نار "دعم الوقود" تستعر في لبنان.. و"حزب الله" يمارس هواية الابتزاز
أبرزت نار"دعم المحروقات" في لبنان، الخلافات السياسية على السطح، في قضية تداعياتها خطيرة جداً في البلد المنكوب بانهيار اقتصادي طاحن.
وكعادته في الابتزاز، دخل حزب الله، في القضية، ورفض قرار مصرف لبنان المركزي رفع الدعم عن المحروقات، دون أن يقدم بديلا للحل، أو الموافقة على تشكيل حكومة تبدأ في حل الأزمة الاقتصادية التي تتفاقم يوما بعد يوم.
عون يطالب سلامة بالامتثال
وقال الرئيس اللبناني، ميشال عون، في تغريدة على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، إنه طالب رياض سلامة، حاكم المصرف المركزي بالامتثال بالموافقات الاستثنائية لمجلس الوزراء التي أجازت للمصرف استعمال الاحتياطي الالزامي.
وأضاف عون، في التغريدة، كما أنه طالب حاكم المصرف المركزي بالتنسيق مع السلطات بشأن كل قرارات السياسة، وذلك حسب رويترز.
مناقشة قانون استخدام الاحتياطي الإلزامي
وقال مصدر وزاري إن الحكومة اللبنانية ستناقش قانونا، الخميس، من شأنه أن يتيح للمصرف المركزي مواصلة دعم المحروقات بعد أن قرر البنك رفع الدعم الذي استنزف خزائنه.
وهاجمت الحكومة حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، بشأن القرار الذي أعلن في وقت متأخر أمس الأربعاء، ووصفته بأنه تحرك أحادي ستكون له عواقب وخيمة في الوقت الذي يعاني فيه لبنان تحت وطأة انهيار اقتصادي طاحن.
ودافع البنك المركزي عن قراره، قائلا إنه أبلغ الحكومة قبل عام بأنه يحتاج لتشريع جديد لاستخدام الاحتياطي الإلزامي من العملة، وهي الحصة من الودائع التي يلزم القانون الحفاظ عليها.
وفي وقت لاحق اليوم، قالت الحكومة اللبنانية إنه يجب استمرار الدعم وترشيده فقط عند طرح البطاقات مسبقة الدفع للفقراء.
وفي بيان بعد اجتماع لمجلس الوزراء، قالت الحكومة أيضا إنه ينبغي ألا يكون هناك تغيير في أسعار المنتجات البترولية المكررة.
أسوأ أزمة اقتصادية منذ الحرب الأهلية
وقد يؤذن إلغاء الدعم ببداية مرحلة جديدة في الأزمة المالية التي أفقدت العملة اللبنانية أكثر من 90 % من قيمتها منذ 2019 ودفعت بأكثر من نصف سكان البلاد تحت خطر الفقر.
وفشلت النخبة الحاكمة في رسم مسار للخروج من الأزمة، وهي الأسوأ منذ الحرب الأهلية بين عامي 1975 و1990 حتى مع نفاد إمدادات الوقود والأدوية.
اجتماع عون وسلامة
ووفقا للمصدر الوزاري، فقد استدعى الرئيس ميشال عون، الحاكم سلامة إلى القصر الرئاسي لاجتماع رفض خلاله سلامة التراجع عن القرار، قائلا إن استخدام الاحتياطي الإلزامي يتطلب تشريعا.
وأضاف المصدر أنه سيجري بحث تلك المسألة خلال اجتماع طارئ لحكومة تصريف الأعمال برئاسة حسان دياب.
الحكومة ترفض رفع الدعم
وقال دياب إنه يعارض رفع الدعم قبل طرح بديل وإنه يجري تحقيق تقدم صوب طرح البطاقات التمويلية للفقراء، وأن القرار كان يمكن أن ينتظر لحين الطرح.
وقال على "تويتر" إن القرار "مخالف للقانون، وكذلك لا يراعي واقع الأزمة المعيشية والاجتماعية العميقة، وستكون تداعياته خطيرة جداً على البلد، وأضراره أكبر بكثير من منافع حماية التوظيفات الإلزامية في مصرف لبنان، لأنه يدخل البلد في المجهول الاجتماعي والمعيشي".
