فرنسا والانسحاب الأمريكي.. مناورة دبلوماسية تفجر الجدل
المراقبون والمحللون انتقدوا تخبط الموقف الفرنسي من الأزمة الإيرانية، خاصة عقب إعلان ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي.
منذ إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، انسحاب بلاده من الاتفاق النووي مع إيران، تبنى نظيره الفرنسي، إيمانويل ماكرون، موقفا يستبطن مناورة دبلوماسية لبقة، تقوم بدورها على عدم تحديد موقف واضح تجاه الأزمة.
فمن جهة، يقول ماكرون إنه مقتنع تماما برؤية واشنطن بهذا الشأن، غير أنه عاد ليعلن، في الوقت نفسه، تمسك بلاده بالاتفاق، الأمر الذي أثار انتقادات وجدلا واسعا بالأوساط الفرنسية والدولية.
المحلل الفرنسي لوران مارشان، اعتبر أن ماكرون يعتقد أنه قادر على المناورة من أجل استغلال تلك الأزمة، للتأكيد على النهج الفرنسي الجديد الأكثر واقعية، وهو تفضيل المصالح الاقتصادية على استقرار المنطقة.
تكتيك أشار مارشان أنه الأمر الذي منع ماكرون من إظهار تأييد سافر للموقف الأمريكي تجاه إيران.
وأضاف الخبير، في قراءة نشرتها صحيفة "ويست فرانس" الفرنسية، أن ماكرون ادعى أنه سيقدم "مظلة لإنقاذ الاتفاق»، بهدف تجنب أزمة وحشية في المنطقة.
كما أوضح أن الأزمة الإيرانية كانت الاختبار الحقيقي للنهج الواقعي الجديد للسياسة الخارجية لفرنسا.
ورغم أن باريس أبدت قلقها من تطوير برنامج الصواريخ الباليستية لطهران، في ظل تعنت طهران وإصرارها على أن الاتفاق النووي غير قابل للتفاوض، إلا أن ماكرون لم يتخذ مسافة واضحة من إيران.
ونقلت صحيفة "ويست فرانس" الفرنسية عن دبلوماسي محلي لم تسمه، قوله إن "باريس ترى أن برنامج الصواريخ الباليستية يهدد الدول المجاورة لإيران، بما في ذلك البلدان القريبة من فرنسا، مثل الإمارات والسعودية".
وعد الدبلوماسي "رفض الإيرانيين عدم التحدث في ذلك الموضوع أمراً غير مقبول وغير مفهوم".
وتابع أن "إيران تمد حزب الله جنوب لبنان وميليشيا الحوثي في اليمن والميليشيات السورية، بقذائف باليستية، الأمر الذي يزعزع استقرار الشرق الأوسط، وهذا أمر مرفوض أيضاً".
أما مارشان، فعاد ليقول معقبا: "رغم ما تقدم، إلا أن الموقف الفرنسي جاء غير واضح، ووسط التصميم الأمريكي بالانسحاب، والرفض الألماني والبريطاني والروسي من جهة أخرى، فإن الموقف الفرنسي لايزال متخبطاً، حيث يندد ماكرون بأنشطة إيران العدائية من جهة، ويعلن تمسكه بالاتفاق من جهة أخرى".
من جهتها، أشارت مجلة "لونوفل أوبسيرفاتير" الفرنسية، إلى أن الهدف من الاتفاق النووي بين الرئيس الإيراني حسن روحاني ونظيره الأمريكي السابق باراك أوباما، كان هدفه تخفيف العقوبات لإنعاش الاقتصاد الإيراني.
إلا أن إيران أساءت استغلال ذلك الاتفاق، بمحاولات المد الشيعي وبسط نفوذها في المنطقة، عبر الممر الإيراني إلى اليمن ولبنان مروراً بسوريا والعراق، فضلاً عن برنامج الصواريخ الباليستية باستهداف أعدائهم بحسب زعمهم.
وأضافت المجلة أن "المجتمع الدولي لم يسمح بذلك التوغل، فكان على الرئيس الأمريكي وضع حد لعبث الإيرانيين في المنطقة، ومن ثم أعلن انسحابه من الاتفاق، إلا أن تلك الخطوة أججت من المواجهات المباشرة بين طهران وتل أبيب على الأراضي السورية".
ورصدت المجلة تاريخ العداء بين طهران وواشنطن، موضحة أنه عقب الثورة الإيرانية، بعد الانقلاب على نظام الشاه، وقعت حادثة إذلال الرهائن "بالسفارة الأمريكية" في طهران عام 1979.
كما تطرقت أيضا إلى حادثة مقتل 241 من ضباط البحرية الأمريكية في انفجار بيروت عام 1983، وتدمير طائرة إيرباص لشركة الطيران الإيرانية "إيران انير" من قبل سفينة حربية أمريكية، عام 1988، ما أسفر عن وقوع 290 قتيلا، إضافة إلى الهجوم السيبراني الأمريكي الإسرائيلي، فيروس «ستكسنت »، ضد البرنامج النووي الإيراني.
واعتبرت المجلة أنه "من المفارقات أن الأمريكيين هم حلفاء للمحافظين المحيطين بالمرشد الأعلى الإيراني، آية الله على خامنئي، وقادة الحرس الثوري والأجهزة الأمنية في "إيران".
aXA6IDMuMTMzLjE0Ni45NCA= جزيرة ام اند امز