أما «داعش» فهو الشكل الأخير للهيجان الأصولي المسلح.
في وقت متزامن، تقريبًا، كشف الإرهاب عن وجهه القبيح في مصر وتركيا. عملية شيطانية، ضربت النساء والأطفال والمصلين، في كاتدرائية العباسية الشهيرة في القاهرة. ضحاياها من المصريين 25 شخصاً و31 من المصابين.
الجريمة الثانية لا تقل سفالة، في إسطنبول، أو الآستانة قديماً، تبنت جماعة «صقور حرية كردستان» مسؤولية التفجير الذي ضرب استاداً رياضياً، راح ضحيته زهاء 38 شخصاً. بسيارة مفخخة، وانتحاري بشري بعدها بأقل من دقيقة. هذا الجنون، لن يتوقف للأسف؛ فثمة رابط بين كل ما يحصل هنا أو هناك، حتى لو بدا الأمر في الظاهر على غير هذه الصلة.
يتغذّى الإرهاب الذي يصيب تركيا من نبع الشام، وربما العراق، فـ«داعش» صنّف تركيا عدواً بعد انخراط تركيا في الحرب عليه، وفي الوقت نفسه الحرب ضد الميليشيات الكردية الموالية لروسيا وإيران، الطامعة بتكوين دولة كردية عازلة بين تركيا والشام والعراق.
أما «داعش» فهو الشكل الأخير للهيجان الأصولي المسلح، الذي يتخذ بدوره من فكرة «الخلافة» و«الجهاد»، ومحاربة أعداء الإسلام، وسيلة للتجنيد والتعبئة، خاصة بعد خذلان الغرب للشعب السوري، وتكالب الخمينيين والبوتينيين على بلاد الشام.
في مصر، هناك خصوصيات طبعًا للحالة الإرهابية، لكن في مكان ما ثمة صلة بـ«داعش»، ومن ثم صلة بالشام والعراق، وصلة بـ«القاعدة»، وقد كان المصري أبو الفرج، ثالث ثلاثة مع الجولاني، أثناء إعلان التحالف الجديد (فتح الشام). بكلمة أخرى، مصدر الفوضى والخراب والتحريض على الإرهاب، ومغناطيس الفكر والنشاط «الجهادي» حسب وصف الجماعات، أو «الإرهابي» حسب تصنيف العالم، هو المشهد السوري.
بركان سوريا، والآن العراق، يقذف حممه على الكل، تسيل وديان النار منه على الجوار القريب والبعيد بل على العالم كله.
أمريكا، القوة العظمى الأولى في العالم، تقع في وهم قاتل، إن هي ظنت أن «انعزالها» عن الشرق الأوسط، هو الحل، مكتفية فقط بمحاربة «داعش» و«القاعدة». هذا وهم قاتل، لأن ترك إيران الخمينية وروسيا البوتينية تجرمان في سوريا والعراق، يعني بوضوح تام، المزيد من «داعش» وغير «داعش»، والمزيد من الإرهاب الدولي في الغرب وأمريكا نفسها.
الأمر بيّن جليّ.
أستاذ العلاقات الدولية بجامعة جورج واشنطن، أميتاي إتزيوني، بمقال له في مجلة «ذا ناشيونال إنتريست» قال: «شرق أوسط تحت قبضة الشيعة سيصبح مصدراً رئيسياً لتفريخ الإرهاب العابر للحدود، يشمل أوروبا ويهدد الولايات المتحدة داخل أرضها».
طرق الإرهاب يفضي بعضها إلى بعض، والحل هو في سدّ مدخل الحارة كلها، فهل يعي (ترامب) عمدة العالم الأمريكي، الجديد، هذا؟
* نقلاً عن الشرق الأوسط
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة