مرة أخرى، تؤجل فرنسا المؤتمر الدولي لتسوية الصراع الفلسطيني - «الإسرائيلي»، وترحله إلى شهر يناير/كانون الثاني العام المقبل، لرفض نتنياهو حضوره،
مرة أخرى، تؤجل فرنسا المؤتمر الدولي لتسوية الصراع الفلسطيني - «الإسرائيلي»، وترحله إلى شهر يناير/كانون الثاني العام المقبل، لرفض نتنياهو حضوره، أو الاعتراف بنتائجه. هذا المؤتمر كان من المفترض عقده في النصف الأول من السنة الحالية، إلا أن التأجيلات كانت دوماً سيدة الموقف، تحت ذرائع وأسباب جمّة، أبرزها عراقيل الاحتلال. ولكن في ظل رفض «إسرائيل» لهذا المؤتمر، فما هي آلياته لفرض حلول على الأرض يلتزم بها طرفا الصراع؟
من المتوقع أن يعقد المؤتمر الباريسي بمشاركة أكثر من 60 دولة، ومنظمات دولية، وسيركز على وضع برنامج للتسوية، وبنود تشكل خريطة طريق نحو إنشاء دولتين تعيشان جنباً إلى جنب، ولمواجهة الضغوط «الإسرائيلية» الرافضة، فمن المحتمل أن تجنح فرنسا إلى تهميش الكيان وعرض الحلول المقترحة على مجلس الأمن والتوصل إلى توافق دولي شامل ملزم للأطراف، ولكن هذا السيناريو سيبقى رهين موافقة واشنطن بعدم استخدامها للفيتو، وهو أمر مستبعد جداً، نظراً للتحالف الوثيق بين أمريكا و«إسرائيل»، ومع قدوم ترامب على رأس الإدارة الأمريكية، فإن ذلك سيعقد الأمر، ويخلط الأوراق.
والسيناريو الآخر الذي وضعته باريس في الحسبان هو اعترافها بالدولة الفلسطينية، إلى جانب عدد من الدول الأوروبية، وهذا ما صرحت به مراراً في حال فشل الاجتماع الدولي. وفي كلتا الحالتين فإن الفلسطينيين مستفيدون، فإما أن يتحقق حلمهم بإنشاء دولة بعد فرض العالم على الكيان ذلك، وهذا مستبعد، وفي الحالة الثانية هو فضح الكيان وسحب البساط الدولي من تحته وكسب الاعترافات الدولية، أو على الأقل، التعاطف العالمي مع القضية.
ورغم ضعف المؤتمرات الدولية عموماً، كما أثبتت التجارب السابقة، وعدم فعاليتها الكبيرة لصياغة الحلول الذي يترافق مع التعنت الصهيوني، فإن هذه فرصة للفلسطينيين والعرب لحث العالم على مقاطعة «إسرائيل»، ومواجهتها بشكل عملي، سياسياً واقتصادياً وقضائياً، واستغلال التجمع الدولي لوضع برنامج مقاومة فعال يواجه الانتهاكات «الإسرائيلية»، أبرزها تهويد القدس وحقنها بعشرات المستوطنات.
المؤتمر في باريس في الأغلب لن يخرج بحل عميق وجوهري، وعلى السلطة عدم التعويل عليه باعتباره «غزوة التحرير»، فهو كما سبقه من المؤتمرات، لا يتعدى نطاقه الخروج ببيان يؤكد ما نادت به الشرعية الدولية سابقاً، بوقف الاحتلال وإقامة الدولة من دون خطوات جادة، أو باعترافات «رمزية»، وهنا يقع على عاتق الفلسطينيين السير في مسارات أخرى، وتفعيل أسلحتهم الدبلوماسية ومواجهة الاحتلال في المحاكم، وأيضاً دعم المقاومة الداخلية، وخلق نوع من التوازن، فهذا هو الأكثر نجاعة لوقف الصلف الصهيوني المتفاقم الذي يعمل على تقويض القضية.
* نقلا عن صحيفة الخليج
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة