قمة العشرين.. توافق "غير معتاد" وذوبان لـ"جليد التوتر"
لقاءات ثنائية ترطب فترات من التوتر بين دول بعينها وإعلان توافقي تلقى عددا من الإشادات، لكن لا يزال البعض ينظر لقمة العشرين بأعين متشككة.
ومنذ عاصفة التوتر التي خيمت على العلاقات بين أطراف عدة من العالم، لم تحظ مناسبة دولية بقدر من "النظرة الإيجابية" من معظم الأطراف، مثلما حظيت قمة العشرين الجارية في الهند.
- زعماء "العشرين" في حضرة غاندي.. وشاحٌ وضريح وأقدام حافية
- الإمارات في قمم العشرين.. حضور بارز وبصمات خالدة
فروسيا ترى إعلانها الختامي "متوازنا" وفرنسا تنظر إليه بإيجابية، وألمانيا ترى في بعض كلماته "نصرا لأوكرانيا"، والهند تعتبره "إنجازا دبلوماسيا"، غير أن أوكرانيا "لا ترى شيئا يمكن الافتخار به".
وتفصيلا، أشادت روسيا بإعلان قمة مجموعة العشرين الذي أحجم عن انتقاد موسكو بشكل مباشر بسبب الحرب في أوكرانيا، وقالت إن قادة المجموعة يتصرفون بما يصب في صالح حل الصراع.
الإعلان
وتبنت المجموعة إعلانا توافقيا في نيودلهي أمس السبت، تجنب إدانة روسيا بسبب الحرب، لكنه دعا كافة الدول إلى عدم استخدام القوة للاستيلاء على الأراضي.
ونقلت وكالة "إنترفاكس" الروسية عن سفيتلانا لوكاش ممثلة روسيا في المجموعة القول "كانت هناك مفاوضات شاقة للغاية بشأن قضية أوكرانيا.. ونجح الموقف الجماعي لدول بريكس وشركائها، وانعكس على كل شيء بشكل متوازن".
في المقابل، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم الأحد، إن مجموعة العشرين، التي تأسست لحل القضايا الاقتصادية الدولية، ليست بالضرورة المكان المناسب لتوقع تحقيق تقدم دبلوماسي بشأن الحرب في أوكرانيا.
وتابع في مؤتمر صحفي أن إعلان مجموعة العشرين لا يمثل نصرا دبلوماسيا لروسيا التي خرجت من القمة منعزلة.
كما تبنت ألمانيا، أحد أهم الداعمين لكييف، موقفا إيجابيا، إذ قال المستشار أولاف شولتز، أمس السبت، إن إعلان قمة مجموعة العشرين الذي تم الاتفاق عليه أظهر موقفا واضحا حيال الحرب، بقوله إنه لا يمكن التشكيك في وحدة أراضي الدول باستخدام العنف.
وأضاف شولتز في تصريحات من مكان انعقاد القمة في نيودلهي "إنه بيان يدعم وحدة أراضي وسيادة أوكرانيا".
لكن كييف رفضت الكلمات التي وردت في إعلان نيودلهي، بل هاجمت الإعلان بشكل قاس. إذ قالت وزارة الخارجية الأوكرانية إن الإعلان "ليس شيئا يدعو للفخر"، منتقدة النص لعدم ذكر روسيا.
ونشر المتحدث باسم وزارة الخارجية أوليج نيكولينكو صورة للجزء المتعلق بالملف الأوكراني من الإعلان المشترك، مع شطب عدة أجزاء من النص باللون الأحمر وتصحيحها بكلمات تعكس موقف كييف بأنها "ضحية لعدوان روسي غير مبرر".
وكتب نيكولينكو على فيسبوك "من الواضح أن مشاركة الجانب الأوكراني (في اجتماع مجموعة العشرين) كانت ستسمح للمشاركين بفهم الوضع بشكل أفضل".
ذوبان الجليد
بعيدا عن النظرة الإجمالية لقمة العشرين، شهدت فعاليات القمة عددا من اللقاءات بين دول شابها بعض التوتر أو الخلافات في السابق، ما يسهم في اكتمال عملية إذابة الجليد بين هذه الدول.
إذ جرى لقاء رسمي، الأحد، بين الرئيسين المصري عبدالفتاح السيسي، والتركي رجب طيب أردوغان، أعاد الزخم للعلاقات والتنسيق والتعاون بين البلدين.
اللقاء الذي انعقد على هامش القمة الـ18 لمجموعة العشرين، أكد خلاله الجانبان ضرورة دفع مسار العلاقات بين البلدين.
وقال المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية إن "الرئيسين أكدا أهمية العمل من أجل دفع مسار العلاقات بين البلدين والبناء على التقدم الملموس في سبيل استئناف مختلف آليات التعاون الثنائي".
ومن جانبه أفاد مكتب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في بيان، بأن "الجانبين بحثا العلاقات الثنائية والتعاون في مجال الطاقة بين البلدين، فضلا عن القضايا الإقليمية والعالمية".
"نصر أفريقيا"
في خطوة تعد انتصارا دبلوماسيا للهند التي تستضيف القمة هذا العام وتظهر كزعيمة لدول الجنوب، رحّبت مجموعة العشرين رسميا يوم السبت بانضمام الاتحاد الأفريقي إلى صفوفها.
ويضمّ الاتحاد الأفريقي الذي أسّس في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا 55 دولة عضوا (بما فيها ست دول معلقة عضويتها)، ويبلغ مجموع ناتجه المحلي الإجمالي ثلاثة تريليونات دولار، وكانت القارة حتى الآن ممثلة في مجموعة العشرين بدولة واحدة هي جنوب أفريقيا.
وقال الرئيس الكيني وليام روتو، السبت، إن انضمام الاتحاد الأفريقي إلى مجموعة العشرين سيوفر "صوتا ورؤية" لأفريقيا، القارة "الأسرع نموا" في الوقت الحالي.
ورحبّت الرئاسة النيجيرية المدعوة أيضا إلى حضور قمة نيودلهي بالعضوية الجديدة كاتبة على منصة "إكس" (تويتر سابقا)، "كقارة، يسرّنا مواصلة تعزيز تطلعاتنا على الساحة العالمية عبر منصة مجموعة العشرين".
ومجموعة العشرين هي منتدى غير حكومي للاقتصادات العالمية الكبرى المتقدمة والناشئة، وتمثل الدول الأعضاء نحو 85% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي وأكثر من 75% من التجارة العالمية ونحو ثلثي عدد السكان في العالم.