دعوات تجميد "نشاط الإخوان السياسي".. خبراء: مناورة لترتيب الأوراق
بالتزامن مع محاولات يائسة لاستجداء الحوار والمصالحة مع الدولة المصرية، دعا قيادي إخواني بارز وعضو بمجلس شورى التنظيم إلى "تجميد العمل السياسي"، والتفرغ للعمل الدعوي والخيري والتربوي.
وأكد جمال حشمت، القيادي البارز في الإخوان وعضو مجلس شورى التنظيم (أعلى هيئة رقابية)، على ضرورة التفرغ للعمل الدعوي "لتصبح الإخوان جماعة ضغط".
وأضاف، في حوار أجراه مع أحد المواقع الإخوانية التابع للتنظيم، اليوم: "أدعو لفصل العمل الحزبي عن الإخوان، وهو المعني بالمنافسة على السلطة والحكم بشكل دائم، وأرجو أن تتم مناقشة الاقتراح داخل الجماعة".
وعزا دعوته إلى تخلص مؤسسة التنظيم من "عبء الخلافات الحزبية أو الانتخابية أو المنافسات على السلطة بكافة أشكالها".
واعترف حشمت، المحسوب على جبهة إبراهيم منير القائم بأعمال المرشد، بارتكاب التنظيم أخطاء تستوجب الاعتراف بها، قائلا : "لا بد من مراجعة أنفسنا وتقييم مواقفنا السابقة وعلينا الاعتراف بما أخطأنا فيه".
ودشن تنظيم الإخوان "حزب الحرية والعدالة" عقب أحداث 25 يناير/كانون الثاني 2011، والذي كانت الإخوان تهيمن على قراراته، وهو الحزب الذي تم حله بقرار قضائي عقب ثورة 30 يونيو/حزيران التي أطاحت بحكم الإخوان.
مناورة وخداع
"حديث حشمت تكتيكي، ويحمل الخداع المعتاد للجماعة في مثل هذه الظروف"، هكذا عقب المحلل السياسي المصري، هشام النجار، في حديث مع "العين الإخبارية"، على دعوة القيادي الإخواني.
وأضاف: "دأب التنظيم وقت الأزمات على الادعاء بأنه في طريقه للتغير وتصحيح الأوضاع، مع إطلاق مجموعة من الوعود المرحلية التي تتراجع عنها فور تحقق أهدافها، وخروجها من أزمتها".
وبرهن النجار بأن هذا حدث "حين أخرجهم الرئيس المصري الراحل أنور السادات من السجون، ووعدت آنذاك نفس الوعود بأنها مجرد جماعة دعوية وليس لها دخل بالسياسة، وهو سرعان ما انقلبت عليه وثبت تآمرها ضد السادات ووقوفها مع خصومه وأعدائه".
وقال إن حديث حشمت في سياق ترك العمل السياسي قديم، واستدعاؤه الآن يحمل أهدافا خاصة، "توقيت هذا الطرح يعود إلى التطور الخاص بدعوة الرئيس عبدالفتاح السيسي للحوار الوطني، وتهميش الإخوان، وعدم قبول إلحاح قادة الجماعة لفتح حوار معها رغم تكرارهم هذه الدعوات على لسان يوسف ندا وغيره".
وإزاء ذلك، رأى الخبير السياسي المصري أن التنظيم يحاول الإيحاء بأنه جدير بضمه لمائدة الحوار من خلال الإيعاز بأنهم تغيروا، وتعلموا من الدروس، ويحاولون تصحيح الأخطاء بالابتعاد عن السياسة والتركيز على الدعوة والتربية".
وفي وقت سابق، شدد الرئيس السيسي على أنه "لا تصالح مع من يريدون هدم مصر ويؤذون شعبها"، في إشارة إلى ما أشيع عن التصالح مع تنظيم الإخوان.
وقال السيسي، في حديث سابق، إنه: "مقدرش (لا أستطيع) التصالح مع من يريد هدم بلادي وإيذاء شعبي وأولادي، لو اختلف معي اختلافا على قدر الاختلاف أهلا وسهلا، لكن إذا كنت تريد أن تدمر وتخرب وتقتل كيف أصالحك؟".
حصان طرواده
بدره، قال الدكتور أحمد بان، الخبير في شؤون حركات الإسلام السياسي، لـ"العين الإخبارية"، إن خيار تجميد العمل السياسي مطروح بالفعل فى مراحل سابقة كانت الجماعة تنظيما واحدا له خط فكري وسلوكي واحد، أما اليوم فلا يمكن التعاطي مع هكذا خدعة".
وحول تداعيات ما طرحه حشمت، أضاف "ستتحول الجماعة الدعوية إلى حصان طروادة يختبئ داخله من يؤمن بالعنف ومن لا يؤمن به من يرغب في العمل السياسي ومن لا يرغب".
وقبل أيام، جدد القيادي الإخواني يوسف ندا، ظل تنظيم الإخوان الإرهابي، دعوته للمصالحة، زاعما في رسالة نشرها موقع "إخوان سايت" التابع لجبهة إبراهيم منير، أن "باب جماعة الإخوان مفتوح للحوار والصفح مع النظام الحالي، بعد رد المظالم".
وسبق أن قال "ندا" في سبتمبر/أيلول العام الماضي: "الباب مفتوح للحوار مع النظام المصري".
وجاءت دعوة الإخوان للمصالحة في وقت يشهد التنظيم فيه هزائم الواحدة تلو الأخرى.
وكانت آخر الضربات التي تلقاها التنظيم، وقف نشاط قناة مكملين التي اعتبرت لسنوات بوقا رئيسيا للإخوان، بشكل نهائي، في الأراضي التركية.
وأصدرت القناة بيانا، أمس، أكدت خلاله "نقل بثها واستوديوهاتها وجميع أنشطتها إلى خارج تركيا"، متابعة أن "تلك الخطوة تأتي نظرا للظروف التي لا تخفى على أحد"، بحسب البيان.
ومنذ نوفمبر/تشرين الثاني 2020، يعيش تنظيم الإخوان واقعا صعبا ومحكا تاريخيا في النمسا التي اعتبرت لعقود أحد الملاذات الآمنة للجماعة، إذ تخضعها السلطات لتحقيق جنائي على خلفية تهم تمويل الإرهاب وتشكيل مجموعة إرهابية.
ونتيجة هذا التحقيق المستمر منذ أكثر من عامين، فقدت الإخوان حرية الحركة التي تعودت عليها في النمسا، ولم تعد قادرة على استغلال المناخ الاقتصادي والسياسي المنفتح لإدارة أنشطتها.
وفي ألمانيا المجاورة، بدأ البرلمان الألماني منذ منتصف مارس/آذار الماضي، مناقشة مشاريع لمكافحة تمويل الإسلام السياسي، خاصة تنظيم الإخوان الإرهابي.
aXA6IDE4LjIyMC4xMTIuMjEwIA==
جزيرة ام اند امز