ما وراء الوقود.. رحلة النفط من باطن الأرض إلى تفاصيل الحياة اليومية
مع أن النفط يعرف تقليديا بوصفه مصدرا للطاقة والوقود، فإن قصته الحقيقية تتجاوز بكثير مجرد تشغيل المحركات أو توليد الكهرباء.
فخلف كل زجاجة عطر، وكل قطعة بلاستيك، وكل دواء نتناوله، يقف النفط والغاز الطبيعي في قلب الصناعات الكيماوية التي تحول موادهما الخام إلى مكونات أساسية تدخل في أدق تفاصيل حياتنا اليومية.

هذا المفهوم الذي يعرف بـ"سلسلة القيمة"، يمثل أحد المحاور الرئيسة لمؤتمر أديبك 2025 في أبوظبي، الذي ينعقد خلال الفترة من 3 إلى 6 نوفمبر/تشرين الثاني، ليجسد مدى تنوع واتساع منظومة الطاقة الحديثة، ويبرز الدور الحيوي للتكرير والتصنيع والتسويق والصناعات الكيماوية في بناء اقتصاد عالمي متكامل.
يقام معرض ومؤتمر أديبك 2025 في مركز أدنيك بأبوظبي، تحت شعار "طاقة ذكية لتقدّم متسارع"، بمشاركة أكثر من 45 وزيرا و250 رئيسا تنفيذيا من مختلف قطاعات الطاقة والتقنية والتمويل. وسيكون الحدث الأكبر في تاريخه، حيث يستعرض أحدث الحلول والتقنيات التي تسهم في تعزيز الكفاءة ودفع مسيرة التحول المستدام في قطاع الطاقة.

ويهدف المؤتمر إلى مناقشة سبل تلبية الطلب العالمي المتزايد على الطاقة وبناء منظومة متوازنة تجمع بين الاستدامة والابتكار والمرونة الاقتصادية، لتضمن استمرار التقدم البشري في عالم يعتمد على النفط وما وراءه.
ما وراء النفط
تعتمد آلاف المنتجات حول العالم على مواد مشتقة من النفط والغاز الطبيعي أو تصنع منهما. وبينما يعد استخدام النفط كوقود أمرا مألوفا، فإن الاعتماد عليه يتجاوز ذلك بكثير ليشمل الكهرباء والمنتجات الطبية والتجميلية والغذائية وحتى الترفيهية.

فلولا النفط والغاز خلال جائحة كورونا، لما توفرت معدات الوقاية الشخصية أو معقمات الأيدي أو حتى أجهزة الحاسوب التي مكنت ملايين الأشخاص من العمل من منازلهم.
وتظهر بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية (EIA) مدى مركزية النفط في الاقتصاد العالمي، إذ بلغ الاستهلاك اليومي للنفط والوقود السائل في مارس/آذار 2022 نحو 98.3 مليون برميل يوميا، بزيادة 2.4 مليون برميل عن العام السابق، وارتفاعه إلى أكثر من 101 مليون برميل يوميا في 2023.

ووفقا لتقديرات شركة TAM Oilfield Services، فإن هذه الأرقام تعكس الأهمية المستمرة للنفط والغاز في الحياة المعاصرة، رغم التحول العالمي نحو الطاقة النظيفة. فما زالت هذه الصناعة تمثل العمود الفقري للعديد من القطاعات الحيوية.
تمتد سلسلة القيمة في الصناعات الكيماوية لتبدأ من النفط الخام والغاز الطبيعي، وتمر عبر عمليات التكرير والتكسير والإنتاج البتروكيماوي، وصولا إلى المنتجات النهائية التي يستخدمها الأفراد يوميا.

البلاستيك
البلاستيك مثلا أحد أبرز المخرجات البتروكيماوية يدخل في معظم عمليات التعبئة والتغليف، وفي تصنيع الأجهزة الإلكترونية والمعدات الطبية والمباني وحتى السيارات.
وإذا لم يكن المنتج مصنوعا من البلاستيك، فمن المرجح أنه مخزَّن أو مغلف بمواد مشتقة من النفط.

منتجات التجميل
وتستخدم المشتقات النفطية كذلك في منتجات التجميل مثل العطور وطلاء الأظافر وصبغات الشعر، حيث تساعد مركبات مثل البروبيلين جليكول على ترطيب البشرة وحفظ الروائح.
أما صناعة الأغذية، فتعتمد على النفط بصورة غير مباشرة من خلال عمليات التسخين والتبريد والتعبئة، وحتى في تصنيع بعض المنتجات مثل العلكة التي تحتوي على بوليمرات أساسها النفط.

الصحة والدواء
وفي مجال الصحة والدواء، يشكل النفط مادة أولية أساسية في تصنيع صمامات القلب والأطراف الاصطناعية والمستلزمات الطبية مثل القفازات والمعقمات، إلى جانب كونه مصدرا لمركبات تدخل في تركيب أدوية مثل الأسبرين والفيتامينات.

الزراعة والبناء
لا تقتصر مساهمة النفط على الصناعة والطب، بل تمتد إلى الزراعة من خلال الأسمدة والمبيدات البتروكيماوية التي تعد الأكثر شيوعا وكفاءة.

وفي قطاع البناء، تدخل مشتقات النفط في إنتاج الطلاء والأنابيب والإسفلت ومواد العزل. وحتى في الترفيه والرياضة، يظهر النفط في تصنيع كرات القدم والتنس، والأحذية الرياضية، والعشب الصناعي، وأوتار الجيتار المصنوعة من النايلون المشتق من النفط.
