ميزانية فرنسا 2026.. اللجوء إلى «القانون الخاص» لتفادي شلل الدولة
في مواجهة الجمود السياسي المستمر في فرنسا، حول مشروع قانون المالية لعام 2026، تتجه الحكومة الفرنسية لاعتماد قانون خاص يسمح بالتمويل المؤقت للدولة والإدارات العمومية، لتفادي شلل مالي كامل عند بداية العام الجديد.
ورأت محطة "فرانس.إنفو" الفرنسية أن خطوة الحكومة الفرنسية بمشروع قانون المالية لعام 2026، التي تعد حلاً مؤقتًا، تبرز تحديات صناعة الميزانية في ظل الخلافات بين البرلمان ومجلس الشيوخ، وتكشف عن الحاجة الملحة لضمان استمرار الخدمات الأساسية للدولة دون انقطاع".
الأزمة المالية
ونتيجة لذلك، يستعد الحكومة الفرنسية لتقديم قانون خاص إلى البرلمان، يسمح بتأمين التمويل المؤقت للدولة رغم غياب الميزانية الرسمية.
وتكررت السيناريوهات السابقة بعدما فشلت اللجنة المشتركة للبرلمان والمجلس الأعلى يوم الجمعة 19 ديسمبر في التوصل إلى اتفاق حول مشروع قانون المالية لعام 2026، وفقاً للمحطة الفرنسية.
ويعد هذا الإجراء التشريعي، الذي يطبق للمرة الثانية على التوالي بعد تجربة 2024، وسيلة لتفادي شلل الدولة أو ما يعرف لدى الأمريكيين بـ"الإغلاق الحكومي "، حيث توقف الوكالات الفيدرالية أنشطتها ويصبح مئات آلاف الموظفين في حالة توقف عن العمل بسبب عدم وجود ميزانية معتمدة.
أهمية القانون الخاص ومحتواه
يسمح القانون الخاص، وفقًا للمادة 45 من القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية، للدولة بتحصيل الضرائب والإيرادات العامة اللازمة لتغطية النفقات الأساسية.
في نسخة 2024، اقتصر القانون على أربعة بنود رئيسية وهم السماح بتحصيل الضرائب الحالية، وتأمين موارد البلديات والإدارات المحلية، والسماح للدولة ومنظمات الضمان الاجتماعي بالاقتراض من الأسواق المالية.
وبند رابع كان يتعلق بالتمويل الإضافي وتم الاستغناء عنه هذا العام بعد اعتماد مشروع قانون تمويل الضمان الاجتماعي.
إلى جانب القانون الخاص، من المتوقع إصدار مرسوم لتجديد الإنفاق العام على أساس ميزانية 2025، لضمان استمرار عمل الدولة بشكل سلس.
مسار إقرار القانون الخاص
لم يعلن رئيس الحكومة سيباستيان لوكرونو رسميًا عن اللجوء للقانون الخاص، لكن المؤشرات تفيد بأنه سيتم عرضه على مجلس الوزراء يوم الاثنين بعد عودة الرئيس إيمانويل ماكرون من زيارة خارجية.
وبعد ذلك، سيخضع القانون لدراسة سريعة في اللجنة المختصة، ثم يُعرض على الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ في جلسات علنية. وتؤكد مصادر الحكومة أن القانون سيكون جاهزًا للتصويت بحلول يوم الثلاثاء.
الآثار العملية للقانون الخاص
على الرغم من أن القانون يسمح بتفادي شلل الدولة، إلا أنه لا يغني عن ميزانية فعلية، وسيكون أمام النواب فرصة تقديم تعديلات على القانون، لكنها ستكون محدودة مقارنة بمشروع الميزانية الكامل.
ويشير خبراء إلى أن التأخر في اعتماد الميزانية قد يؤدي إلى تجميد الاستثمارات العامة، وتأخير دعم البلديات والمشاريع الحيوية، ما ينعكس على النشاط الاقتصادي. على سبيل المثال، أكد وزير الإسكان أن برنامج "MaPrimeRénov" لن يتمكن من العمل اعتبارًا من 1 يناير إلا في حال اعتماد ميزانية تحتوي على الاعتمادات اللازمة.
وفي تصريحاتها، قالت وزيرة الحسابات العامة أميلي دو مونتشالين إن القانون الخاص يضمن الحد الأدنى من الخدمات: دفع رواتب الموظفين، والحفاظ على الأمن الحيوي للدولة، وسداد المستحقات للدائنين.
لكن أي نشاطات أخرى غير أساسية، مثل دعم الاستثمارات، دعم الشركات، مساعدة المزارعين، أو مشاريع الدفاع، ستتوقف لحين اعتماد ميزانية كاملة، بما في ذلك مشاريع ضخمة مثل حاملة الطائرات الفرنسية الجديدة، التي لا يمكن أن تبدأ دراسات أولية لها دون وجود ميزانية فعلية.
ويمثل القانون الخاص حلًا مؤقتًا لتفادي شلل الدولة عند بداية العام الجديد، لكنه ليس بديلاً عن الميزانية السنوية الرسمية، ويبرز هذا الوضع التحديات المستمرة في عملية صنع القرار المالي الفرنسي، ويضع الضغوط على البرلمان والحكومة لتسوية الخلافات واعتماد ميزانية شاملة لعام 2026 في أقرب وقت ممكن لضمان استمرار التمويل الفعلي للمشاريع والخدمات الأساسية.