فامتنعت عن إعطاء تعليمات.
ونظمت التشكيلات الـ4 مسيرة في شرق باريس للدعوة إلى مواجهة "التراجع الاجتماعي الذي يشكل تربة خصبة لليمين المتطرف"، وهي ليست متماسكة تماماً من الداخل، فقد دعت بعض فروعها إلى "هزم كل من المرشحين" في 7 مايو/ أيار، وسار هؤلاء الناشطون الذين شكلوا مجموعة أطلقوا عليها اسم "الجبهة الاجتماعية"، الإثنين، تحت شعار مختلف هو "بين الطاعون والكوليرا: الفوز على الجبهة الاجتماعية يكون في الشارع".
كما تظاهر المئات في باريس "ضد الفاشية والرأسمالية" بدعوة منظمات فوضوية، كما ستنظم "مسيرة سوداء" ضد اليمين المتطرف خلال النهار.
وفي الأول من مايو/ أيار 2002 نزل 1,3 مليون فرنسي إلى شوارع باريس وجميع أنحاء فرنسا بدعوة من النقابات من أجل "تشكيل سد بأصواتهم بوجه جان ماري لوبان" الذي لم يحصل في نهاية المطاف سوى على 18% من الأصوات في الدورة الثانية وهزم أمام جاك شيراك.
وعمدت مرشحة اليمين المتطرف التي تسعى منذ سنوات لإعطاء حزبها صورة مقبولة من الفرنسيين، إلى تقديم نفسها على أنها مرشحة "الشعب والعمال" في بلد يعاني من تراجع النشاط الصناعي وتفشي البطالة بنسبة 10%.
ووعد الذراع الأيمن للوبن فلوريان فيليبو في حال انتخابها الفرنسيين بتسديد ثمن الخبز الفرنسي "بالفرنك" بعد "عام على الأرجح".
وأمس الأحد، ندد ماكرون بمنافسته "الوافدة حديثا" إلى قضية الشعب، وقال "الشعب هي تستغله، وهو نهج الحركات المتطرفة، ونهج الغوغائيين الحقيقيين، فالشعب لا يهمها إطلاقاً في الحقيقة".
ووجهت شخصيات من مختلف القطاعات نداءات مكثفة للتعبئة ضد اليمين المتطرف، وقال المخرج الفرنسي العالمي لوك بيسون "لنظهر لسائر العالم ما يعني حقاً أن نكون فرنسيين: شعب منفتح وشجاع ومتآخ".