الإمارات تسبق بخطوة.. "التمويل" حصان طروادة بمعركة التنوع البيولوجي
تقع الأرض في خضم أزمة التنوع البيولوجي وهذا الانخفاض في التنوع البيولوجي لا يهدد البيئة فحسب، بل يهدد الاقتصاد العالمي أيضًا.
ويحتفي العالم باليوم الدولي للتنوع البيولوجي في الثاني والعشرين من مايو/أيار كل عام، وسط تحديات مناخية قوية هذه السنة.
أزمة فقدان التنوع البيولوجي للأرض
يوفر التنوع البيولوجي الموارد والخدمات الأساسية التي نستخدمها والتي تؤثر بشكل مباشر على رفاهية الإنسان بما في ذلك الغذاء وموارد الطاقة، فضلاً عن كونها ضرورية لصحة النظام البيئي وعمله. جدير بالذكر أن، أكثر من 70٪ من الأدوية الأساسية والمستحضرات الصيدلانية مشتقة من مصادر بيولوجية.
وهناك أدلة متزايدة على أن نقص الاتصال بالتنوع البيولوجي الطبيعي يؤثر على الميكروبيوم البشري مع عواقب صحية سلبية. نظرًا لأن كوكبنا يواجه تحديات ملحة ومترابطة، فمن الضروري فهم آثار تغير المناخ والأنشطة البشرية على التنوع البيولوجي وكيف يمكن التخفيف من آثارها وعكس مسارها في نهاية المطاف.
- اختفاء الأنهار الجليدية.. سيناريو سوداوي "يكتبه" التغير المناخي
- دراسة تحذر من "كارثة".. العالم أقرب إلى فقدان التنوع البيولوجي
هذا، ويُعّدُ فقدان التنوع البيولوجي أحد أكبر المخاطر على الحياة البشرية. كما تجدر الإشارة، إلى إن المجتمع العلمي قد دق مرارًا وتكرارًا ناقوس الخطر بشأن أزمة الكوكب المتمثلة في فقدان التنوع البيولوجي. ووفقًا للمنتدى الاقتصادي العالمي، يشهد العالم انخفاضًا كارثيًا في التنوع البيولوجي، وبالتالي فهو ليس كارثة بيئية فحسب، بل يمكن أن يؤدي أيضًا إلى دمار مالي واقتصادي، يبلغ نحو 44 تريليون دولار.
ووفقًا للصندوق العالمي للحياة البرية (WWF)، فقد انخفضت أعداد الحيوانات البرية بنسبة 70٪ تقريبًا منذ عام 1970، وفي المملكة المتحدة وحدها، يواجه أكثر من واحد من كل سبعة أنواع محلية الانقراض. بحسب ما ذكرته مجلة الإيكونوميست، هذا، وتُعد الطبيعة أيضًا أقوى سلاح لدى البشرية ضد أزمة تغيرات المناخ، ومع انهيار النظم البيئية التي تمنح الحياة وتنظم المناخ، تنهار أيضًا الصناعات؛ لأن كل شيء، من النفط والغاز إلى الأسمنت والصلب، يعتمد في النهاية على الطبيعة.
اتفاقية التنوع البيولوجي
أقرت اتفاقية الأمم المتحدة بشأن التنوع البيولوجي (CBD)، التي تم تبنيها في قمة الأرض عام 1992 لأول مرة في القانون الدولي بأن الحفاظ على التنوع البيولوجي هو 'اهتمام مشترك للبشرية'.
تغطي الاتفاقية جميع النظم البيئية والأنواع والموارد الوراثية، هذا، وتُشجع اتفاقية التنوع البيولوجي على تطوير أهداف عالمية واستراتيجيات وخطط عمل وطنية لحفظ التنوع البيولوجي واستخدامه المستدام.
مع ارتباط اقتصادات العالم ارتباطًا وثيقًا بصحة البيئة، هناك فرص هائلة للاستثمار المالي من كل من القطاعين العام والخاص لدعم المشاريع المصممة لاستعادة التنوع البيولوجي للأرض.
