برلمان فرنسا يستجوب اليسار.. والتهمة «التواطؤ مع الإخوان»
تترقب الساحة السياسية الفرنسية جلسة استجواب برلماني مساء السبت، حيث يستمع النواب لردود حزب فرنسا الأبية على اتهامات بالتواطؤ مع تنظيم الإخوان.
وتأتي الجلسة في إطار تحقيقات أوسع حول شبهات تواطؤ الحزب اليساري مع شبكات الإخوان وتنظيمات الإسلام السياسي داخل فرنسا، التي تراجع في الوقت الراهن نشاط الجماعة بعد تقرير استخباراتي حذّر من خطرها.
ومن بين الشخصيات المنتظر مثولها أمام اللجنة جون-لوك ميلانشون، زعيم "فرنسا الأبية"، إضافة إلى مارين توندليه، زعيمة حزب الخضر.
ونقلت إذاعة "يوروب 1" عن رافاييل ستانفيل، نائب مدير تحرير صحيفة "لو جورنال دو ديمانش"، وجيل-ويليام غولدناديل، المحامي ومؤلف كتاب "التحليق فوق عش المخدوعين" (دار فايار)، خلال حلقة نقاشية، مخاوفهم من خطر الحزب على فرنسا على خلفية علاقته بجماعة الإخوان.
وبحسب ما كشفه ضيوف النقاش على إذاعة "يوروب 1" الفرنسية، تؤكد لجنة التحقيق البرلمانية أن لديها أدلة وقرائن تُوصف بأنها حاسمة بشأن تورط أطراف من أقصى اليسار الفرنسي، وعلى رأسهم حزب فرنسا الأبية، في تسهيل عملية التغلغل السياسي لشبكات الإخوان في البلاد.
"الأدلة" في البرلمان
وتشير المعلومات الأولية إلى أن الحزب قبل فعلياً بانضمام شخصيات معروفة بارتباطها بالحركة الإسلامية السياسية إلى صفوفه، الأمر الذي تعتبره اللجنة أحد أبرز "مفاتيح النفوذ" التي مكّنت تلك التيارات من اختراق بعض الدوائر الانتخابية في المدن الكبرى، كما كان لها دور في أزمة مدرسة "ابن رشد" التي اتضح أنها محسوبة على تنظيم الإخوان وتتلقى تمويلاً من الخارج.
وقال جيل-وليام غولدناديل، محامٍ وكاتب صحفي فرنسي، إن حزب فرنسا الأبية "تبنّى خطاباً يغذي الانقسامات في المجتمع الفرنسي"، محمّلاً الحزب مسؤولية ارتفاع حدة الاستقطاب الطائفي في البلاد، مشيراً إلى وجود عناصر يُشتبه بكونهم "عملاء نفوذ".
ولفت إلى أن بعض الشخصيات داخل حزب "فرنسا الأبية" على صلة بـ"جمعيات أو دول تعتبرها أوروبا معادية"، مع الإشارة إلى حركة حماس و"شبكات إسلام سياسي" تدور في فلك الإخوان.
خطر على الأمن القومي
وصرّح غولدناديل قائلاً إن القضية تتجاوز الخلاف السياسي لتصل إلى حدود "الخطر على الدولة"، مؤكداً أن تغلغل تنظيمات ذات توجهات متطرفة عبر بوابة حزب سياسي "يشكل تهديداً مستمراً للأمن الاجتماعي والثقافي".
وأشار تقرير استخباراتي فرنسي طلبته الحكومة وعُرض أمام مجلس الدفاع والأمن القومي الفرنسي برئاسة إيمانويل ماكرون في مايو/أيار الماضي إلى أن جماعة الإخوان تشكّل "خطراً طويل الأمد على التماسك الوطني" في فرنسا.
وحسب الوثيقة، هناك نحو 280 جمعية مرتبطة بالإخوان تعمل في مجالات دينية، تعليمية، اجتماعية ومهنية، بالإضافة إلى عدد من دور العبادة - ما يعبّر عن "تغلغل واسع" في نسيج المجتمع، والذي قد يُضعف المبادئ العلمانية والمؤسسات الجمهورية إن لم يتم مواجهته.
انتقاد التغطية الإعلامية
وقال غولدناديل إن وسائل الإعلام تُظهر "تسامحاً غير مبرّر" تجاه حزب فرنسا الأبية، مضيفاً: "لو كان حزب من اليمين يفعل الشيء نفسه، لكان النقاش يدور اليوم حول حظره".
بدوره، قال رافاييل ستانفيل، نائب مدير تحرير صحيفة "لو جورنال دو ديمانش" الفرنسية، إن هناك تطابق مصالح بين الحزب وبعض شبكات الإسلام السياسي في فرنسا.
ورأى أن هناك تحالفاً تكتيكياً يقوم على تبادل المصالح بين "فرنسا الأبية" وشبكات الإسلام السياسي مثل حركة الإخوان وحماس، خاصة في الدوائر التي تعتمد على أصوات مجموعات معينة.
خطر على الوحدة الوطنية
وحذّر من أن استمرار هذا الوضع "من دون إجراءات سياسية واضحة" قد يقود إلى تفكك اجتماعي وتنامي "مجتمعات موازية" داخل فرنسا.
وأبدى شكوكاً بشأن تأثير جلسات الاستجواب، قائلاً: "قد تؤكد فقط ما نعرفه.. لكن السؤال: هل تجرؤ السلطة السياسية على اتخاذ قرارات؟".
وتتركز تحقيقات اللجنة البرلمانية حول العلاقات المفترضة بين حزب فرنسا الأبية وشبكات مقربة من الإخوان، والعلاقة مع عناصر يُشتبه بارتباطهم بحماس، وتقييم ما إذا كانت هذه الروابط تُشكّل تهديداً للأمن القومي أو تدخلاً أجنبياً غير مباشر في السياسة الفرنسية.
وقالت الإذاعة الفرنسية إن الجلسة ستكون اختباراً حقيقياً لمصداقية ميلانشون وحزبه، في واحدة من أخطر القضايا التي تواجه اليسار الفرنسي منذ سنوات.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuNTAg جزيرة ام اند امز