العرب والأفارقة في قمة العشرين.. ثقل متزايد على طاولة أقوى اقتصادات العالم

بعد سنوات من الجهود المثابرة والعمل على التنمية الذاتية والإقليمية، أضحت الدول العربية والأفريقية محورا مركزيا على طاولة أقوى اقتصادات العالم، وفق ما كشفته النتائج غير المعتادة لقمة العشرين المنعقدة في نيودلهي.

بنظرة خبيرة على الحصاد الاقتصادي للقمة يتضح أن الدول العربية مثلت الشريك الأكثر حضورا في جميع المشاريع والتحالفات التي تمخضت عن "العشرين"، سواء في ملفات المناخ والاستدامة والطاقة والبنية التحتية والتجارة والاستثمار.

• دعم وتعزيز التجارة العالمية.. دور إماراتي رائد
• عبدالله بن زايد يشهد إطلاق التحالف العالمي للوقود الحيوي خلال "G20"
  

وفي الوقت ذاته، يمكن اعتبار أفريقيا الحاضر الأكثر لمعانا في هذه القمة التي اعترفت لأول مرة بالقارة السمراء "عضوا كامل العضوية" في مجموعة الاقتصادات الأقوى والأغنى في العالم.

العرب.. صقور التنمية للمستقبل

على الرغم من أن مجموعة العشرين تضم عضوا عربيا واحدا فقط هو السعودية، إلا أن ثلاثة آخرين يحضرون قمة هذا العام كضيوف، حيث تمت دعوة 3 دول عربية هي دولة الإمارات ومصر وعمان، وذلك من أصل 9 ضيوف.

من اللافت بالطبع، أن من بين الضيوف العرب دولتين تستضيفان أهم قمة مناخ عالمية على الإطلاق "COP" على نحو متتالي، وهما مصر التي استضافت "COP27" في 2022، ودولة الإمارات التي تتأهب لتنظيم "COP28" في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

كذلك، فإنه وقبل انطلاق القمة كان للعرب حضورهم المؤثر على الساحة الاقتصادية العالمية، سواء عن طريق قوتهم الاستثمارية أو آفاق النمو الواعدة التي يمتلكونها أو مساهمتهم المتصاعدة في حركة التجارة العالمية.

تمتلك منطقة الشرق الأوسط معدلات نمو تتراوح بين 3.5 و5% وفقا لبيانات صندوق النقد الدولي، وهي أرقام تفوق نظيرتها في الولايات المتحدة (1% فقط) أو حتى المتوسط العالمي الذي يتوقف عند 3%.

 لذا كان طبيعيا أن تكون الدول العربية شريكا بارزا في أهم المشاريع الاقتصادية التي تمخضت عنها قمة العشرين، سواء "ممر التنمية" وهو مشروع لوجستي عملاق يستهدف ربط آسيا بأوروبا عبر الشرق الأوسط، ويضم السعودية ودولة الإمارات كشركاء رئيسيين فيه.

كما يمثل مشروع "ممر التنمية" الذي تعود فكرته الأصلية بالأساس لدولة الإمارات، محورا عالميا للتنمية، من شأنه تسريع حركة التجارة وتخفيض تكلفتها على نحو ملحوظ.

من ناحية أخرى، كان للعرب حضورهم البارز في "تحالف الوقود الحيوي" الذي تم إطلاقه خلال القمة، حيث جاءت دولة الإمارات ضمن الأعضاء المؤسسين للتحالف الذي يستهدف تطوير وتعزيز استخدام الوقود الحيوي المستدام، ويساعد في تسريع الجهود العالمية لتحقيق أهداف صافي الانبعاثات الصفرية من خلال تسهيل التجارة في الوقود الحيوي المشتق من مصادر طبيعية.

أفريقيا.. اعتراف مستحق بقارة الكنوز

رحبت مجموعة العشرين في قمتها الحالية بالاتحاد الأفريقي كعضو دائم، وهو اعتراف قوي بالقارة السمراء في الوقت الذي تسعى فيه دولها الـ55 إلى الاضطلاع بدور أكثر أهمية على الساحة العالمية.

الحضور الأفريقي كان مستحقا لكنه أيضا كان متأخرا بحسب وصف الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي قال في العام الماضي إن عضوية الاتحاد الأفريقي الدائمة في مجموعة العشرين "استغرقت وقتا طويلا".

وحتى قبل هذه القمة، كانت جنوب أفريقيا العضو الأفريقي الوحيد في مجموعة العشرين.

وتشير العضوية الدائمة لأفريقيا في مجموعة العشرين إلى صعود قارة من المتوقع أن يتضاعف عدد سكانها الشباب البالغين 1.3 مليار نسمة بحلول عام 2050، وأن يشكلوا ربع سكان الكوكب.

ويأتي ذلك في وقت تسعى فيه أفريقيا إلى إصلاح النظام المالي العالمي الذي يجبر البلدان الأفريقية على الدفع أكثر من غيرها لاقتراض الأموال، مما يؤدي إلى تعميق ديونها.

كما تسعى أفريقيا بشكل متزايد إلى جذب الاستثمار والاهتمام السياسي من جيل جديد من القوى العالمية خارج الولايات المتحدة والمستعمرين الأوروبيين السابقين للقارة.

والصين حاليا هي أكبر شريك تجاري لأفريقيا وواحدة من أكبر مقرضيها، أما روسيا فهي المزود الرئيسي للأسلحة.

ولقد تحدى الزعماء الأفارقة بفارغ الصبر تصوير القارة كضحية سلبية للحرب والتطرف والجوع والكوارث، حيث يتسنى الضغط عليها لاتخاذ جانب أو آخر بين القوى العالمية.

ومع العضوية الكاملة في مجموعة العشرين يمكن للاتحاد الأفريقي أن يمثل قارة تضم أكبر منطقة للتجارة الحرة في العالم، كما أنها غنية جدا بالموارد التي يحتاجها العالم لمكافحة تغير المناخ، والتي تساهم فيها أفريقيا بأقل قدر من الموارد ولكنها الأكثر تأثراً بها.

وتمتلك القارة الأفريقية 60% من موارد الطاقة المتجددة على مستوى العالم وأكثر من 30% من المعادن الأساسية للتكنولوجيات المتجددة ومنخفضة الكربون.

كما تمتلك الكونغو وحدها ما يقرب من نصف الكوبالت في العالم، وهو معدن ضروري لبطاريات الليثيوم أيون، وفقا لتقرير للأمم المتحدة حول التنمية الاقتصادية في أفريقيا.