المدارس الفرنسية في الجزائر تحت النار.. اتهاما بفرض علمانية صارمة

في تطور غير معتاد، اندلعت موجة من الجدل داخل الأوساط التعليمية في الجزائر.جاء ذلك أن تقدمت جمعية لأولياء التلاميذ بشكوى رسمية تتهم فيها الثانويات الفرنسية على الأراضي الجزائرية بتطبيق مفرط ومتشدّد لمبدأ العلمانية، يصل إلى حدّ قمع كل تعبير ديني.
هل تحولت المدارس الفرنسية إلى فضاءات تُقصي الخصوصيات الثقافية والدينية للتلاميذ الجزائريين؟ وهل تُهدَّد الاتفاقيات الثنائية بين الجزائر وفرنسا تحت غطاء التعليم؟ إليكم تفاصيل القصة التي تشغل الرأي العام.
وقال أوليفييه روا، خبير في شؤون العلمانية والدين في المجتمعات المعاصرة، وأستاذ في معهد الجامعة الأوروبية (EUI) في فلورنسا لـ"العين الإخبارية" إن "المدارس الفرنسية في الخارج، ومنها تلك الموجودة في الجزائر، تُطبّق مبدأ العلمانية كما هو معمول به في فرنسا، لكن التحدي الحقيقي يكمن في التوفيق بين هذا المبدأ واحترام السياق المحلي.
ورأى روا أنه إذا تحوّلت العلمانية إلى أداة للإقصاء بدلًا من الحياد، فقد نكون فعلاً أمام توتر دبلوماسي قد يُلقي بظلاله على الاتفاقيات الثنائية، خاصة في مجال التعليم."
جمعية لأولياء التلاميذ تندّد بتطبيق "صارم للغاية" للعلمانية في الثانويات الفرنسية
كشفت جمعية جزائرية لأولياء التلاميذ، عبر تصريح لصحيفة الخبر الجزائرية، عن إدانتها لما وصفته بـ"تطبيق مفرط لنموذج العلمانية" في الثانويات الفرنسية بالجزائر، معتبرة أن ذلك أدى إلى "منع كافة أشكال التعبير الديني، سواء ارتداء الحجاب داخل المؤسسة، أو التعبيرات المرتبطة بالممارسات الدينية كالصوم أو الصلاة، أو حتى مجرد الإشارة إلى الإيمان الإسلامي".
ورغم أن الحياة الداخلية للثانويات الفرنسية في الجزائر نادرًا ما تكون موضع جدل علني، إلا أن هذا التصريح فجّر صدمة صغيرة في صفوف أولياء الأمور والمعلمين.
ودعت الجمعية كذلك، بحسب ما نُقل، التمثيلية الدبلوماسية الفرنسية في الجزائر إلى "فتح تحقيق عاجل وإعادة النظر في طرق إدارة" الثانويات الدولية الواقعة في الجزائر العاصمة ووهران وعنابة – والتي تستقبل أكثر من 2300 تلميذ – مطالبةً بـ"تعليم عادل ومنصف لجميع التلاميذ دون أي تمييز".
شكاوى رسمية وتحقيقات قضائية محتملة
من جانبها، كشفت صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية، أن الجمعية قد قدمت شكاوى رسمية إلى الجهات القضائية المختصة في الجزائر، تطالب فيها بفتح تحقيق قضائي حول مدى احترام هذه المؤسسات للقوانين الوطنية والاتفاقيات الثنائية بين الجزائر وفرنسا.
كما قدمت الجمعية، وثائق رسمية وشهادات تؤكد وقوع "انتهاكات جسيمة" تمسّ بسير عمل هذه المؤسسات الفرنسية التعليمية داخل البلاد. وأشارت إلى وجود "إشكالات قانونية وأخلاقية تمس جوهر العملية التربوية، وتتنافى مع القيم الوطنية والقوانين الجزائرية".
رأي مخالف داخل جمعية أولياء التلاميذ التاريخية
في المقابل، عبّر بعض أولياء الأمور المنضوين تحت لواء جمعية أولياء التلاميذ التاريخية "Apleiad" عن استغرابهم من هذه الادعاءات.
وقالت إحدى الأمهات لصحيفة "لو فيجارو": "لا نفهم ما يجري. لم نتلقَّ أي إشعار بهذه الادعاءات. موضوع الدين لم يكن أبدًا محور نقاشاتنا. وإذا كان البعض يرغب في أن يعيش أبناؤهم الإسلام بشكل كامل، فهناك مدارس أخرى في الجزائر توفر ذلك، ولا أحد يُجبرهم على البقاء في الثانوية الفرنسية".
وأضافت الأم بنبرة استياء: "يبدو أن هؤلاء الأولياء يحاولون استيراد مواضيع جدلية من فرنسا مثل قضية الحجاب في المدارس، وهو أمر لا علاقة له بواقعنا".
في خضم تصاعد التوترات حول الهويات الثقافية والدينية داخل الفضاءات التعليمية، تفتح هذه القضية الباب مجددًا أمام تساؤلات حول حدود تطبيق العلمانية، واحترام الخصوصيات الوطنية في المؤسسات الدولية.
aXA6IDMuMTQ1LjI4LjMg جزيرة ام اند امز