ابتزاز "حزب الله"
ورفض نواب من الكتلة البرلمانية لجماعة حزب الله الشيعية، الخميس، تحرك سلامة، قائلين إنه يتعين طرح البطاقات التمويلية قبل اتخاذ أي قرار آخر أو إنهاء الدعم أو خفضه.
وقالت إنه يتعارض مع السياسات التي يطبقها البرلمان والحكومة.
ودعا نواب الكتلة في بيان بعد اجتماعهم الأسبوعي إلى توزيع بطاقات نقدية مدفوعة مسبقا على الفقراء قبل اتخاذ أي خطوة أخرى لرفع الدعم عن أي سلع أساسية أو تقليصه.
ووافق البرلمان على البطاقات النقدية المدفوعة مسبقا في يونيو/حزيران الماضي.
تكلفة الدعم
ومنذ بداية الأزمة، يستخدم المصرف المركزي احتياطياته الدولارية لتمويل واردات الوقود بأسعار الصرف الرسمية التي تقل كثيرا عن سعر تداول الدولار في السوق الموازية، الأمر الذي أدى إلى استنزاف الاحتياطي.
ويكلف دعم الوقود نحو ثلاثة مليارات دولارات سنويا.
وقال البنك المركزي "على الرغم من أن مصرف لبنان قد دفع ما يفوق 800 مليون دولار للمحروقات في الشهر الماضي، وأن فاتورة الأدوية وغيرها من المواد الضرورية قد تضاعفت، فلا تزال كل هذه المواد مفقودة من السوق وتباع بأسعار تفوق قيمتها".
وتابع أن هذا "يثبت ضرورة الانتقال من دعم السلع، التي يستفيد منها التاجر والمحتكر، إلى دعم المواطن مباشرة وهو الأمر الذي يحفظ كرامة المواطنين في ظل هذه الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد".
تهريب السلع المدعمة
ووصف جبران باسيل، زعيم حزب التيار الوطني الحر الذي أسسه عون وصهره، التحرك بأنه مفاجئ و"أحادي" وحث أنصاره على الاستعداد للحشد.
لكن الزعيم الدرزي وليد جنبلاط قال إنه ينبغي رفع الدعم لأن السلع المدعمة تُهرب إلى سوريا وحذر من أن الاحتياطي سينفذ في نهاية المطاف.
أسعار الوقود سارية
وأعلن البنك المركزي في ساعة متأخرة من مساء أمس الأربعاء، أنه سيوفر تأمين الاعتمادات اللازمة لواردات المحروقات على أساس سعر السوق الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأمريكي وليس على أساس السعر المدعم وقال إنه سيسري اعتبارا من الخميس.
وقالت مديرية النفط إن أسعار الوقود التي صدرت أمس الأربعاء لا تزال سارية وملزمة للموزعين.
ومن المتوقع أن يزيد سعر البنزين 95 من دون الدعم بأكثر من 4 أمثال سعره السابق في جدول أوردته إحدى القنوات اللبنانية أمس الأربعاء.
ورغم أن الارتفاع الحاد في الأسعار سيجعل الوقود أبعد من متناول الأعداد المتزايدة من فقراء لبنان، يقول بعض الاقتصاديين إنه ينبغي التخفيف من النقص الشديد في الوقود لأولئك الذين يستطيعون الدفع عن طريق إزالة الحافز على التهريب والتخزين.
وفي الآونة الأخيرة، بدأ المصرف إتاحة خطوط ائتمان للوقود بسعر 3900 ليرة للدولار، وهو أعلى من السعر الرسمي البالغ 1500 ليرة لكنه ما زال منخفضا كثيرا عن سعر السوق الموازية الذي بلغ نحو 20 ألف ليرة في السوق الموازية أمس الأربعاء.
وانخفض احتياطي المصرف المركزي من 40 مليار دولار في 2016 إلى 15 مليار دولار في مارس/آذار الماضي. ويكلف دعم الوقود ثلاثة مليارات دولار سنويا.
aXA6IDM1LjE3MS4xNjQuNzcg جزيرة ام اند امز