التمويل الأخضر
يُعرف 'التمويل الأخضر' من خلال إنشاء منتجات جديدة تمامًا، وهي الأولى من نوعها خصيصًا للاستثمارات ذات التنوع البيولوجي؛ حيث يُعد التمويل الأخضر، العامل المحفز للحفاظ على التنوع البيولوجي. وفي هذا الصدّد، تتمتع مجموعة البنك الدولي بوضع فريد يُمكنها من تعبئة الأدوات المالية للاستثمارات المُراعية للطبيعة، والتأثير على صانعي السياسات لتوجيه الاستثمارات الحالية بعيدًا عن الأنشطة التي تؤدي إلى تدهور الأنظمة البيئية إلى تلك التي تحافظ عليها.
فجوة التمويل للتنوع البيولوجي
هذا، وتجدر الإِشارة إلى إن قيمة التمويل السنوي للحفاظ على التنوع البيولوجي، قد بلغ في عام 2022، حوالي 120-140 مليار دولار، وسيلزم توفير 700 مليار دولار من التمويل السنوي على مدار العقد القادم لتحقيق الأهداف العالمية للتنوع البيولوجي.
كما يُقدر معهد التمويل الأخضر أن أهداف استعادة الطبيعة في اسكتلندا وحدها، على سبيل المثال، ستتطلب استثمارات بقيمة 20 مليار جنيه استرليني (25 مليار دولار أمريكي) بحلول عام 2032. هذا هدف ضخم، ومعظمه يجب أن يأتي من المؤسسات المالية مثل صناديق التقاعد وصناديق الاستثمار الأخرى وشركات التأمين والبنوك.
وبحسب ما ذكره المنتدى الاقتصادي العالمي، إن التقدم المحرز في أدوات تقييم التأثيرات المتعددة على التنوع البيولوجي ومعايير الإبلاغ البيئية والاجتماعية والحوكمة (ESG)، سوف يُمكّن المؤسسات المالية من النظر بشكل أفضل إلى الطبيعة والتنوع البيولوجي، وبناء عليه، يجب أن يعمل كل من رأس المال العام والخاص بطرق تعاونية ومبتكرة لتمويل التنوع البيولوجي ونماذج الأعمال الإيجابية للطبيعة.
الإمارات نموذجًا
تحظى قضية التنوع البيولوجي (المحافظة على الحياة الفطرية وتنميتها) باهتمام بالغ في دولة الإمارات، تعكسه الجهود الضخمة التي بذلتها الدولة وما حققته من إنجازات هامة في هذا المجال، بدءاً بسن التشريعات ومراقبة تطبيقها، مروراً بإنشاء المناطق المحمية والتوسع فيها، وانتهاءً بالمحافظة على الأنواع المهددة بالانقراض وإكثارها وإعادة توطينها في مناطق انتشارها الطبيعية. المزيد في صفحة التنوع البيولوجي في موقع وزارة التغير المناخي والبيئة.
هذا، وتهدف الاستراتيجية الوطنية للتنوع البيولوجي إلى التصدي للأسباب الكامنة وراء فقدان التنوع البيولوجي عن طريق دمج قيم التنوع البيولوجي في جميع قطاعات الدولة، وخفض الضغوط المباشرة على التنوع البيولوجي وتعزيز الاستخدام المستدام، وتحسين حالة التنوع البيولوجي عن طريق صون النظم البيئية والأنواع والتنوع الوراثي، والحرص على استدامة خدمات النظم الإيكولوجية، بالإضافة إلى تعزيز التنفيذ من خلال التخطيط التشاركي وإدارة المعارف وبناء القدرات ورفع الوعي.
تشمل استراتيجية التنوع البيولوجي 5 موجهات استراتيجية و21 هدفاً وطنياً. وقد تمت صياغة الموجهات والأهداف الوطنية بما ينسجم مع رؤية الإمارات 2021 والأجندة الوطنية، ومع أهداف "آيشي للتنوع البيولوجي" وأهداف التنمية المستدامة وبما ينسجم مع الأولويات الوطنية.
aXA6IDE4LjExOC4xOTMuMjgg
جزيرة ام اند امز